المنطقة على حافات الترقب
جاسم مراد
تستمر المنطقة بتحضيراتها السياسية والأمنية في حالة ترقب ، لما يجري في سوريا أولاً نتيجة عدم وضوح مشاركة التيارات والقوى والأحزاب المدنية والوطنية في حكم الإدارة الجديدة ، وبسبب ثانياً شهية إسرائيل في الاستمرار بالتوسع في احتلال الأراضي السورية والسيطرة في بعض الأراضي بجنوب لبنان ، الى ذلك الخشية من عدم الاستقرار الاقتصادي والعلاقات بين الدول نتيجة لعوامل التدخلات الدولية وفرض التهديدات المصحوبة بالضغوط وتحديات العقوبات الاقتصادية ضد ايران والتهديد بها ضد دول أخرى ، وممارسة اقسى الضغوط السياسية لتحقيق اهداف مالم تتحقق في القتال ، ومحاولة اثارة النعرات واحياء الفتن بغية تحقيق الكانتونات السياسية لإضعاف الدول وتقسيمها .
العراق بحكومته الحالية نجح بتحقيق شبكة مهمة من العلاقات العربية العراقية والعلاقات الأوروبية العراقية والعلاقات العراقية مع جيرانه ايران وتركيا ، والأهم هو تحقيق نسبة عالية ومهمة من الأمن الوطني الداخلي وتعزيز قدراته العسكرية وتنوع مصادرها ومحاولات الاتجاه شرقا للحصول على أسلحة متطورة خاصة ، مما ساعد بشكل كبير في حركة البناء والاستثمارات الداخلية وجلب الاستثمار العربي والخارجي ، فهو مشهد سياسي يعزز الثقة بين الدولة والمواطن والدولة ومنظومة دول العالم ، هذا واقع لا يمكن التجاوز علية ولا يمكن ايضاً استغفاله ، مهما تعددت وجهات النظر ومن يشاهد عمليات البناء وشبكات الجسور وبناء المستشفيات والمدارس وتوسيع الشوارع وعمليات التبليط ومحاولات تطوير الصناعة وانشاء صناعات جديدة ومشاركة القطاع الخاص في تلك الصناعات والنية المرتكزة على الإصرار في العمل لتحسين وبناء وتطوير البنى التحتية من مجاري ومياه نظيفة وغيرها من التحسينات الأخرى التي تمس المواطن ، صحيح أن الإصلاحات جارية ولكن الاصح هو غياب الكهرباء العنصر الحاسم لحياة المواطنين والتطور الصناعي والخدمي وبدونها تبقى العمليات الأخرى ناقصة الإنجاز وكذلك ضرورة فعالية محاربة الفساد والرشوة باعتبارهما أهم عناصر التخريب للاقتصاد والبلاد والمواطن.
التحسب ضرورة
ولكن هذا لا يمنع من التحسب لكل الاحتمالات عراقياً بما تنطوي عليه احتمالية تطورات الوضع في سوريا رغم كل الاحاديث التطمينية للحالة السورية ، فسوريا خاصرة العراق وقلب الامة العربية ، استقرارها فهو الاستقرار للجميع ، فقد حدثت الكثير من الاجتماعات الرسمية العربية لتفكيك الحصارات عن سوريا التي عانت منه لاكثر من ( 14) عاماً ناهيك عن الاحتلالات والتدخلات الخارجية والمنظمات الإرهابية المسيرة والمدعومة من دول معروفة بعينها ، فوجود هذا العدد الكبير من التنظيمات العابرة للحدود العربية ، بالإضافة لوجود تنظيمات داعش في الأراضي السورية يشكل تهديداً جدياً للعراق بشكل خاص والأردن ودول عربية أخرى ، فليس هناك للأمن العراقي وامن المنطقة إلا بنظام سوري وطني جامع لكل القوى والتشكيلات الاجتماعية والنهوض بسوريا سلميا واجتماعياً .
المنطقة عموماً في حالة حذر من التطورات القادمة ، واستقرارها مرهون برفع اليد من كل اشكال الإرهاب وعمليات تدويله ومناقلته حسب الخطط والاهداف التي تتناقض مع مصالح الدول وشعوب المنطقة ، ولعل الإشارات القادمة من الرئاسة الامريكية الجديدة بمعالجة وحل الصراع الروسي الاوكراني وكذلك الضغط لوقف الإبادة في قطاع غزة ومحاولة الوصول الى اتفاق بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس وإسرائيل يؤشر الى إمكانية استقرار المنطقة ، هذا إذا التزمت إسرائيل على وفق مخرجات الاتفاق والانسحاب من قطاع غزة وإدخال المساعدات للشعب الغزاوي وتبادل الاسرى بين الطرفين ، والعمل على إعادة البناء ، على كل حال فالتصريحات تؤشر الى قرب الاتفاق أو تم الاتفاق على أساس ماطرحه الرئيس الأمريكي بايدن قبل عدة اشهر ووافقت عليه حماس إلا ان إسرائيل تراجعت عنه .
المهم فأن شهية الحروب والنزاعات واضعاف الدول وتقسيمها تبقى قائمة ، وان خطر طرح المشاريع الاستعمارية الإسرائيلية للشرق الأوسط تشكل واحدا من تلك المخاطر ، وان الإرهاب هو الأداة المتنقلة لتنفيذ تلك المشاريع ، فالترقب والاستعداد هما سيدا الموقف.