فاتح عبد السلام
كل عواصم العالم والجهات ذات العلاقة تنتظر إشارات كافية من الدول الكبرى حول الموافقة من عدمها بشأن تغيير النظام السياسي في سوريا. في الساعات الأخيرة وردت إشارات قوية في وسائل الاعلام وعلى لسان مسؤولين، لكن لا أحد يعلم حتى الان مدى خلفيات التفاهمات الدولية والإقليمية حول قرار من هذا النوع، بالرغم من انّ المعارضة تتقدم بقواتها أمام تراجعات مثيرة للقوات النظامية والمليشيات التي جرى العناية بها سنوات طويلة، بالرغم من الكلام الرسمي في دمشق في انها انسحابات تكتيكية مدروسة.
هناك مَن يتتبع الموقف الأمريكي من خلال ما تعلنه تركيا كونها كانت المعني الأول بالمعارضة التي تمتلك حدودها الجغرافية الوحيدة معها في ادلب. وهناك مَن يتأمل الموقف الروسي من التسريبات للصحافة العالمية ومن ضعف المساندة العسكرية الداخلية للنظام، فضلا عن إمكانية النظر الى الموقف الروسي من خلال تصرفات الحليف الإيراني الذي لا يزال في حدود التحركات الدبلوماسية والإعلامية.
لكن لا تزال هناك دوائر تنظر الى موقف إسرائيل، بوصفه الفيصل، كون سوريا لها حدود معها، ذات جدل كبير بسبب الجولان المحتل، وانّ الإسرائيليين لا يعرفون كيف سيتصرف الحكم الجديد بهذا الملف. غير انّ الحرب الأخيرة التي بالكاد همدت قبل أيام بين إسرائيل وحزب الله كشفت عن خلل في نظرية الحدود الآمنة لإسرائيل من جهة سوريا بعد ان تعرضت اهداف اسرائيلية مهمة وكثيرة لقصف بصواريخ متقدمة كان مصدر وصولها هو سوريا نحو حزب الله، بحسب شهادات معلنة من أمينه السابق، اذ تشترك سوريا في محور « المقاومة ووحدة الساحات» الذي تقوده إيران. وبحسب هذه النظرية لم تعد الفائدة أكبر من الضرر لدى إسرائيل في بقاء النظام الحالي بدمشق.
غير انّ الموقف الأوضح هو قريب منا جميعا، والذي يمكن أن يستشف منه الوضع داخل سوريا على نحو دقيق، ويتمثل في ما صدر عن العراق في عدم التدخل بالشأن السوري ، والحرص على وحدة الأراضي السورية واستقرارها ، طبعا مع القلق من تمدد الجماعات المسلحة الى العراق ، وهي عبارة أصبحت تكميلية ليس أكثر.
الأدلة السياسية الدولية تشير بقوة الى وجود تغيير نوعي في سوريا، بالرغم من عدم اكتمال صورة التغيير والسيناريو الأخير له، اذ لا يزال الوضع في الحلقة ما قبل الأخيرة، ولا يزال المراقبون يتوقعون المفاجآت.