الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
من هيراقليطس الی  نيتشه .. لماذا أغلبية  كبار الفلاسفة عزابا؟

بواسطة azzaman

من هيراقليطس الی  نيتشه .. لماذا أغلبية  كبار الفلاسفة عزابا؟

 

شيان مهدي كانيساركي

 

لعلك تعلم أن أغلب الفلاسفة عاشوا حياتهم غير متزوجين، بداية من هيراقليطس مرورا بأفلاطون وصولا لديكارت و اسبيونزا و نيتشه و شوبنهاور و لايبنتز و فولتير و باسكال و جون جاك روسو و حتی نیتشه و غيرهم. هؤلاء الفلاسفة جعلوا من أولوياتهم البحث و العمل على مشاريع فكرية لفهم العالم و الإنسان، فبالرغم من ان كل هؤلاء مروا بتجارب عاطفية تكللت معظمها بالفشل الذريع، فديكارت كانت له علاقة مع خادمته و مع عشيقات أخرى كان يلذذ بها شهوة عينه وعزل عنها عقله المفكر، و جون جاك روسو الملهوف فقد عاش طيلة حياته مع امرأة لا يحبها وأحب امرأة لم يعش معها يوما واحدا، و أما كانط فلم يكن في أي علاقة؛ ربما كان قد عشق إحدى الفتيات لكنه فضل الانغماس في بحثه الفلسفي عوض الخوض في العلاقة المنتهية قبل أن تبدأ، أما المسكين نيتشه فقد خاض تجربة خادعة مع معشوقته سالومي التي خطف قلبها فرويد، و أما اسبينزا فقد أحب فتاة فلما تقدم لها بعرض الزواج رفضته عائلتها و زوجوها لشخص آخر. بشكل سريع يمكن القول إن هناك موقفين اثنين للعباقرة من المرأة: إما الاهتمام الزائد، وإما الإهمال الزائد. فالعباقرة متطرفون في مواقفهم عادة على عكس الناس العاديين. فإذا ما نظرنا إلى حياة كبار الفلاسفة من أمثال ديكارت أو كانط مثلا وجدنا أن المرأة لا تكاد تلعب دورا يذكر. فديكارت كانت له علاقة مع خادمته فقط. ولكن على ما يبدو كانت له عشيقات ليس أقلهن أميرات.

يضع (نيتشه، 15 أكتوبر 1844 - 25 أغسطس 1900) الرجل في مواجهة صعبةٍ عند تفكيره في الزواج، فيقول: «عليكَ أن تطرح السؤال التالي عند عقد القِران: أتظنُّ أنك قادر على مُتابعة الحِوار وبِلذّة مع هذه المرأةِ حتى الشّيخوخة؟، الباقي في الزّواج  كلُّه عابر»، ويقول (نيتشه): «بإمكاني مواجهة زواجٍ لمدة عامين!!»، في إشارة منه إلى صعوبةِ -أو استحالة- أن يتحمّل الفيلسوف الارتباطَ بعلاقة زواج طويلة الأمد!.

حاملو المصباح

وبحسْب الفيلسوف (أنيس منصور-18 أغسطس 1924 - 21 أكتوبر 2011) تؤكد مذكّرات (داروين- 1809-1882) مواجهته مُعضلةً عويصةً حين فكر أن يتزوّج، وأنه تعذب في حيْرته واتخاذ قراره، لكنّه في النهاية اقتنعَ بعدم الزواج، واكتفى بأن يكونَ منذوراً للطبيعة وحاملاً لمصباحها!. ويقول (أنيس منصور) نفسه عن الزواج: «كنتُ أخافُ من الموت، حتى أماتَني الزّواج.. فلم أعُد أخافُ أحداً أو شيئاً»

لا يجد كثير من الفلاسفةِ ضالتهم في الزواج، فهو يضيّع عليهم فُرَص التأمل والاطّلاع والتفلسُف في هدوءٍ وسكينةٍ، وفراغ واستقلالية، ورأى (كانط- 1724 - 1804) أنّ الزواج يُقصر العمر، وهو أحد أكبر الفلاسفةِ الذين لم يتزوّجوا إطلاقاً، وتوفّي وهو في عمر (80) عامًا!. يقول (دوستويفسكي-1821- 1881): «لماذا تتزوج يا صديقي العزيز؟! لديك مقامٌ رفيع، ولك عيشٌ رغيد، وأنت رجل مُحترمٌ، لماذا تُغيّر كلّ ذلك من أجلِ أهواء الدلال النِّسائي؟!»، وهنا إقتبس قول (شوبنهاور- 1788- 1860): «أعرف النساء.. إنّهن يعتبرن الزّواج مجرد مؤسسة لتأمينِ حاجاتِهن»!وعن الزواج أو العُزوبية، يقول (أرسطو- 384-322 ق.م): «دعوا الإنسانَ يُقرّر الطريقة التي سوف يندمُ عليها»!. ويتّفق معه الفيلسوف (كيرکجارد- 1813- 1855م) بقوله: «تزوج وستندم، أو لا تتزوج، وستندم أيضًا!». يقول (تولستوي- 1828-1910م): «لا تتزوج أبدا يا صديقي، حتى تكون قد هدأَت ثورة حبك للمرأة، فيُمكنك رؤيتها على حقيقتها!.. تزوّج فقط عندما تكون كبيراً في السّن ولا تصلُح لشيءٍ آخر، وإلا فستُضيّع كل الأشياء الجيّدة والنبيلةِ في حياتك، وسيضيع كُلّ شيء في حياتك على التّفاهات»

ومع أنّ الزواج خَيارٌ اجتماعيٌ نفسي ضاغط، لكنّه كفروض الكفاية، إذا قام به البعض، سقط عن الباقين المحظُوظين!. يقول (تولستوي): «من الحَسن أن تعيش في زواجٍ طاهر.. ولكن من الأفضل ألا تتزوج على الإطلاق»! كما يرى (شوبنهاور) إن «الفلاسفة لا يتزوّجون»كيف لنا ان نجاوب علی هذا السوال، لماذا لم يبنوا عائلة ولم ينجبوا الأطفال كبقية البشر؟ نذكر على سبيل المثال لا الحصر: باسكال( 1623-1662م)، وديكارت، وسبينوزا، وفولتير، وجان جاك روسو(1712-1778م)، وكانط، وكيركيغارد، ونيتشه، وعشرات الآخرين. وأما من كبار الأدباء والفنانين فنذكر: ستندال، وبلزاك، وفلوبير، وبودلير، ورامبو، ورينيه شار، وبيتهوفين، وسواهم. والجواب هو أنهم أنانيون من جهة، ومهووسون بإبداع مؤلفاتهم من جهة أخرى. فأنت لا تستطيع أن تتفرغ لمهمتك الفكرية إذا كنت مسؤولا عن عائلة كبيرة وأطفال. إما هذا وإما ذاك. وأنت مجبر على الاختيار. وهذا ما قاله (ماركس- 1818-1883م) في إحدى لحظات الضيق: من يريد أن يتصدى للقضايا العامة ويتحمل مسؤولية جسيمة لا ينبغي عليه أن يتزوج وينجب. قال ذلك وهو يفكر في حالته الشخصية لأنه كان متزوجا وعن حب. ولكن هموم الحياة المادية ضغطت عليه كثيرا، بل وكسرت ظهره بسبب ضعف موارده بل وانعدامها تقريبا. ولولا الصديق إنغلز لربما حصل ما لا تحمد عقباه.. فكم عانى أطفاله من الحرمان وعدم المعالجة الطبية بل وحتى الجوع. أحيانا لم يكن يستطيع شراء علبة حليب لطفلته الرضيعة. ألا تكفر بالزواج عندئذ؟ ألا تعتبر نفسك مجرما لأنك ورطت نفسك بعائلة وأنت غير قادر على الاضطلاع بمسؤوليتها؟ وهذا كله كان يشغله عن التفرغ لنضالاته وكتاباته. أما الفيلسوف الأعزب فلا يعاني من كل هذه الوساوس. إنه مسؤول عن إطعام نفسه فقط. وإذا جاع أحيانا فهذا أسهل عليه بألف مرة من أن يجوع أطفاله أمامه. هذا شيء لا يستطيع تحمله. نعم إن العزوبية تتيح لك هامشا من الحرية لا يقدر بثمن. وهذا الهامش تستطيع تكريسه للكتابة والإبداع. وحده المثقف الغني الذي ورث ثروة كبيرة عن عائلته يحق له أن يتزوج. أما المثقف الفقير فلا ينبغي عليه أبدا أن يرتكب هذه الحماقة. بهذا المعنى لا أجد أبلغ من عبارة سيوران التي يقول فيها:

أطفالي الذين لم أنجبهم كم سيشكرونني على ذلك؟وعموما فإن العباقرة لا يتزوجون ولا ينجبون وإنما يتفرغون كليا لإنجاب شيء واحد فقط: هو مؤلفاتهم الفلسفية أو روائعهم الأدبية. ماذا كنا سنستفيد من كانط لو أنه تزوج وأنجب الأطفال وربى عائلة كسرت ظهره وألهته عن تدبيج مؤلفاته الخالدة؟ كان أطفاله قد عاشوا وماتوا ولم يبق لهم أي ذكر. أما مؤلفاته العظيمة التي دشنت الفلسفة النقدية التنويرية الحديثة فقد حلت للبشرية مشكلاتها وستبقى بعده أبد الدهر. نقد العقل الخالص لا يموت. بل إن النجاح في الحب قد يشكل خطرا على الإبداع. فأهلا وسهلا إذن بالفشل والهجران.. أهلا بالحرمان وعدم الوصال.. نشفوا دموعكم أيها الأصدقاء!.. رب ضارة نافعة! صحيح أن الحب الفاشل يخلف وراءه أنقاضا وأطلالا، وربما خرائب على مد النظر، صحيح أنه يدمرك تدميرا ويستنزفك تماما. صحيح أنه «لا أبرد من حب مات» كما تقول (رومي شنيدر- 1938-1982م) بعد أن تركها آلان ديلون. ولكنه يطهرك من الداخل تطهيرا، وينظفك تنظيفا، ويجعلك أفضل مما كنت عليه بألف مرة. أليس هذا مكسبا؟ إنه يعمق إنسانيتك ويخفف من غرورك، ويتحول بمرور الزمن إلى كنز دفين. بهذا المعنى فالحب الفاشل هو أكثر أنواع الحب نجاحا في التاريخ!

وهناك سبب آخر لعدم الإنجاب هو: أن الكثير من كبار الفلاسفة كانوا ملاحقين ومطاردين بل ومهددين في حياتهم الشخصية. ولو أنهم أنجبوا لربما هددوهم حتى في أطفالهم كأن يخطفوهم مثلا. المهم يا عزیزي القارئ هاهم كلهم فلاسفة، وهل هذا ينطبق عليك؟ حيث انك ليست فيلسوفا، هل ستصبح وحدك الی الابد؟

النتيجة: و قراءة العديد من البحوث والكتب والمقالات، اكتشفت ان اغلب الفلاسفة كانوا لديهم علاقات مع النساء وبعض منهم كانوا عندهم شخص يحبه من كل قلبه، ولكن كان هنالك مشاكل مع زوجاتهم، ك ( سقراط- 399-470 ق.م)، أشهر فلاسفة اليونان، الذي تؤرخ الفلسفة اليونانية به( ما قبل سقراط وما بعده) كان متزوجا من (زانثيبي ) وخلف منها ثلاثة أبناء هم ( أمبروكليس) و(سوفرونيسكوس)و (مينكسونوس)، ولكن العلاقة بينه وزوجته كانت متوترة ولم يكن علي توافق معها.  أما( ارسطو) فقد هاجر إلي( مقدونيا ) وقام بتدريس ابن ( الإسكندر ) ومكث هناك فترة من الوقت تزوج خلالها من زوجته الاولي.ثم هرب من مقدونيا بعد وفاة (الإسكندر ) وقيام ثورة شعبية ضد المملكة، وكذلك وفاة زوجته...فقصد مدينة (خلقيس) في جزيرة أوبا حيث تزوج زوجته الثانية وانجب منها إبنه الوحيد ( نيقوماخوس). بينما اكتفي نوع آخر بالتشجيع علي الزواج وتكوين الأسرة منهم الفيلسوف البريطاني (برتراند راسل-1872-1970ز)، و( ميشيل فوكو-1926-1984ز)و( نعوم تشومسكي-1928- عايش)و هوسرل، وغيرهم كثير من الفلاسفة المعاصرين. استطيع ان اقول انهم كانوا يعشقون ولكن لا يتزوجون!. فهذا (آلبرت آينشتاين) تزوّج لكنه لم يستطع الإستمرار, فأهدى جائزته (نوبل) التي حصل عليها لزوجته مقابل الأنفصال عنها و الطلاق!!.

المصادر:

*Al-madina.com.

*Al-nukhab.com.

*Sudanile.com.

*Ahewar.org.

*مجلة شرق الاوسط، اونلاین.

 


مشاهدات 125
الكاتب شيان مهدي كانيساركي
أضيف 2024/09/07 - 12:10 AM
آخر تحديث 2024/09/14 - 1:49 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 335 الشهر 5599 الكلي 9994221
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير