الوظيفة وغياب المعايير الأخلاقية
حامد الزيادي
الوظيفة أو العمل أو المهنة هي مساهمة أو دور الفرد في المجتمع من خلال شغل أو نشاط غالبًا ما يكونُ منتظمًا وغالبًا يُقدّم مقابل الحصول على دفعات مالية من أجل المعيشة ويسمى ذلك المُقابل أجرًا ماليًا أو راتب، فهل يا ترى ان مهام الوظيفة تقتصر على المساهمة فقط ام يترتب عليها أمور أخلاقية وإنسانية تحدد العلاقة بين الموظف والمواطن؟ فالعنوان والمهام نجدها اليوم تتقاطع وتتعارض مع المفهوم العام ويبدو انها اخذت بعد آخر وفهم مختلف جعل منها أداة ووسيلة لاغراض أخرى ابعد من كونها وسيلة للعيش أو الاستقرار بل يراها البعض صورة من صور الرخاء والترف المفرط، بل تحولت إلى أداة لفرض الإيرادات والكسب غير المشروع أو حصص حزبية لشراء الذمم ، فكثير ممن فضل الوظيفة على الأعمال الحرة معتقداً انها ضمان واحترام، لكن بمرور الوقت وجد نفسه تحت رحمة الضغوطات والمغريات والعقوبات والسلوكيات الشاذة من قبيل التملق والتزلف والنفاق وبهذا حبس نفسه في نطاق ضيق للحركة لا يستطيع الخروج منه بسهولة ، حتى افرزت الوظيفة آثار اجتماعية واقتصادية كبيرة على مقدرات الدولة لغياب التخطيط والتنسيق وإهمال القطاع الخاص ومعالجة البطالة لتتجاوز إطار حركة الانفتاح التجاري ومسار السوق الحر وتنوع مصادر الدخل، ومع مرور الوقت أصبح التشبث بالوظيفة محموم والعذر غياب الفرص أو الخدمة الوظيفية وامتيازاتها الشكلية ، فأصبح الموظف منساق ومجبر خلف البحث عن رضا المسؤول وتحسين دخله ومركزه الاجتماعي متجاهلا حجم الضرر النفسي والمادي على حساب تمشية قرارات واوامر عليا يدفع ثمنها المواطن، ولا نتوقف عند هذا الحد بل زاد في ذلك أن تصبح الوظيفة عائق للزواج أو مانعاً لبناء علاقات اجتماعية أوسع ، وترجع اسباب ذلك إلى سياسات الدولة تارة وثقافة المجتمع تارة أخرى التي افرزت لنا تبعات غير مدروسة وسلوكيات دخيلة صنفت لنا المجتمع الى طبقات اجتماعية متنوعة انشغلت بالتفاخر والتعالي والصدود الا ماندر ويرجع ذلك لغياب الرؤية التي تعتمد الموضوعية والمهنية والأهلية في تولي المسؤولية عن استحقاق وجدارة بعد أن غابت المؤهلات والضوابط والمعايير.