فاتح عبد السلام
في عالم الأسواق والتسويق وتوكيد الجودة، نرى مكتوباً على بعض المنتجات والأغذية انها “طبيعية” و”عضوية” أي لم يدخل فيها أي عامل كيمياوي مساعد مثل الأسمدة الزراعية وسواها.
ونرى أحياناً انَّ ربطات العنق أو القمصان أو حقائب الايدي من ماركات معينة أو السيارات الفارهة جدا من علامة معروفة، قد كتبت عليها في مكان ما جمله تشير الى انها “صنعت باليد” ومن مواد طبيعية غير صناعية او كيمياوية، ولم تدخل الات المصانع في تجميعها للدلالة على العناية الفائقة في الإنتاج لتثبيت الخصوصية ولتبرير رفع ثمنها أيضاً.
حتى الورق الذي نكتب عليه أو نستخدمه في شتى الاغراض، توجد منها أنواع معادة من المواد الأولية المستهلكة
والمعالجة كيمياوياً، ونوع أصلي مستمد من مادة القطن او القصب الأولية من دون شوائب.
وباتت المواد الصناعية المضافة عبئا ومصدر تحذير بعد تقدم الأبحاث والاكتشافات العلمية والطبية، بالرغم من انّ اغلبية تعتمد عليها وهي تدخل جسم الانسان في غذائه وملبسه وتحيط بمعاملاته اليومية واحتياجاته المعيشية.
أرى انه ليس بعيداً من الان، سنرى منتجات مادية او فكرية مكتوبا عليها انها من صنع البشر وابتكاراته وذكائه الطبيعي، وليست من مصنوعة او منتجة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي بات بالإمكان من خلاله ان تؤلف الكتب والمجلدات الكبيرة في أسبوع او اقل، وقد شعر المنتجون والمؤلفون في عالم السينما في هولويود بهجمة الذكاء الاصطناعي في محاربة أرزاقهم، وقد بات ميسورا الحصول على سيناريو لفيلم مثير بمائة دولار بدل مائة ألف دولار. انها كارثة إنتاجية من وجهة نظر أصحاب تلك المهن والاحترافات العريقة، وقد لا يشعر الانسان العادي بعظم هذا الضغط الاستهلاكي المبدد للقابليات الفردية على الابداع والابتكار وحفظ حقوق المنتج.
من دون الذكاء الاصطناعي التوليدي، كانت السرقات الفكرية منتشرة لاسيما عالمنا العربي الذي غزت ثقافة المصائب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فكيف سيكون حالنا بعد ايام أو شهور، فهذه التكنولوجيا تتقدم بطريقة مذهلة السرعة ، ولا أستبعد وصولها الى بلدنا الغارق في الخرافات والظلامات الدينية السياسية بعد سنين قليلة من وصولها الى كل بقاع الأرض .