هل يحق للعراق تسليم سلمان الخالدي؟
تحليل قانوني بين التهم السياسية والجنائية
ماجد الربيعي
قضية تسليم المواطن الكويتي سلمان الخالدي أثارت جدلاً قانونياً واسعاً، خاصة في ظل عدم تقديمه طلب لجوء سياسي في العراق. السؤال الرئيسي المطروح هنا هو: هل يحق للحكومة العراقية تسليمه إلى الكويت، أم أن هناك اعتبارات قانونية تمنع ذلك؟ للإجابة على هذا السؤال، لابد من التمييز بين التهم السياسية والتهم الجنائية الموجهة ضده، فكل نوع من التهم له تأثيره المختلف على قرار التسليم. إضافة إلى ذلك، فإن تحليل تأثير عدم تقديم الخالدي طلب لجوء سياسي في العراق يعد أمراً بالغ الأهمية لفهم ما إذا كان العراق ملزماً بتسليمه وفقاً للقوانين المحلية والدولية.
أولاً، يجب تحديد ما إذا كانت التهم الموجهة إلى الخالدي سياسية أو جنائية. التهم السياسية هي تلك التي تتعلق بمعارضة الحكومة أو النظام السياسي، مثل التحريض ضد النظام، أو التآمر السياسي، أو الأنشطة المعارضة للسلطة القائمة. من جهة أخرى، التهم الجنائية تتعلق بأفعال معاقب عليها قانوناً مثل أو الجرائم ضد النفس او الجرائم المالية او غيرها.
دستور عراقي
إذا كانت التهم موجهة ضد الخالدي ذات طابع سياسي، فإن الدستور العراقي يحظر تسليم أي شخص متهم بتهم سياسية إلى دولة أخرى. وبموجب المادة 21 من الدستور العراقي: لا يجوز تسليم اللاجئ السياسي إلى جهة أجنبية، أو إعادته قسراً إلى البلد الذي فرّ منه. كما أن الاتفاقية الدولية للاجئين لعام 1951، التي صادقت عليها العراق، تمنح الحماية للأشخاص الذين يفرون من بلدانهم بسبب الخوف من الاضطهاد السياسي. وبالتالي، إذا كانت التهم موجهة ضد الخالدي ذات طابع سياسي، فإن العراق ملزم بعدم تسليمه إلى الكويت حتى في حالة عدم تقديمه طلب لجوء رسمي. من ناحية أخرى، إذا كانت التهم الموجهة ضد الخالدي جنائية، فإن الوضع يختلف بشكل كبير. إذا كانت الجريمة معترفاً بها في كل من العراق والكويت، فإن العراق قد يكون ملزماً بتسليمه استناداً إلى مبدأ “التجريم المزدوج”. يتطلب ذلك أن تكون الجريمة الموجهة إلى الخالدي، مثل الاحتيال أو العنف، معاقباً عليها في كلا البلدين. وفي هذه الحالة، يكون للعراق الحق في تسليمه، بشرط أن تلتزم الكويت بتقديم ضمانات بعدم تعرضه للتعذيب أو المعاملة السيئة في حال تسليمه. رغم أن الخالدي لم يقدم طلب لجوء سياسي في العراق، فإن ذلك لا يعني أن العراق غير ملزم بحمايته من التسليم إذا كانت التهم موجهة ضدّه ذات طابع سياسي. وفقاً للاتفاقيات الدولية، وخاصة المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، لا يجوز تسليم أي شخص إذا كان هناك خطر حقيقي من تعرضه للتعذيب في الدولة التي يُسلم إليها. حتى في حالة عدم تقديمه طلب لجوء رسمي، إذا كان هناك أدلة تشير إلى أن التسليم قد يعرضه للخطر أو للمعاملة القاسية، فإن العراق ملزم بموجب التزاماته الدولية بعدم تسليمه.
أضف إلى ذلك أن المادة 3 من الإنتربول تمنع المنظمة من التدخل في القضايا ذات الطابع السياسي. وبالتالي، لا يمكن للإنتربول إصدار “النشرة الحمراء” في مثل هذه القضايا، مما يجعل تسليم الخالدي أمراً صعباً من الناحية القانونية في حال كانت التهم السياسية.
هل يحق للحكومة العراقية تسليم الخالدي؟
إذا كانت التهم الموجهة ضد الخالدي ذات طابع سياسي، فإن الحكومة العراقية لا يحق له تسليمه، حتى وإن لم يقدم طلب لجوء سياسي. فاستناداً إلى الدستور العراقي والاتفاقيات الدولية التي تعهدت بها العراق، فإن تسليم شخص متهم بتهم سياسية يعد انتهاكاً للقوانين الوطنية والدولية التي تحمي اللاجئين السياسيين.
أما إذا كانت التهم موجهة ضد الخالدي جنائية، فيمكن تسليمه بشرط تطبيق مبدأ “التجريم المزدوج”، الذي يتطلب أن تكون الجريمة معترفاً بها في كل من العراق والكويت. علاوة على ذلك، يجب أن تلتزم الكويت بتقديم ضمانات كافية بعدم تعرضه للتعذيب أو المعاملة السيئة. وفي حال عدم تقديم هذه الضمانات، فإن العراق قد يرفض التسليم بناءً على التزاماته الدولية لحماية حقوق الإنسان.
الخلاصة
تتمثل القاعدة الأساسية في أن العراق لا يحق له تسليم سلمان الخالدي إذا كانت التهم الموجهة إليه ذات طابع سياسي، حتى في حال عدم تقديمه طلب لجوء رسمي. أما إذا كانت التهم جنائية، فيجب على العراق التحقق من أن الجريمة ليست ذات طابع سياسي خفي، والتأكد من أن الكويت تلتزم بضمان حقوق الخالدي في حال تسليمه.