الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سليم يصنع في طفولته تماثيل من الطين تحاكي لعب الصغار

بواسطة azzaman

الوفاة المبكّرة تحرمه من رؤية إكتمال نصب الحرية

سليم يصنع في طفولته تماثيل من الطين تحاكي لعب الصغار

بغداد -  جواد الرميثي

ولد جَواد مُحمد سَليم عبدُ القادِر الخالِدي في أنقرة لأبوين عِراقيين منَ الموصل ونَشأ في عائلة فَنية اِشتُهرت بالرسم ، كان والده الحاج سليم ضابِطًا عسكريًا مُتمركِزًا في أنقرة وقت ولادة جَواد ، لكنه عاد إلى بَغداد في عشرينات القِرن الماضي ، كان والدُه فنانًا ووالدَتُه فنانة تطريزة ماهِرة ، وأخوته سُعاد ونَزار ونزيهة كلهُم فَنانين تشكيليين . كان مُنذ طفولته يصنع من الطين تماثيل تحاكي لعب الأطفال . أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في بغداد .نالَ وهوَ بعُمر 11 عامًا الجائزة الفضية في النَحت في أول مَعرض للفنون في بغداد سنة 1931 وأرسل في بعثة إلى فرنسا حيث درسَ النَحت في باريس بين 1938-1939 وتوقفت دراسته بسبب اندلاع الحرب. انتقل إلى روما بين 1939-1940، ولكن مرة أخرى توقفت دراسته بسبب الحرب ، ما أجبره على العَودة إلى بَغداد في نِهاية الحَرب . التحقَ بمدرسة سليد للفنون الجميلة في لندن بين 1946-1948،  وتأثر بشِدة بالفنانين الغربيين أمثال بابلو بيكاسو وهنري مور .

 في إنكلترا، التقى جواد بالفنانة لورنا ، من مواليد شيفيلد ، وتزوجا في عام 1950.خِلال فَترة توقف دِراسته، عمل في صيانة الآثار بالمتحف العراقي بين 1940-1945.عمل رئيسا لقسم النحت في مَعهد الفنون الجميلة في بغداد حتى وفاته سنة 1961. عرّفته دراسَتُه على تقاليد الفَن العِراقي القديمة ، وسعى بوعي إلى اكتِشاف إمكانيات الجَمع بين الزخارف القديمة والفن التجريدي الحديث الذي لاحظه في أوروبا.و أشارت زوجته لورنا إلى أنه كان مفتونًا بمنحوتات بلاد الرافدين حيث قالت:(كان يَهَدُف لخَلق لُغة فَنية فَريدة للعِراق، مَبنية على الفن العَظيم لحضاراتِه الماضِية، سومر، بابل، آشور وبالطبع الفَن الاسلامي ولكن بلُغَة القرن العشرين) . يُنسب إليه المُحاولة الأولى (كفنان عِراقي) للرَسم والنَحت أعتِمادًا على تُراث بَلده، وتوجيه الفَنانين المَحليين نَحو الأسلوب العِراقي المُميز . أقيم أول مَعرض فردي له في المَنزل الخاص للمهندس المِعماري العَراقي البارز محمد مكية. في عام 1944 تمت دَعوَتُه لمُساعدة عُلماء الآثار في أعمال التَرميم الضرورية .وهو أحد مؤسسي جماعة بَغداد للفَن الحَديث مع زميليه  شاكر حسن آل سعيد ومحمد غني حكمت ، وهي مَجموعة حاولت الجَمع بينَ تقاليد الفن العِراقي القَديم والتقنيات الأوروبية الحديثة،  كان شعارهم (أستِلهامُ التُراث).استوحى إلى جانب آل سعيد وأعضاء آخرين في المَجموعة، مِن فَنون مَدرسة بغداد التي تعود إلى القرن الثالث عشر وأعمال الخطاطين والرسامين القداما .

لفتَ انتباه الجَماهير الدولية للمرة الاولى في عام 1952 عِندما شارك في المُسابقة بعمل (السَجين السِياسي المَجهول) وكان واحدًا من 80 عَمل تم اختيارُه من بين 3500 مُشاركة، لكي يَتمُ عرضُها في مَعرض تيت لندن ، وكان الفنان العربي الوحيد الذي تم تضمينه في المَعرض .

في العام التالي قام بجولة في الولايات المتحدة وتم استقبال عمله بشكل جيد . بالرغم من أنه عمل رسامًا ونحاتًا ، إلا أنَ مَخاوفه بشأن مُمارسة كليهما في وقت قَد أزعَجَتهُ. في نهاية الخَمسينات منَ القرن الماضي، اتخذ قرارًا بالتركيز على النَحت حصرًا .في عام 1959 وبعد فترة وجَيزة من حِصول العِراق على استِقلاله،  كلٌفه الزعيم  عبد الكريم قاسم بإنشاء نَصب تِذكاري في وَسط العاصِمة ، ليكونَ احتفالًا بحصول العراق عَلى استِقلاله. كان منَ المُقرر أن يَقع النَصب في قَلب  بَغداد ويطل على ساحة التحرير وجسر الجمهورية.

أدرك النحات أن النصب يجب أن يكون رمزًا لعالَم جَديد ، وصمم عملاً كان سرديًا لثورة 1958، لكنه أشاد أيضًا بتاريخ الفن العراقي العَميق من خلال تَضمين النقوش الجدارية العباسية والبابلية ، وإنتاج نحتًا كانَ (حديثًا بشكل لافِت للنَظر) ولكن بنَفس الوَقت يُشير إلى التُراث .عمل سليم على المَشروع في ظل ظروف صَعبة ، وقاوم كل مُحاولات الزعيم قاسِم لدمج صورتَه فيه . في البِداية ، أراد سليم أن يكون النَحت على مُستوى الأرض، لكن المُهندس المِعماري رفعت الجادرجي أصرّ على رفعه بحيث يبدو أكثر (أثرًا). بالتالي، سَيواجه النَصب حَركة المرور المُزدحمة بدلاً من الأشخاص الذين يَمشون في الحَدائق المجاورة . بالرغم من أن النَصب كان من تَصميم سليم ، إلا أنه لم يره حتى اكتماله  لوفاته المُبكرة ، تم الانتهاء من المَشروع في عام 1961 من قبل صَديق سليم ، النَحات محمد غني حكمت، الذي ساعَده في السابِق مِن خلال صَب التماثيل البرونزية .نجا النَصب ، المعروف باسم (نصب الحرية) من  محاولات عدة لهَدمه ، ومن اعماله الأخرى تمثال ( الأمومة ) 1961 .

أُصيبَ بنَوبة قلبية وتوفي في المُستشفى الجُمهوري ببغداد يَوم 23 كانون الثاني 1961م عن عُمر ناهزَ 42 عامًا وشُيّع بموكب مَهيب ودُفنَ في مقبرة الخيزران في الاعظمية والتي تحيط بمسجد الإمام أبو حنيفة النعمان وتضم كثيراً من رفات فقهاء المسلمين ومراجع العلم والدين  ، لروحه الرحمة والمغفرة  .


مشاهدات 85
أضيف 2025/01/06 - 12:44 PM
آخر تحديث 2025/01/08 - 5:45 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 105 الشهر 3482 الكلي 10093447
الوقت الآن
الأربعاء 2025/1/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير