فاتح عبد السلام
الضربة الأخيرة للجيش الأمريكي ضد «أهداف» في جرف الصخر بمحافظة بابل، توحي بأن الاستراتيجية الامريكية في التعاطي مع أي هدف يشكل مصدر تهديد سيتم التعامل معه قبل تنفيذ أي هجوم، وليس بعده في ملاحقة المنفذين كما في الضربات الامريكية السابقة. وقال احد الفصائل ان مقاتليه كانوا يجرون تجارب تدريبية على الطائرات المُسيّرة ولم يكونوا في وضع هجومي.
هذا يشير الى انّ أية خسائر محتملة بين صفوف التحالف مستقبلا جراء ضربات يجري تشخيصها من قبل الجهات الامريكية على انها تحصل بإيعاز إيراني، ستقود الى تداعيات كبيرة، وستضع الحكومة العراقية في موقف لا تحسد عليه، فالعلاقات الامريكية العراقية ليست بهذه البساطة الشكلية التي توحيها بعض الاتصالات واللقاءات، وانما تخص مصير الوضع السياسي العام للعراق.
بلدنا محكوم باشتراطات عامة لاستمرار الاستقرار فيه، وهي عناصر خارجية أكثر منها داخلية، لكن التغيير في هذه المعادلة سيكون من خلال خيار واحد فقط، هو العمل الذاتي للعراقيين في تجنب تحويل ارضهم ومصالحهم ميدانا لصراع الاخرين، وقطع اية يد تريد تخريب الوضع الداخلي المبني على هذه القناعة. اما سوى ذلك فيعني انّ من يظن انه ابدي في حكم البلد سيكون واهما بل لعل الفرصة لن تتاح له حتى ليشعر بأنه واهم.
المصارحة توذي بعضهم ، لكن الحقيقة لا يمكن التغافل عنها ، وهي ان الامريكان حين نقلوا العراق من وضع سياسي الى اخر مختلف تماماً، لن يقبلوا بانقلابات مضادة عليهم، تضع مصالحهم المخطط لها في استرتيجيات طويلة وعميقة تحت أي نوع من التهديد.
الرسالة الامريكية ستكون في اشكال مختلفة لكنها قاسية، وسيجري تجاهلها كما في كل مرة، من الأطراف التي ترى في العراق معسكرا متقدما لمن يقف وراءه وتنتظر الأوامر البعيدة، غير أنّ الاثمان ستكون غالية ليس على تلك الأطراف، وانّما على الذين يحاولون التغطية بأسماء « شرعية» و» قانونية» بما يضع العراق امام مستقبل غير مستقر ومجهول لصالح قوى خارجية.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية