الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإلتزام الأخلاقي ونسبة الإنجاز للموظفين

بواسطة azzaman

الإلتزام الأخلاقي ونسبة الإنجاز للموظفين

جبار فريح شريدة

 

الإسلام ربط جميع المعاملات في الحياة العامة، بما فيها الحياة الإدارية، بالأخلاق والسلوك الجيد ، ومن ثم فلم تكن نظرته إلى موضوع العمل الإداري نظرة تجزيئية ضيقة بل نظرة شمولية وهادفة ، ومن هنا كان دعم أخلاقيات الإدارة لا يعني فقط في المنظور الإسلامي محاربة الرشوة والحفاظ على المال العام ومناهضة المحسوبية ، بل شمل ترسيخ مفاهيم المسؤولية والرعاية ، ومراعاة حقوق الناس ، وكذا العمل على تسيير علاقة المواطنين بالإدارة ودراسة تظلمهم وشكاواهم وحمايتهم من كل أشكال التعسف والشطط لدى المسئولين الإداريين، وهذا واضح في قــول النبي صلى االله عليه وسلم :» كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»  . إن نظرة الإسلام الشمولية إلى موضوع الإدارة تنطلق من كون الأخلاقيات الإسلامية تأخذ مفهوماً واسعاً يوحد توحيداً كاملاً بين الإيمان والعبادات والمعاملات ومنها المعاملات الإدارية ،ولذلك كانت الرقابة الإلهية التي ينبغي للموظف الإداري أن يراعيها قبل الرقابة الإدارية .

كل العبادات والمعاملات الإسلامية نجد أن الشرط الأساسي في قبولها عند االله تعالى هو الضابط الأخلاقي الذي شرحته النصوص الواردة في المصادر الأساسية للإسلام . والإسلام بالرغم من تأكيده على المسؤولية الفردية واعتبارها الأساس فإنه لم يهمل المسئولية الجماعية التي تجعل الموظفين في مجال التدبير الإداري متماسكين ومتضامنين على تحقيق النفع العام، وبذلك تتعدى مسؤولية الإنسان الإداري أفعاله الخاصة ومقاصده الشخصية إلى نطاق الإداري الذي يتحرك ويمارس عمله في إطاره، فهو في الوقت الذي يعتبر فيه مسئولاً عما يصدر عنه من أفعال وتصرفات وممارسات، فهو مسؤول أيضاً عما يجري في محيطه الإداري ويدور حوله ويقع من غيره، خصوصاً إذا كان هذا الغير ممن يقع تحت مسؤوليته ورعايته . هذا بالنسبة إلى نظرة الإسلام إلى مسألة أخلاقيات الإدارة وهي نظرة شمولية هادفة تدعو إلى الالتزام بالشعائر الدينية التي تسهم في  تهذيب السلوك وتزكيته، وكذا ضرورة إيقاظ الضمير الديني .

 هذا فضلا عن التأكيد على أهمية الإحساس بالمسؤولية الذي يعتبر الأساس الأول الذي يبنى عليه الضابط الأخلاقي في الأعمال الإدارية. أما على مستوى المبادئ والمفاهيم التي تحد من شيوع مظاهر الفساد والتسيب الأخلاقي في العمل الإداري بصفة عامة فقد عمل الإسلام في مجال تعيين الموظفين وغيرهم على مراعاة شروط الصلاح والكفاءة والأمانة فيمن يراد توظيفهم وهو ما يعرف بمبدأ تولية الأصلح ، وذلك من أجل دعم المحافظة على نظام الأخلاقيات في الإدارة ، ولذلك جاء في الحديث النبوي الشريف : « من استعمل عاملاً من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب االله وسنة نبيه فقد خــــان االله ورسوله وجميع  المسلمين « . وقد كان مبدأ تولية الأصلح في المناصب الإدارية ومصالح الدولة في صدر الإسلام شرطاً ضرورياً لضمان حسن تدبير أمور الدولة ووقاية الصرح الإداري من كل تفريط أو إهمال. وعلى هذا يمكن القول بأن الإسلام عالج مسألة دعم أخلاقيات الإدارة ليس عن طريق الزجر فقط وإنما عن طريق التربية والتهذيب لسلوك الإنسان وجعله يخشى االله ويراقبه قبل مراعاته للرقابة الإدارية وهذا المقال المتواضع يتحدث عن هذا الموضوع الهام ليثبت أن الأخلاق الحميدة التي وصي بها الإسلام هي الضابط الأساسي لنجاح أي عمل من الأعمال.

 


مشاهدات 110
الكاتب جبار فريح شريدة
أضيف 2024/09/07 - 12:29 AM
آخر تحديث 2024/09/13 - 6:27 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 365 الشهر 5629 الكلي 9994251
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير