أزمة الزراعة بين شح المياه وغياب الدعم

غالب الحبكي

تواجه الزراعة في العراق تحديات جسيمة تهدد مستقبلها واستدامتها، حيث أدى غياب الدعم الحكومي إلى تراجع الإنتاج وهجرة الفلاحين، الذين اضطروا للبحث عن مصادر دخل أخرى، مما أسفر عن اتساع رقعة التصحر وزحف الملوحة إلى الأراضي الزراعية المهجورة، نتيجة غياب الزراعة وعدم وصول المياه إليها. 

إن الفلاح العراقي اليوم يعاني من التهميش في ظل غياب سياسات زراعية عادلة، حيث يواجه ارتفاعًا مستمراً في تكاليف المستلزمات الزراعية، بدأ من حراثة الأرض وصولاً الى أسعار البذور والمبيدات والأسمدة، وهي كلها عناصر أساسية غير متوفرة أو مدعومة، مما يعرقل الإنتاج الزراعي ويضع الفلاح أمام تحديات متزايدة. 

أما أزمة شح المياه، فتُمثل تهديداً وجودياً للزراعة، إذ يعتمد العراق بشكل كبير على مصادر المياه من دول الجوار، مما يجعله عرضة لنقص متكرر يؤثر سلباً على ري المحاصيل الزراعية.

وبالتزامن مع ارتفاع تكلفة حفر الآبار، يجد الفلاح نفسه أمام معضلة يصعب حلها، خاصة في ظل غياب برامج حكومية لمكافحة الآفات الزراعية وحماية الإنتاج، مما يجعل المحاصيل عرضة للخسائر ويهدد الأمن الغذائي للبلاد. 

وأمام هذا المشهد القاتم، لم يقف الفلاحون مكتوفي الأيدي، بل خرجوا في مظاهرات احتجاجية بمحافظة واسط، تحديداً في ساحة تموز بمدينة الكوت، مطالبين بإنصافهم في تسويق محصول الحنطة، بعدما فُرض عليهم سعر أقل بكثير من السعر المدعوم خارج الخطة الزراعية، الأمر الذي زاد من معاناتهم وجعل الأزمة أكثر تفاقماً ، مُهددةً استدامة القطاع الزراعي برمّته. 

هذه الأزمة الملحة تتطلب حلولاً جذرية تبدأ بتوفير دعم حكومي حقيقي، وإعادة النظر في إدارة الموارد المائية، وضمان أسعار عادلة للمحاصيل الزراعية، بما يكفل حقوق الفلاحين ويحفظ الزراعة كركيزة أساسية للأمن الغذائي في العراق.