سنوات طويلة والقلم يزفر ناره
ثامر مراد
سنوات مضت، والقلم لم يعرف الراحة. يزفر ناره كأنه يحمل في جوفه أوجاع العالم بأسره، يحترق ليضيء، ويذوب ليترك أثرًا لا يندثر. كل حرفٍ خطَّه كان صرخةً في وجه الظلم، وكل كلمةٍ نسجها كانت محاولةً يائسة لإيقاظ الضمائر التي أغلقت أبوابها.
في ليل الصمت، كان القلم صديقًا وحيدًا، يروي له آلامه ويحمّله أمانيه، يضع بين يديه أوجاع وطنه وأحلام شعبه. كان يعرف أن زفراته لن تجد صدى، لكنه لم يتوقف، فقد كان مؤمنًا أن الحروف قد تُنبت في يوم ما شجرةً تُظلُّ من يأتي بعده.
لم يكن القلم يومًا مجرد أداة كتابة، بل كان نبضًا حيًّا، روحًا تتنفس الألم وتنشره على الورق. كل جملة كتبها كانت نافذة إلى عالم من الحقائق الموجعة، وكل نقطة حبر سالت كانت دمعةً على واقع قاسٍ.
ورغم التعب، لم يندم القلم على زفراته. كان يعرف أن الصدق لا يموت، وأن ما يُزرع بيد الأمل لا بد أن يزهر يومًا، حتى وإن تأخر الربيع.