كيف تتصدّق على نفسك؟

حسين الصدر

 

-1-

المركوز في اذهان الناس انّ الصدقة انما تكون على الغير سواءً كانت بالمال أو بغيره .

والسؤال الآن :

هل تكون الصدقة على النفس أيضا وليس على الغير فقط ؟

والجواب :

نعم

وهنا يثور سؤال آخر :

كيف تكون الصدقة على النفس ؟

والجواب نجده في حديث نبوي شريف حيث روي عنه (ص)  انه قال :

{ أَمسك لسانك فانّها صدقة تصدّق بها على نفسك }

إنّ امساك اللسان عن الهذيان ، وعن ذِكرْ  الاخرين بالسوء ، والامتناع عن المعاصي اللسانية من كذب وافتراء وغيبةٍ ونميمة وفحش وبذاءة .. هي من اهم الصدقات التي تتصدق بها على نفسك .

{ وهل يَكُبُ الناسَ على مناخرهم في النار غير حصائد ألسنتهم ؟ }

-2-

انّ الصوم الحقيقي لا يعني الامتناع عن الطعام والشراب فقط ، وانما هو صوم الجوارح كلها :

فالعين تمتنع عن النظر الى ما حرّم الله عليها ،

والاذن تمتنع عن الاستماع الى ما حرّم الله .

واليد : لا تمتد لتناول المحرمات ولن تكتب شيئا محرما

فهل يعقل أنْ يُتقبل الصيام من رجل يمتنع عن الاكل والشراب ولكنه لا يمتنع من كتابة الاخبار الكاذبة عمن يريد ايذائهم ؟

والقدم : لا تتحرك نحو الإمكان الموبوءة .

وهكذا ...

-3 –

واذا تعذّر على الفقير أنْ يتصدق بالمال فهل يتعذر عليه أنْ يُمسك لسانَهُ عما حرّم الله عليه ؟

-4-

اننا نشهد تفريغاً للعبادات من معانيها الحقيقية .

قال المرحوم الشاعر عمر أبو ريشة :

كم صلاةٍ صليتُ لم يتجاوزْ

قدسُ آياتِها حدودَ لساني

كم صيامٍ عانيتُ جوعيَ فيه

ونسيتُ الجياعَ مِنْ إخواني

كم رجمتُ الشيطان والقلب مني

مُرْهَقٌ في حبائلِ الشيطانِ

ربِّ عفوا إن عشتُ ديني

ألفاظاً عِجافاً ولم أَعِشْهُ معاني

-5-

واذا كانت صيانة النفس عن المحرمات مطلوبة في كل شهور السنة ، فانها مطلوبة بشكل أكبر في شهر الله وهو شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق الإلهي من النار حيث ورد في الحديث :

( مَنْ لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له الى قابل الاّ أنْ يشهد عرفة)

( والشقيُّ مَنْ حُرم غفرانَ الله في هذا الشهر العظيم )

اللهم اليك انبنا ، واليك التجأنا، فاقبلنا تائبين، وجُد علينا بالرضوان والغفران انك ولي الاحسان .

 

Husseinalsadr2011@yahoo.com