الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نحو إستراتيجية مستديمة للتعاون بين الجامعات والشركات الصناعية والتقنية

بواسطة azzaman

نحو إستراتيجية مستديمة للتعاون بين الجامعات والشركات الصناعية والتقنية

نادر عبد الغفور احمد

 

مقدمة

يعتبر التعاون التقني المستدام بين الجامعات والشركات الصناعية من اهم مقومات ادارة الموارد البشرية والتقنية و الاقتصادية في اي مجتمع. وفي السنوات العشرة الاخيرة ازدادت الحاجة لمثل هذا التعاون لاسباب عديدة منها استخدام نتائج الابحاث العلمية في الجامعات ونقلها الى حيز التطبيق الصناعي لتطوير او انتاج تقنيات جديدة يمكنها المساهمة في التطور الاقتصادي والتنموي في البلد. وكذلك لتهيئة الموارد البشرية والتقنية المتخصصة من الخريجين للعمل في المجال الصناعي مباشرة وبدون الحاجة الى دورات تدريبية اخرى.

ولعل من اهم هذه الاسباب القدرة المحدودة في الميزانية المالية المحددة لدى هذه الشركات لصرفها على مشاريع البحث والتطوير او لانفاقها على الدورات التدريبية للعاملين الجدد من الخريجين. ويساعد هذا على حل بعض المشاكل المتعلقة بانتاج او ادارة تلك الشركات. ومن هنا يبرز دور الجامعة كشريك معرفي تقني يملك الطاقات والموارد العلمية والبحثية للمساعدة على دفع الانتاج وتحسين نوعيته وتهيئة الطلبة لهذا الغرض. وتعتبر الشركات هذا النوع من التعاون بمثابة استثمار في الموارد البشرية التقنية لتطوير قدراتها الصناعية والانتاجية والادارية. وكثيرا ماتشكو الشركات الصناعية والتقنية من قلة مهارات الطلبة الخريجين واستعدادهم للعمل الصناعي او التجاري بسبب نقص التدريب التقني او عدم وجود مشاريع التدريب الصناعي والتقني ضمن المنهج التدريسي الجامعي اثناء سنوات الدراسة الجامعية. وهذا سبب اخر يشجع الشركات الصناعية على التعاون مع الجامعة لرفدها بالموارد البشرية التقنية المتخصصة والمؤهلة للدخول في اسواق العمل الصناعي والتقني.   في نفس الوقت ترحب الجامعات بمثل هذا التعاون المشترك لاسباب مختلفة منها الحصول على الدعم المالي من الشركات الصناعية والتقنية  للانفاق على برامج البحث والتطوير العلمي داخل الجامعات مما يعكس نتائج تلك الابحاث لتطوير منتجات الشركات الصناعية. وكذلك في تهيئة التنمية البشرية التقنية الكفوءة لاحتواء العدد المتزايد من الخريجين في سوق العمل. اي ان مثل هذا التعاون يعود بالمنفعة على الطرفين. ويجب الاخذ بالاعتبار ان المشاريع العلمية او التدريبية الجامعية غالبأ ماتجري ببطء للحصول على النتائج المطلوبة. اما المشاريع الصناعية فتتطلب اتخاذ القرارات السريعة والناجعة للحصول على حلول سريعة لغرض عدم عرقلة عجلة الانتاج التي قد تؤثر على العوائد المادية للشركة.

مذكرات تفاهم

 ومن الضروري طرح هذه النقطة خلال مناقشة بروتوكولات او مذكرات التفاهم لوضع حد زمني لكل مشروع صناعي او تدريبي يطرح على الجامعة .

 كذلك فان المشاريع البحثية الصناعية غالبا ماتتطلب حلولا مبسطة يمكن تطبيقها عمليا ولاتتطلب القيام بحسابات رياضات او نماذج حسابية معقدة للحصول على الحلول الطلوبة. والفرق الاخر ان الجامعة تستثمر في الانسان لزيادة درجة وعيه ومعرفته التقنية العلمية بينما غالبا مايستثمر العمل الصناعي في الالة باعتبارها وسيلة الانتاج التي تنتج العمل لكنه يحتاج الى طاقم بشري ذو كفاءة لادارة تلك الالة. وهناك فجوات اخرى بين العمل الاكاديمي والعمل الصناعي اذ ان العمل الصناعي لايهتم بالابحاث العلمية المعقدة بقدر اهتمامه بتدوير عملية الانتاج لتتطابق مع حاجة الاسواق الانية والمستقبلية. لذلك فهناك دائما فجوة بين العمل الاكاديمي والعمل الصناعي. ومن هنا تاتي اهمية التعاون المشترك لتضييق هذه الفجوة مما يعود بالفوائد على الطرفين.

2- توقيع بروتوكولات او مذكرات تفاهم مستدامة بين الجامعات والشركات الصناعية والتقنية قامت بعض الدول بانشاء مراكز قومية متخصصة للاشراف على التعاون بين الجامعات والشركات الصناعية والتقنية ووضع الاسس القانونية لمثل هذا التعاون بحيث لايمكن لاي طرف استغلال التقنية والمعرفة التي اكتسبها من الطرف الاخر لاغراضه الخاصة.

ولعل من اهم اولى خطوات التعاون توقيع بروتوكولات او مذكرات تفاهم بين الطرفين لتحديد شكل التعاون المشترك ضمن الاسس القانونية والمالية المتفق عليها. وغالبا مايتخذ التعاون المشترك اوجها مختلفة لكنها تصب في مصلحة ومنفعة الطرفين معا. هذا التعاون يعني ان الطرفين يعملان للوصول الى هدف مشترك ذو منفعة لهما.

ومن اهم خصائص بروتوكولات او مذكرات التفاهم للتعاون المشترك مايلي:

1- الثقة المتبادلة بين الطرفين وتبادل الاراء ووجهات النظر بحرية.

2- الشفافية في التعاون.

3- السماع للطرف الاخرواحترام اراء الطرف الاخر.

4- العمل المشترك ضمن فريق واحد وليس عمل فردي.

5- حل المشاكل المحتملة بحكمة ودراية وبحيادية.

6- القبول بكفاءة الطرف الاخر والتعامل معه على هذا الاساس.

7- التعاون يجب ان لايكون من طرف واحد بل من كلا الطرفين معا.

8- يجب ان يحترم كل طرف الملكية الفردية للمعلومات الموجودة لدى الطرف الاخر.وغالبا ماتكون قضية الملكية الفردية للمعلومات محل نقاش وتفاهم عند وضع مذكرات التفاهم و التعاون المشترك.

9- يجب ان يعتبر بلوغ الهدف المشترك نجاحا للطرفين وليس لطرف واحد على حساب الطرف الاخر.

مشروع تعاون

10- يتم الاشراف على العمل المشترك من خلال لجنة متخصصة تشمل اعضاء من الطرفين. وتلتقي هذه اللجنة بصورة دورية لمناقشة مشروع التعاون المشترك والعمل على دفعه نحو الامام من خلال مساهمة الطرفين حسب الاتفاق.

3- اعمال اللجنة المشتركة لادارة المشاريع ضمن مذكرات التفاهم المتفق عليها

1- تحديد الغرض من مشروع التعاون وتبادل وجهات النظر حول الغرض والهدف.

2-  يسمح للشركات الصناعية استخدام مراكز البحث العلمي والاجهزة المختبرية في الجامعة ضمن هذه الاتفاقية والعكس ايضا.

2- يجب اعتبار الجامعة كمركز ابداع معرفي وتقني لتطوير الافكار الجديدة المتقدمة ولتهيئة الموارد البشرية المتخصة من الخريجين.

3- يمكن ان تساهم الشركات الصناعية بمشاريع البحث العلمي والتدريبي داخل الجامعة  بواسطة توفير ميزانية مالية خاصة وتبادل الخبرات بين فريق البحث العلمي والاداري في الجامعة مع نظيره في الشركة الصناعية.

4- يجب ان تتفهم الجامعة متطلبات الشركة الصناعية لتطوير عملها عن طريق توفير الاستشارات المستمرة.

4- دور الجامعة ضمن التفاقيات التعاون المشترك

1- سيمنح مثل هذا التعاون الفرصة لطلاب سنوات الدراسة الاخيرة للتدريب في الشركات الصناعية للحصول على بعض المعرفة والكفاءة بعيدا عن الاجواء الاكاديمية.

2- تاهيل طلبة السنوات الاخيرة من الدراسة الجامعية للتعرف على الاجواء الصناعية وكيفية عمل تلك الشركات. ويعني هذا ان الطالب المتخرج سيملك بعض الخبرة والمهارة الصناعية مما يوهله للدخول الى سوق العمل بسرعة وبدون الحاجة الى تدريب اضافي.

3- توفير فرص عمل للطلبة بعد التخرج للحصول على الوظائف في الشركات التي قامت بتدريبهم حيث سيكونون مؤهلين اكثير من غيرهم لتطوير عمل الشركة الصناعية.

4- يمكن للجامعة عقد دورات متخصصة مع الشركات الصناعية لمناقشة طرق الانتاج ولطرح بعض المشاكل التي تواجه الشركة الصناعية . وستمنح تلك الدورات الفرصة للتعرف على الطلاب المهتمين بعمل مثل هذه الشركات (المصطلح الغربي المستخدم هو اقتناص العقول).

5- يمكن للجامعة نشر نتائج الابحاث العلمية المشتركة مع الشركات الصناعية في المجلات العلمية المتخصصة حسب الاتفــــاق بين الطرفين.

6- يمكن لبعض كوادر الجامعة التدريب في الشركات الصناعية لزيادة معرفتهم بمتطلبات العمل الصناعي مما يمكنهم من وضع منهج تدريبي صناعي للطلبة ضمن المنهج الدراسي ليتطابق مع متطلبات الانتاج الصناعي .7- يمكن لكوادر الجامعة فتح دورات تدريبية للعاملين في المجال الصناعي داخل الحرم الجامعي بغية تطوير مهاراتهم في استخدام البرامج الالكترونية الحسابية الحديثة لتطوير عمل الشركة الصناعية.

 ويشمل هذا برامج الحاسبات الالكترونية لوضع التصاميم الصناعية للاجهزة او تصاميم الهندسة المدنية وكذلك استخدام الحاسبات الالكترونية للاشراف على الانتاج (مكننة الانتاج الصناعي باستخدام الحاسبات الالكترونية).

8- تدعو الجامعة اشخاص ذو اختصاص صناعي من الشركات الصناعية لالقاء محاضرات على الطلبة لتعريفهم على اجواء العمل والانتاج الصناعي . وهذه المحاضرات تكون بصورة موسمية او دورية حسب الاتفاق وليس لها علاقة بالمنهج التدريسي. ويقوم المحاضرون من الشركة الصناعية بتعريف الطلبة على واقع العمل الصناعي والتجاري وكيفية معالجة المشاكل الصناعية التي تحدث عادة في عملية الانتاج.

9- يمكن للجامعة تفعيل مشروع (التنسيب الصناعي)( هذا المشروع موجود ضمن مناهج الجامعات البريطانية) ضمن المنهج التعليمي لطلاب السنة الثانية او الثالثة وهو مشروع اختياري يمكن للطالب بموجبه العمل مع الشركة الصناعية لفترة لاتتجاوزمن ثلاثة الى ستة اشهر بمكافأة مالية معينة تدفع من قبل الشركة لكسب المهارات الصناعية ويعود بعدها للجامعة للاستمرار في دراسته. ويقوم المشرف الجامعي بتقييم عمل الطالب في الشركة الصناعية بصورة دورية واعتبار ذلك جزء من دراسته الجامعية. المكافأة المالية ضرورية لتحفيز الطلبة للالتحاق بمثل هذا المشروع

5- دور الشركات الصناعية ضمن اتفاقية التعاون المشترك

سيمنح هذا التعاون الفرصة لدى الشركة الصناعية لوضع اطار عملي وقانوني لتحديد اسس واهداف التعاون المشتركة للحصول على الفوائد المستوخاة. وسيكون دور هذه الشركات مايلي:

1- التعرف على العقول المبدعة من اوساط الطلبة والتي يمكنها المساهمة في تطوير عمل الشركة الصناعية من ناحية ادارة عملية الانتاج وتحسين نوعية الانتاج وحل المشاكل الصناعية وكذلك سرعة طرح المنتج في الاسواق.

2- طرح بعض المشاريع الصناعية على اللجنة المشتركة لاجراءها من قبل طلاب السنة الاخيرة ضمن مشروع البحث العلمي والذي يعتبر جزء من الدراسة والحصول على الشهادة الجامعية. اي ان مشاريع البحث المخصصة لطلاب السنة الاخير ستكون ذات اتجاه صناعي تطبيقي اكثر من كونها مجرد ابحاث علمية ذات فوائد غير تطبيقية. وبذلك ستقوم المتطلبات الصناعية بتوجيه انواع البحث العلمي في الجامعة للاستفادة منها.

3- يمكن لبعض كوادر الشركة الصناعية التدريب في الجامعة ضمن دورات جامعية متخصصة لزيادة اكتسابهم المعرفة العلمية والتقنية وبالتالي زيادة مهاراتهم المعرفية والصناعية.

4- يمكن للشركة الصناعية الاستفادة من تقنية المعلومات المتوفرة في الجامعة لتطوير عملها.

5- يمكن للشركة الصناعية الاستفادة من خبرات الطاقم التدريسي في الجامعة والاستفادة من خبراتهم لتطوير عملهم. ويتم ذلك من خلال اطار استشاري ضمن اتفاقية التعاون المشترك على ان تقوم الشركة بتغطية تكاليف الطاقم الجامعي ومنحهم بعض المكافأت المالية.

6- يمكن للشركة الصناعية ارسال بعض طاقمها واللذين لايملكون شهادة جامعية الى الجامعة والدراسة فيها للحصول على الشهادة الجامعية لغرض زيادة مهاراتهم المعرفية ولاغراض الترفيع الاداري.

7- يمكن للشركات الصناعية توفير بعض الاجهزة المختبرية للجامعة اما عن طريق الاعارة او المنحة لغرض استخدامها في التجارب والتحليلات المختبرية ضمن المنهج الدراسي لزيادة وعي الطلبة على استخدام مثل هذه الاجهزة.

8- يمكن للشركات الصناعية توجيه الدعوة للطاقم الجامعي المتخصص لالقاء محاضرات تقنية او لاجراء الورش التدريبية داخل الشركة لغرض زيادة المعرفة لطاقم الشركة والتعرف على معلومات علمية حديثة يمكنهم الاستفادة منها في عملهم الصناعي.

6- الفوائد المتوخاة من هذا المشروع على الطلبة

لعل من اهم المستفيدين من برنامج التعاون المشترك بين الجامعة والشركات الصناعية والتقنية هم الطلبة والمجتمع ايضا. اذ ان المشروع سيزيد من حماسة الطلبة للحصول على الخبرة والمهارة الصناعية والتنمية البشرية والتي ستؤهلهم للدخول في سوق العمل الصناعي باقل صعوبة ممكنة وباقل فترة للتدريب. ويعني ذلك ايضا توفير اسواق العمل ضمن مشروع التنمية البشرية ومن خلال الوظائف التي يحصلون عليها في الشركة التي قامت بتدريبهم خلال الدراسة الجامعية. وغالبا مايكون الطلبة الخريجين سعداء بمثل هذه الوظائف الصناعية لانه سيصبح بامكانهم الدخول الى العالم  التجاري الصناعي والتعرف على الاجهزة والطرق الجديدة في الانتاج واستغلال بعض مهاراتهم النظرية التي اكتسبوها من خلال دراستهم الجامعية لتطبيقها عمليا وصناعيا. كذلك يمكنهم ايضا الاطلاع على ادارة العمل الصناعي وطرق اتخاذ القرارت الادارية والتقنية المتعلقة بحاجة الانتاج والاسواق. اما بالنسبة للمجتمع فان التعاون المشترك بين الجامعة والشركات الصناعية سيوفر فرص العمل للخريجين ويقلل من نسبة البطالة ويؤدي الى تحسن نوعية الانتاج مما ينعكس على تحسن الظروف المعيشية للافراد والمجتمع.

 


مشاهدات 714
الكاتب نادر عبد الغفور احمد
أضيف 2023/10/20 - 4:29 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 5:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 260 الشهر 7828 الكلي 9369900
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير