فاتح عبد السلام
بين شهر وآخر يتم الإعلان عن تفكيك شبكة» دعارة» في العراق، وتنشر الصحف اخبارها، مع القبض على عشرات المتسولين ومعظمهم من الأطفال. ويقولون انه يجري اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم، ولا يعرف الناس شيئاً عن تلك الإجراءات، وكيف لهم أن يعرفوا أصلاً وقد سبق ان كشفت الحكومة العراقية عن شبكة دعارة وابتزاز وتلويث سمعة المؤسسة الأمنية والجهاز العسكري، ولم تقم الحكومة بعد ذلك بالكشف عن العقوبات التي نزلت بحق أولئك الضباط الكبار والفتيات المتعاونات معهم، ومرّ الأمر وكأنّ شيئاً لم يكن.
أيّ الأجهزة الحكومية هو المعني بمتابعة الظواهر الاجتماعية الشاذة وتقصي أسبابها وايقافها عن الانتشار ومعالجة ما يمكن معالجته؟
فهولاء الفتيات اللواتي سقطن في هذا الانحراف هن نتاج مجتمع يعاني خروقات هائلة في بنيته، وينخر في خلاياه الفساد من كل جانب على مدى عشرين سنة ، وان من الطبيعي ان ينتج واقع فاسد انحرافات أخرى منها الدعارة وجرائم اليافعين وتسول الطفولة.
ليس حلا ان تلقي القبض على مجموعة فتيات منحرفات، الله وحده يعلم ما هي الضغوط الاجتماعية والمادية والإنسانية التي جثمت على صدورهن وقادتهن الى هذا الحال السيء. وان المسألة لا تنتهي بالقبض على شبكة واحدة والزج فيها بالسجن في حين انّ في زوايا أخرى من المجتمع تفشي أمية وتفاقم فقر وظلما اجتماعيا وعنفا ضد الزوجات والبنات وتعسفا لاجبار الأطفال على العمل الخطر في الشوارع او الورشات، وهذا سيقود حتما الى ولادة بؤر جديدة للانحراف قد لا يتم الكشف عنها الا بعد ان تفرخ من امثالها الكثير في ظلام المجتمع. والمصيبة الأكبر حين تكون بعض الشبكات محميات من ذوي النفوذ السياسي والمُسلّح بالتصريح او التلميح، وأهالي بغداد يعرفون أين تتجه الأصابع في تأشير مواطن الفساد والتفسخ في السنوات الأخيرة.
لتحدثنا وزارة التربية عن برامجها في منع التسرب من المدارس، ولنسمع من وزارات اخرى على تماس مع الناس ماذا قدمت لتحصين المجتمع ضد الانحراف.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية