فم مفتوح .. فم مغلق
تأملات في زمن الورق البطيء
زيد الحلي
في زمن تتسارع فيه العوالم الراقية بخطى واثقة نحو مستقبل رقمي متكامل، تبدو دول العالم المتمدنة وكأنها تركب قطاراً كهربائياً فائق السرعة، تمضي في دروب التقدم الإداري والاقتصادي والتنموي، مستندة إلى نظم إلكترونية متينة، وبيئة رقمية تتيح إنجاز الأعمال بكفاءة تفوق الخيال.
في المقابل، لا نزال في كثير من مؤسساتنا ، نحبو على أرصفة المكاتبات الورقية، التي ما زالت تُطبع وتُختم وتُحمل بالأيدي، وتسلك طريقها المتعرج عبر الدرجات الوظيفية، كأننا أسرى قرن مضى، لا نكاد نفك وثاقنا من روتينه البطيء.
هذا التباين ليس مجرد فرق في الوسائل، بل هو فارق في العقلية والإرادة. وقد سعدت يوم الثلاثاء المنصرم بلقاء شخصية بارزة في المجال المالي والاقتصادي ، وشغل مواقع مالية عديدة ، نجح في إدارتها، وعُرف بديناميكيته وبُعد رؤيته، وهو خريج واحدة من أعرق الجامعات البريطانية. حين تحدثنا عن هذا الفارق الشاسع بيننا وبين الأمم المتقدمة، لم يتردد في القول: «إن بطء تطورنا ليس مرده إلى قلة الإمكانات أو ضعف القدرات، بل إلى استمرارنا في عقلية ورقية قد غادرها العالم منذ عقود.»
كلمات الاستاذ فيصل الهيمص في ذلك اللقاء ، كانت كجرس إنذار، تذكّرنا بأننا لا نعيش في عزلة عن العالم ، وأن البقاء في دائرة الورق يعني الوقوف ضد تيار لا يرحم. فالتكنولوجيا ليست ترفاً، بل هي السبيل الوحيد للبقاء في زمن لا ينتظر أحداً.
إن التحول الرقمي لم يعد خياراً، بل ضرورة وجودية تمس صميم التنمية والحوكمة الرشيدة. والأمل معقود على العقول الطموحة، والقيادات الجريئة، أن تدفع بهذا التحول إلى الأمام، ليكون عنوان المرحلة المقبلة.
فإما أن نلحق بالركب، أو نظل نلهث خلفه دون جدوى.
Z_alhilly@yahoo.com