حرب التكنولوجيا تشتعل بقوة

فاتن يوسف

في خضم السباق التكنولوجي الذي يشهده العالم، نقلت وسائل الاعلام خبر إعلان إيلون ماسك الذي يعيد تشكيل حدود الابتكار عن إطلاق گروك  2.5 كمنصة ذكاء اصطناعي مجانية تماماً وبمواصفات عالية تفوق ما توفره تشات جي بي تي ، لكن هذا الخبر الذي ظهر للعلن في أغسطس 2025 لايمكن أن يتم تداوله كخبر تكنولوجي عابر أو التعامل معه كتحديث تقني، بل يسلط الضوء على حرب هادئة لاتقل بخطورتها عن (الحرب الباردة)، يحاول من خلالها صُناع الابتكار الاستحواذ على عقول المستخدمين والتحكم بهم، هذا الإعلان لم يكن صدفة، بل هو جزء من استراتيجية أكبر تكشف المنافسة الشرسة بين شركات التكنولوجيا العالمية، التي لم يعد الهدف منها هو المكسب المالي فقط، بل جذب أكبر عدد من المستخدمين والسيطرة على عرش الابتكار.

في هذا السباق التنافسي المحموم، تحول هدف الشركات من التركيز على الربح المباشر إلى بناء إمبراطوريات رقمية تعتمد على قاعدة مستخدمين هائلة. حيث أصبح غروك 2.5 الذي أصبح مفتوح المصدر يجذب الملايين بسرعة، فقد وصل عدد مستخدمي منصة إكس (تويتر سابقاً) المدمجة مع غروك إلى ملايين شهرياً بحلول منتصف 2025. هذا النهج يعكس تحولاً جذرياً في صناعة الذكاء الاصطناعي، حيث يصل حجم السوق العالمي إلى 244 مليار دولار في 2025، مع نمو سنوي يقارب 38%. ولايقتصر تنافس الشركات مثل أوبن إيه آي (صاحبة تشات جي بي تي)، غوغل (مع جيميني)، وإكس آي (تابعة لماسك) على الإيرادات فقط بل تهدف إلى الاستحواذ على السوق، من خلال جمع البيانات الهائلة من المستخدمين لتطوير نماذجها. حيث بدأت بتخفيض الأسعار بنسبة تصل إلى 50% في بعض الخدمات، أو تقديمها مجاناً كما في غروك ، هذا التنافس يدفع نحو ابتكار أفضل الخصائص، مثل الردود السريعة والدقيقة، ليصبح الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية، بل ضرورة يومية تُعيد تشكيل حياتنا.

ما يميز گروك 2.5 عن تشات جي بي تي هو باقة من الخصائص المتقدمة التي تجعله خياراً مفضلاً للمستخدمين ، حيث يُحقق گروك  في اختبارات الرياضيات مثل (أيم 2025) 93.3% فيما وصل تشات جي بي تي إلى نتائج تقدر بـ79% في نفس الاختبار، كما يدعم گروك البحث في الوقت الفعلي ، مستفيداً من بيانات إكس لتقديم معلومات حديثة فورية، بينما يعتمد تشات جي بي تي على قواعد بيانات قديمة نسبياً، مما يجعله أبطأ في التحديثات الزمنية. ويتميز گروك أيضاً بأسلوبه المرح والإبداعي، حيث يقدم ردوداً غير مقيدة أخلاقياً بشكل صارم، مما يتيح حرية أكبر في المناقشات الحساسة أو الإبداعية، على عكس تشات جي بي تي الذي يركز على الردود المهنية الملموسة. أما في المهام الإبداعية، فيتفوق غروك بنسبة 15-20% في الدقة، مما يجعله مثالياً لكتابة القصص أو حل المشكلات المعقدة.

توفير خاصية توليد الصور والفيديوهات مجاناً أحد أبرز مزايا گروك  2.5 وهي ميزة لا تتوفر في تشات جي بي تي دون اشتراك مدفوع . حيث يمكن للمستخدمين إنشاء صور عالية الجودة أو فيديوهات قصيرة بأوامر نصية بسيطة، مما يفتح أبواب الإبداع للفنانين والصحفيين والطلاب.

التنافس التكنولوجي بين الصين وأميركا بدأ في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، لكن سرعان ما تغيرت بوصلته نحو الذكاء الاصطناعي، حيث تحاول الصين سد الفجوة مع أمريكا التي تسيطر على 40 نموذجاً رائداً من الذكاء الاصطناعي، ما جعل هذا السباق التكنولوجي بين العملاقتين الصناعيتين جيوسياسياً، لاسيما بعد أن وصلت الاستثمارات الأميركية إلى 33.9 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي وحده في 2024، بزيادة 18.7% عن العام السابق.

من جهة أخرى، يشتعل التنافس بين الشركات الأمريكية، حيث تتنافس أوبن إيه آي، غوغل، وإكس آي على الابتكار، حيث تركز غوغل على دمج جيميني في خدماتها اليومية، بينما تطور أوبن إيه آي تشات جي بي تي-5 لتحسين الذكاء العاطفي. أما إكس آي، فتعد بإطلاق گروك  3 مفتوح المصدر في غضون 6 أشهر .