حول التحدّيات التي يواجهها العراق
مظفر عبد العال
يواجه العراق تحديات كبيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية، وهذه التحديات تتطلب معالجة جادة من قبل النظام السياسي بروح المسؤولية التاريخية ومن منطلق التكليف الذي منحه الشعب للقائمين على اتخاذ القرارات. يجب أن يعمل المسؤولون على تذليل هذه التحديات من أجل تحسين الوضع المعيشي للمواطنين وتحقيق التنمية المستدامة. يمكن تناول هذه التحديات من خلال النقاط التالية:
1. التحديات السياسية
الفساد السياسي
يعاني العراق من مشكلة كبيرة تتمثل في الفساد الذي يطال معظم القطاعات الحكومية. هذا الفساد يعوق التنمية المستدامة ويؤثر سلبًا على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين مثل التعليم، الصحة، والكهرباء. الفساد يساهم في تبديد الموارد المالية ويحول دون استخدامها في مشاريع التنمية الحقيقية. هذا الوضع يجعل من الصعب تحقيق العدالة الاجتماعية ويؤدي إلى تزايد الإحباط بين المواطنين.
النظام السياسي الهش
يعاني العراق من هشاشة في النظام السياسي، نتيجة لتعدد المكونات الطائفية والعرقية داخل المجتمع العراقي، مما يعزز من نفوذ الأحزاب السياسية التي تركز على مصالحها الخاصة على حساب المصلحة العامة. الطائفية والمصالح الحزبية الضيقة تؤدي إلى انقسامات حادة في البلاد، مما يعوق اتخاذ قرارات موحدة تتسم بالشفافية والعدالة. هذا ينعكس على فعالية الحكومة في إدارة شؤون البلاد وتحقيق الإصلاحات المطلوبة.
2. الاقتصاد العراقي
-اعتماد مفرط على يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على صادرات النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. هذا الاعتماد يجعل العراق عرضة للتقلبات في أسعار النفط العالمية، مما يؤثر بشكل مباشر على استقرار الاقتصاد. في فترات انخفاض أسعار النفط، يواجه العراق عجزًا في الميزانية وتباطؤًا في تنفيذ مشاريع البنية التحتية والتنمية. كما أن التركيز على النفط فقط يعوق تنمية قطاعات اقتصادية أخرى مثل الزراعة والصناعة، مما يزيد من هشاشة الاقتصاد في مواجهة الصدمات الاقتصادية العالمية.
البطالة والفقر
تعد البطالة من أبرز التحديات الاقتصادية في العراق، حيث يعاني الكثير من الشباب من عدم توفر فرص العمل. وبحسب التقارير، فإن نسبة البطالة في صفوف الشباب تتجاوز 25 بالمئة ، مما يشكل تهديدًا للاستقرار الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، يعاني العديد من العراقيين من الفقر المدقع نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة. البطالة والفقر يؤديان إلى تزايد معدلات الهجرة الداخلية والخارجية، مما يساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
3. الأمن والاستقرار
التهديدات الأمنية
على الرغم من أن العراق قد حقق تقدمًا في محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، إلا أن هناك تهديدات أمنية مستمرة من الجماعات المسلحة التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار في بعض المناطق. لا تزال بعض المناطق في العراق تشهد نشاطًا إرهابيًا واشتباكات مسلحة بين قوات الأمن والجماعات المتطرفة. كما أن هناك تهديدات من تنظيمات أخرى مثل تنظيم «القاعدة»، فضلاً عن تأثيرات النزاعات الإقليمية التي تؤثر على الأمن الداخلي.
المليشيات المسلحة
لا يقتصر التحدي الأمني على الجماعات الإرهابية فقط، بل يشمل أيضًا المليشيات المسلحة التي تتدخل في السياسة الداخلية وتؤثر على سيادة الدولة. هذه المليشيات، المدعومة من دول إقليمية مثل إيران، تلعب دورًا كبيرًا في المشهد الأمني، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في العراق ويضعف قدرة الدولة على فرض سلطتها في بعض المناطق.
4. البنية التحتية والخدمات
الافتقار إلى الخدمات الأساسية
رغم وجود موارد مالية ضخمة في العراق، إلا أن البنية التحتية والخدمات الأساسية في العديد من المدن العراقية لا تزال غير كافية. يعاني المواطنون من انقطاع الكهرباء والمياه بشكل مستمر، وتوجد مشاكل في قطاع الصحة والتعليم. المستشفيات والمدارس تعاني من نقص في الموارد والمعدات، مما يؤثر بشكل سلبي على جودة الحياة في البلاد. هذا الفشل في تقديم الخدمات الأساسية يزيد من استياء المواطنين ويعزز من مشاعر الإحباط والتهميش.
5. التحديات الاجتماعية
الطائفية والتمييز الاجتماعي
الصراع الطائفي بين المكونات المختلفة في العراق (السنة، الشيعة، الأكراد) يمثل أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الوضع السياسي والاجتماعي. هذا الصراع ليس فقط على المستوى السياسي، ولكن أيضًا في الحياة اليومية حيث يعاني المواطنون من التمييز بسبب انتماءاتهم الدينية أو العرقية. هذا يضعف التماسك الاجتماعي ويؤثر على قدرة الدولة على بناء هوية وطنية موحدة.
التهميش الاجتماعي
يعاني العديد من الأفراد والجماعات، مثل الأكراد والمسيحيين والتركمان، من التهميش الاجتماعي والسياسي. هؤلاء المواطنون يعانون من عدم تمثيل كافٍ في الحكومة ويواجهون تحديات في الحصول على حقوقهم الأساسية، ما يساهم في تعميق الانقسامات داخل المجتمع العراقي.
6. آفاق المستقبل
- الإصلاحات السياسية والاقتصادية:
من أجل معالجة هذه التحديات، يجب أن يكون هناك إصلاحات جادة على المستويين السياسي والاقتصادي. الإصلاحات السياسية يجب أن تركز على تعزيز الديمقراطية، وتقوية المؤسسات الحكومية، وتقليل تأثيرات الطائفية والمصالح الحزبية. أما على المستوى الاقتصادي، يجب أن يتم تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط من خلال الاستثمار في القطاعات الأخرى مثل الزراعة والصناعة.
التعليم والشباب كمحرك للتغيير
التعليم هو الأساس لبناء جيل قادر على مواجهة التحديات المستقبلية. يجب أن يتم تحسين النظام التعليمي في العراق وتوفير الفرص للشباب العراقي ليكونوا جزءًا من عملية التغيير. الشباب العراقي يمثلون الأمل في المستقبل، ويجب أن يتم تمكينهم من خلال فرص العمل والتعليم والمشاركة الفاعلة من اجل بنا العراق
وبذلك فان المسؤولية الاولى تقع على عاتق الحكومة و القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية في توفير الامكانات لما يخلق حالة من الحالات التي يتطلع اليها المجتمع في عملية البناء.