أيهما أوجع حكم القانون أم الضمير؟
خليل ابراهيم العبيدي
لم نكن نسمع إلا ما ندر أن فلانا سرق المال العام ، أو أن علانا محكوما بتهمة رشوة أو تدليس او تلاعب بالحساب أو الارقام ، كانت هيبة الدولة تفوق بجلالها الاسماء والعناوين ورموز أي نظام ، وكانت هيبة الرقابة المالية تسبق وصول موظفيا إلى هذه الشركة أوذاك صاحب المقام ، لا بل كانت دوائر التدقيق الداخلي تهز الموظف من الداخل وهو يتلقى منها عبارة إعادة التدقيق ، أو تأكد من الأرقام ، نظام بنظام بنظام .أن هذا الأمر لم يكن فقط محصورا بقوة القانون وأحكام القضاء ،وبأس التعليمات ، إنما كان الأمر مرتبطا بعفة اليد ، وحكم الضمير أو الغيرة الوطنية ، فقد كانت البواعث الذاتية اقوى على النفس من سطوة التعليمات المحاسبية ، فلم تكن نزاهة الموظف جزء من حسناته ، لأنها أمر مفروغ منه ، لكنها كانت عنوانا مشرفا له وهو يؤدي مهامه الرسمية كل ساعة ، وخرق هذه الأمانة كانت أكثر إيلاما له من آلام احكام القضاء ، لأن احكام القضاء لها فترة محددة بموجب مواد القانون أما احكام تأنيب الضمير فهي تظل تلاحق الإنسان وتنغص حياته حتى رمقه الاخير .....