فاتح عبدالسلام
نسمع في الاعلام مختلف أنواع الاحاديث والتصريحات عن “مشروع طريق التنمية” الذي يمر من تركيا الى العراق فالخليج، لكنها لا تعطي صورة واضحة عن افق المشروع، بالرغم من انّ هناك امتداحاً متبادلاً بين العراق وتركيا للمشروع، وجرت تفاهمات مبدئية حوله، وستكون حصة كبيرة من برنامج مباحثات زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى بغداد بعد أيام قليلة، مخصصة للمشروع الاستراتيجي، الذي ينبري امامه مشروع منافس اخر يمر بدول الخليج منطلقا من موانئ الهند وصولاً الى ميناء حيفا.
ما نحتاجه قبل أن نباشر مشروعاً كبيراً دولياً وإقليمياً هو اصلاح البنية التحتية ذات الصلة المباشرة بأساسيات المشروع، وهي تخص الطرقات العامة وخطوط السكك الحديد وأرصفة الموانىء وسياقات الخدمة العامة. وليس من المعقول ان ندخل في هذا المشروع بوصفه ناقلا سريعا وأمينا لمحور تجاري مهم، والطرق والجسور العامة الرابطة بين المحافظات لا تزال قديمة وتعاني تخسفات، وغير مستعدة لمرحلة جديدة من عبور الشاحنات الثقيلة لمسافات طويلة قد تصل الى ألف كيلو متر داخل البلد.
إنَّ إقامة طرق جديدة في العالم، تكون دائماً بصحبة الخدمات الصحية الأولية والغذائية ومحطات الوقود وإدامة السيارات، وهذه الخدمات تكون مرتبطة بنظام حديث من الاتصالات والدوريات الأمنية للحماية بما يجعل المسافرين في كنف أمان مستمر طوال رحلاتهم مهما كانت طويلة. وهذه فرصة لكي تكون الخدمات المعنية مجالاً لتسويق المواد العراقية المنتجة محليا أو ذات الصلة بالخدمات واليد العاملة العراقية، كما انّ الجانب الإعلامي يكون مهماً في تغطية الخدمات وشبكات الطرق ونقاط الحماية الأمنية والاسعاف والطوارئ، لاسيما انّ المسافات بين مدينة وأخرى في العراق متباعدة نسبياً.
هل باشر العراق بتشكيل الهيئة الخاصة لمشروع طريق التنمية بوصفها مؤسسة ثابتة لا تتأثر بالتغيير الحكومي المقبل، أم انّ المسألة موكلة لعدد من الوزارات التي تتولى التنفيذ المباشر أو بالتعاقد مع الشركات العالمية؟
في ذات الوقت، يجب أن يكون للمشروع بنية تحتية شبه مستقلة أي لا تأخذ من الطاقة المخصصة للاستخدام المحلي العادي لخدمات العراقيين في النقل وسواه، والا كان المشروع سبباً ضاغطاً في التأثير السلبي من نواح مختلفة.
رئيس التحرير – الطبعة الدولية