فاتح عبد السلام
لا توحي المعطيات المتداولة في الطروحات الامريكية أو الإسرائيلية المستجدة ان هناك دورات جديدة من الرد والبدل بين حالة لا سلم و حالة لا حرب، وبين لا مفاوضات وعروض اتفاقات، وبين تقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية ووجهات نظر الدول الغربية المعنية بالملف النووي الإيراني. اشكال من الميوعة السياسية والاجرائية كانت الأطراف كلها مستفيدة منها، واستغرق هذا الملف اكثر من عشرين عاما في حالة وضعت المنطقة الإقليمية في الخليج العربي والشرق الأوسط تحت شبح التهديدات بالانفجار في اية لحظة، حتى باتت أنظمة الدول تُجدول سياساتها وعلاقاتها واتفاقياتها استناداً الى الصعود والنزول بوتيرة الملف النووي الإيراني.
هذا وضع شاذ، من المستحيل استمراره للنهاية، و لابدّ من حسمه في الرسو على جادة مفاوضات حقيقية تفضي الى اتفاقية تعيد الاستقرار، وهي مسؤولية تخص الحفاظ على السلم العالمي، فالمنطقة لم تعد تحتمل تهديدات بشن حرب جديدة من أمريكا أو إسرائيل، و لابدّ من جعل ايران تدرك انّ استخدام الأوراق التدخلية في المنطقة لم يعد ذا فائدة لملفها الرئيس، لذلك ستحدث حتماً انفراجات في ملفات المنطقة بعد الانفراج في الملف النووي الإيراني.
أما اذا كان هناك إصرار على المضي في طريق المماطلة الدولية للإبقاء على شبح الخوف القادم من ايران للضغط على دول الخليج، او ان ترغب ايران ذاتها بالمماطلة من أجل المضي في سياساتها في التصنيع الصاروخي المقلق للغرب او دعم أذرعها للإخلال بموازين دول، فذلك أمر سيقود الى فترة ضبابية جديدة سيدفع ثمن القلق فيها اكثر من بلد عربي.
العلاقة المتشنجة والغامضة والمتفجرة بين ايران والولايات المتحدة، لها ضحايا من دول لا علاقة لها بهذا الصراع، وهي دول عربية مهددة بشظايا الحرب الباردة بين ايران والغرب.
فترة رئاسة ترامب، ستقود الى حسم من نوع ما مع ايران التي عليها أن تدرك انها حقبة جديدة حدثت فيها متغيرات كثيرة في سوريا وفلسطين ولبنان، وانّ الوضع العراقي لا يعول عليه في تحقيق اية ضمانة لها، لذلك ليس أمامها سوى حسن تقدير الموقف قبل فوات الأوان.