كتاب جديد يروي حكاية الكلمة في زمن الأهوال
طه خضير الربيعي- كربلاء
صدر حديثًا عن (دار سحر القلم) للطباعة والنشر والتوزيع في بغداد، كتاب جديد للكاتب والصحفي جاسم محمد حمزة الجبوري بعنوان (ديم الأقوال في سنوات الأهوال". هذا الكتاب ليس مجرد صفحات تحمل مقالات صحفية، بل هو شهادة حية لواقع مضطرب وحكاية عن الكلمة عندما تكون السلاح الوحيد في مواجهة الظلم والاستبداد.
يحتوي الكتاب على أكثر من 70 مقالة نشرت في صحف عراقية مختلفة، مثل جريدة الزمان الدولية، جريدة كربلاء اليوم، وصحيفة كربلاء، وغيرها من المنابر الصحفية. وقد شكلت مقالات المؤلف في جريدة الزمان الدولية تحديدًا (علامة فارقة) في كتابة المقالة الصحفية بفضل الأسلوب الفني الذي انتهجه والمضامين العميقة التي تناولتها.
ينطلق الكاتب في مقالاته من شعور عالٍ بالمسؤولية، مسلحًا بالمعرفة ومتحيزًا لكل ما ينصف الحق وينبذ الظلم، مدافعًا عن المساواة، ومحاربًا لكل ما يدعو إلى الفرقة والانقسام. يرى القارئ في مقالاته رفضًا قاطعًا للاحتلال والتشرذم العربي والاستسلام لإملاءات القوى الكبرى. قلمه، كالسيف، يبحث عن الحقيقة دون كلل، ويغوص في أعماق القضايا الإنسانية، ليسلط الضوء على معاني الحرية والعدل التي تتوق إليها الشعوب.
يقع الكتاب في 266 صفحة من القطع المتوسط، ويتميز بعمق اختياره لعناوينه. وقد أبدع المؤلف في اختيار عنوان كتابه، (ديم الأقوال في سنوات الأهوال)، الذي يدعو القارئ إلى التأمل في العلاقة بين كثرة الأقوال وندرة الأفعال، لا سيما في أوقات الأزمات.
بين الديم والأهوال
العنوان ذاته يعكس ثنائية رمزية عميقة؛ فكلمة (الديم) تشير إلى الأمطار التي تهطل بهدوء واستمرار، وكأنها تدفق للأقوال التي تملأ الأفق بغزارتها. ولكن، هل يكفي هذا التدفق الكلامي دون أن يتحول إلى أفعال؟ من ناحية أخرى، تحمل (سنوات الأهوال) ثقل الكوارث والمآسي التي تمتد عبر الزمن، وكأنها تذكرنا بأهمية الفعل في وجه المحن.
الكتاب ليس مجرد مجموعة مقالات؛ إنه مرآة لسنوات مليئة بالتحديات والأزمات، وشهادة على قدرة القلم في أن يكون أداة للتغيير حين تُسخر الكلمة بصدق وجرأة. بين دفتي هذا الكتاب، نجد تحليلات عميقة وأفكارًا ملهمة تضع القارئ أمام تساؤلات مصيرية: كيف يمكن للأقوال أن تصبح أفعالًا تُغير واقعًا مأزومًا؟ وما دور الإنسان في صياغة مصيره وسط زحمة الأهوال؟