حظيت زيارة رئيس إقليم كوردستان العراق نيجيرفان بارزاني إلى إيران باهتمام بالغ من قبل وسائل الإعلام في بغداد وأربيل وطهران فضلاً عن وسائل الإعلام العربية والعالمية، لاسيما في الظرف الراهن الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط والعالم من توترات حادة واستقطابات سياسية إقليمية إضافة إلى الحروب الاقتصادية، وفي ظل هذا المناخ المشحون بالتوتر، والضرورات التي دفعت باتجاهها هي غاية بالأهمية إذ أضفت حالة من ردود الأفعال الإيجابية في العراق والإقليم وإيران… وما يؤكد أهمية الزيارة وتباشير مردوداتها الايجابية هي مظاهر الاستقبال ابتداءً من المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، ورئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وعدد آخر من المسؤولين الإيرانيين. وما أضفى على الزيارة أهمية إضافية هو التفاؤل بمخرجات هذه الزيارة، إذ يحظى السيد نيجرفان بمقبولية من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية بوصفه شخصية اتصفت بالاعتدال والدبلوماسية العالية في الحوار، وله علاقات وطيدة مع مختلف الكتل السياسية في العراق فضلاً عن ذلك فهو كان قد عاش شطراً من حياته في إيران، ويجيد اللغة الفارسية، ومطلع على ثقافاتها وتاريخها وممكناتها السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية… ومن أولويات هذه الزيارة هو وضع خطط استراتيجية لتعميق التعاون الأمني والعسكري والسياسي بين الإقليم وإيران خصوصاً بعد التوترات التي حصلت بين إيران وأربيل حيث تعرضت أربيل مؤخراً لضربات صاروخية من قبل طهران.. فالزيارة هي رسالة واضحة من أربيل وبمباركة من قبل حكومة بغداد للتعبير عن عزمهما مواصلة تنفيذ الاتفاقية الأمنية بين البلدين وتأكيد حكومة الإقليم تنفيذ فقراتها كافة، ولا سيما يأتي ذلك بعد انسحاب المعارضة الكردية من الحدود المشتركة ونزع سلاحها …وتعهد الإقليم بعدم السماح لأي تهديد مسلح يستهدف الجمهورية الإسلامية. وفي أثناء الزيارة عبر الرئيس نيجرفان عن الدور الإيجابي للجمهورية الإسلامية الإيرانية والإشادة بالدور التاريخي الذي تلعبه إيران. ويرى السيد نيجرفان ثمة مشتركات عديدة بين الجانبين منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية ولغاية الآن، مؤكداً أن “هناك إرادةً جديةً لتجاوز تلك الأمور التي تتسبب بخلق الخلافات.
ومن مخرجات الزيارة توفير الاستقرار والأمن في المناطق على اثر التعاون المشترك بين إيران والعراق والإقليم، ما يعني ثمة انعطافة تاريخية بشأن العلاقات الاقتصادية التي بالضرورة ستضاعف حجم العلاقات الاقتصادية بينهما، مما ينعكس على مستوى المعيشة للأفراد إذا ما تطورت وسائل المواصلات بين الإقليم وإيران ولاسيما الطرق البرية عن طريق إنشاء طرق جديد وتطوير القديمة، الأمر حتماً سيرفع من سقف التبادل التجاري ويهيئ البيئة الملائمة للاستثمارات مما يساعد في توفير فرص عمل عديدة ناهيك عن قصر المسافة إذا ما قورنت بالطرق مع الدول الأخرى، كذلك تطوير واقع السياحة المتبادلة والسياحة الطبية وغيرها من المشاريع الاجتماعية والثقافية والعلمية … فثمة فرص لرجال الأعمال في إقليم كوردستان للاستثمار في إيران وبالعكس بالنسبة للمستثمر الإيراني الأمر الذي يعني ثمة منافع كثيرة تتعلق بتحسين الواقع المعيشي يوفر منافع متبادلة لرواد الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال. إن استتباب الأمن على جانبي الحدود والاستقرار السياسي في الإقليم فرصة سانحة وأكيدة لتطوير عجلة التنمية في الإقليم. كذلك تطوير العلاقة الأمنية والعسكرية والاقتصادية بين إيران وبين الإقليم حتما ستنعكس ايجاباً على العلاقة مع بغداد وتسوية المشكلات معها، والحماية الأمنية من سقوط الصواريخ العشوائية والمسيرات ضد العصب الأمني والاقتصادي في الإقليم. وأهم ما يترشح من هذه الزيارة المهمة والتاريخية المتمثلة بالاستقبال الحافل والمميز من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث القناعة والثقة بشخصية السيد نيجرفان على تحقيق ما أتفق عليه من مضامين الزيارة، على خلفية ذلك سيشهد الإقليم والعراق حالة من الاستقرار والانتعاش الاقتصادي، وعلاقة بسمات جديدة بين أربيل وبين حكومة المركز.