انتهيت للتو من مشاهدة الحلقات العشر من المسلسل العراقي الجديد (رأس الهرم) لبطلها ومؤلفها النجم أحمد وحيد ، بعد سلسلة اكشنات ومفاجئات ومؤامرات وسلاح اطاح بنصف عدد الممثلين جميعاً وكما يقول عادل امام في جملته الشهيرة (ثم مات الممثلون جميعا) ومن بينهم المولف وبطل العمل الذي يمثل رأس الهرم، في مشاهد الحلقة الاخيرة.
المسلسل اعتمد دراما جديدة على المشاهد العراقي وتناول الاحداث بجرأة عالية اعتمدت على المفاجأة والاحداث اللامتوقعة، والاداء المبهر لابطال العمل ، ولعل اولهم المبدع ، يحيى ابراهيم وتليه الجميلة زهور علاء التي اتقنت دور الصحفية مديرة القناة، التي تسعى وراء الحقيقة والعدالة، وقبلها فاجئنا احمد وحيد بدوره البعيد عن الكوميديا وعن كل ادواره السابقة.
المسلسل سياسي بامتياز يناقش احوال السياسة في العراق بكل تناقضاتها وواقعها المرير وتغول حيتان الفاسدين، وقد جاء مضغوط بحلقاته، وهذا متعمد كي لايدب الملل فينا خاصة بعد ان حسمت الافكار منذ البداية، الحلقة الاولى منه تجسيد لفترة ولاية حكومة مصطفى الكاظمي اللاعب مع الشياطين، والذي يتعرض لضغط الاحزاب الكبرى، لكن الحلقات التي بعدها تجعلنا امام رئيس دكتاتوري مستبد،سرعان مايبدل جلده ليظهر لنا بثوب اخر.
يعلن رئيس الحكومة في الحلقة الاولى ( اليوم ناقشنا الكثير من الأمور، وفي مقدمتها حصر السلاح بيد الدولة. هذا العنوان المضحك بحيث حتى الدولة ظلت تستحي تقول آني أحاول أحصر السلاح بيد الدولة. لأنه بصراحة لكيت المشكلة مو بس مشكلة سلاح. المشكلة أنو إحنا قبل أن نحصر السلاح بيد الدولة، لازم نحصر القوات المسلحة بيد الدولة. والمشاريع بيد الدولة. والقرار بيد الدولة. والفلوس بيد الدولة. صار لنا سنوات نصيح راح نقضي على الفساد، والحكومة راح تقضي على الفساد، إلى أن قضى الفساد على الحكومة.
الســلاح أكبر من الدولة ، ونحن نعمل على تكبير الدولة لتكون بحجم الســلاح.»
ولن يكون هناك سـلاح خارج يد الدولة ، احنا ماگادرين نحصر الســلاح بيد الدولة لان السلاح صار اكبر من الدولة، احنا راح نكبر الدولة علمود تصير بكد السـلاح، احنا جاي نروح على السـلاح المو قانوني و نسويه قانوني).
لابد من تأشير ان المسلسل جريء في طرحه للأفكار التي يتداولها الناس، استطاع ايصال رسالته بسهولة خاصة مع احداث عاصرها الجميع خلال العشرين سنة الماضية، ولو انه استوحى بعضا من دكتاتورية النظام السابق، ربما لمسك العصا من الوسط ، كما انه عالج اشكالية محورية في ادارة الدولة وايهما الاكثر قدرة على ضبط الامن، سلطة القانون والحريات والديمقراطية ، ام الدكتاتورية والحزب الواحد ولغة الدم.
الحلقة الاخيرة، تقول ان الدم مازال يجري والتقاتل على السلطة والحكم مستمر وبقى السؤال بلا اجابة مقنعة.