مدينة الذكاء الاصطناعي في الإمارات
رسم جديد لخريطة الذكاء ورافعة سيادية نحو المستقبل
زياد الزيدي
في اتفاق نادر وغير مسبوق مع الولايات المتحدة الأمريكية وعبر احتضان أكبر مجمع للذكاء الاصطناعي في العالم يقع خارج الولايات المتحدة الاميركية، وفي خطوة تعكس الطموح نحو المستقبل، أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن توقيع اتفاقية تاريخية مع الولايات المتحدة، تهدف إلى إنشاء أكبر مدينة مخصصة للذكاء الاصطناعي في العالم، وذلك خلال الزيارة الرسمية للرئيس الأمريكي إلى الدولة في 15 مايو 2025. هذه المدينة ليست مجرد مشروع عمراني أو استثماري بل هي تحوّل استراتيجي يعيد رسم خريطة الاقتصاد والتقنية ويضع الإمارات في مصاف القوى العالمية في مجال الابتكار والاقتصاد الرقمي.
المدينة الجديدة، التي وُصفت بأنها “عاصمة الذكاء الاصطناعي العالمية”، ستحتضن أكثر من 500 شركة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والحوسبة السحابية، والبيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء، والتقنيات المالية، والأمن السيبراني. وتُقدّر الاستثمارات الأولية بنحو 100 مليار دولار، في حين متوقع أن توفر أكثر من 45,000 وظيفة عالية المهارة خلال عشر سنوات، ما يجعلها نقطة جذب لأفضل العقول من مختلف أنحاء العالم.هذا المشروع يعكس توجهات الامارات العربية المتحدة في التحول من اقتصاد ريعي يعتمد على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار. كما أنه يأتي في وقت يشهد العالم تحولات اقتصادية كبرى، حيث التنافس على الريادة في الذكاء الاصطناعي والتقنية المتقدمة، بعد أن أصبحت هذه المجالات المحرك الحقيقي للنمو والتأثير العالمي والاقتصاد.
مقارنة ضرورية
لكن ما الذي يجعل هذه المدينة مختلفة؟ المقارنة ضرورية هنا مع مشاريع مشابهة مثل “نيوم” في السعودية، أو “وادي السيليكون” في كاليفورنيا، أو “مدينة شنزن التقنية” في الصين او حتى مع مدينة دبي الحرة المخصصة للتقنيات الذكية والتي أطلقت في 2023. فعلى سبيل المثال، تركز نيوم في المملكة العربية السعودية على الاستدامة والابتكار العمراني مع مزيج من التقنية، إلا أن مدينة الإمارات تتميّز بتركيز أكثر دقة وعمقًا على الذكاء الاصطناعي كمجال تطبيقي بحثي وصناعي متكامل. أما وادي السيليكون في كاليفورنيا، فرغم أنه لا يزال القلب النابض للابتكار العالمي، إلا أنه بات يعاني من التشبع، وارتفاع التكاليف، وقضايا الخصوصية، ما يفتح الباب لبدائل جديدة أكثر مرونة وتطويعًا للمتغيرات، وهو ما تراهن عليه الإمارات اليوم.المدينة الجديدة ستُدار بتقنيات ذكية منذ التأسيس، حيث ستدمج البنية التحتية مع أنظمة الذكاء الاصطناعي والإدارة الذاتية، ابتداء من النقل الذكي والمستشفيات الآلية، وصولا إلى أنظمة الحوكمة الرقمية والمؤسسات التعليمية التفاعلية. وستعتمد فيها العملات الرقمية في جزء من التعاملات، مع استخدام واسع للبلوكتشين (التقنية التي يستطيع الأشخاص من خلالها إنجاز المعاملات أو نقل الأموال باستخدام شبكة من الحواسيب اللامركزية المنتشرة حول العالم) لضمان الشفافية والأمان.
تطوير المشاريع
ومن وجهة نظرنا، فان المشاريع المشابهة خصوصا في المنطقة قد تتأثر بهذه الخطوة، فإما أن تتحرك نحو تطوير مشاريعها بتخصصات أكثر دقة، أو تعزز تعاونها مع المدينة الإماراتية وتتكامل معها، لتصبح مركزًا خليجيًا مشتركًا للتقنية. وكذلك عالميا ستكون نموذجا لما يجب أن تكون عليه مدن المستقبل: مرنة، معرفية، مستدامة، وآمنة رقميًا.الدور الوسيط والمجمع الإقليمي للابتكارات القادمة من الشرق والغرب لا يُمكن النظر إلى المشروع دون التوقف عند خلفياته الجيوسياسية.
حيث أن التوقيع مع الولايات المتحدة، في هذا التوقيت، يعكس أكثر من مجرد تعاون اقتصادي. إنه تحالف استراتيجي يعيد تموضع واشنطن في الخليج في ظل التنافس مع الصين، ويمنح الإمارات نافذة تكنولوجية على الابتكارات الأمريكية المتقدمة، خاصة في ظل اشتداد السباق العالمي على قيادة الذكاء الاصطناعي. ومن جانب آخر، يعزز موقع الإمارات كجسر بين الشرق والغرب، وقاعدة للتجريب التقني حيث تمتاز الامارات كونها بيئة مرنة تنظيميا ومفتوحة اقتصاديا. خاصة إذا ما لعبت دور الوسيط أو المجمع الإقليمي للابتكارات القادمة من الشرق والغرب. كما أن هذا المشروع هو جزء من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي الذي أطلقته دولة بهدف أن تصبح من بين الدول الرائدة عالميًا في هذا المجال بحلول عام 2031. وتركز الاستراتيجية على تطوير القطاعات الحيوية مثل التعليم، والصحة، والطاقة، والنقل، من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز البحث والتطوير، وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية داعمة للابتكار.
تصنيف الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا
في عام 2024، حققت الإمارات تقدمًا ملحوظًا في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث احتلت المرتبة الخامسة عالميًا في مؤشر الذكاء الاصطناعي الصادر عن معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي الإنساني (HAI). هذا التصنيف يعكس الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة في تطوير بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعليم والبحث العلمي، وتبني سياسات حكومية داعمة للابتكار. كما أظهرت الإمارات تفوقًا في كثافة الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث جاءت ضمن أفضل 10 دول من حيث عدد شركات الذكاء الاصطناعي لكل مليون نسمة، وفقًا لمؤشر التنافسية العالمية للذكاء الاصطناعي. هذا الإنجاز يعكس البيئة الاستثمارية الجاذبة التي توفرها الدولة، والدعم الحكومي المستمر للمشاريع الناشئة في هذا المجال. وفقا لبعض الصحف الاماراتية، فإن المدينة الجديدة ستكون في إطار “شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي” بين الإمارات والولايات المتحدة، والتي تتيح للجهات المعتمدة في الإمارات الوصول إلى الرقاقات الضرورية، بحسب “ذا ناشونال». إذ أكد وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، أن الاتفاق يتضمن “ضمانات أمنية قوية لمنع تسريب التكنولوجيا الأمريكية إلى جهات غير مصرح لها». نائب رئيس شركة “بيكون غلوبال ستراتيجيز”، إيان بيرن قال: إن ما يحدث اليوم هو ثمرة جهود إقليمية بدأت منذ سنوات، إذ أن الذكاء الاصطناعي والخليج ليس أمرًا جديدًا، فرغم الزخم الإعلامي المرتبط بزيارة ترامب فإن ما يحدث الآن هو تطور طبيعي لاستثمارات الإمارات والسعودية الطويلة في التكنولوجيا الأمريكية الناشئة.
أضخم بنية ذكاء اصطناعي بفكر معرفي:
شركة G42 الإماراتية ستتولى تطوير وتشغيل المدينة، وهي شركة تقنية مقرها أبو ظبي، معروفة بتعاونها مع شركات عالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. مثل Open AI التي ستكون كأحد الشركاء الرئيسيين في المشروع، ومن المتوقع أن تكون من المستأجرين الأساسيين في المدينة، مما يعكس التزامها بتوسيع بنيتها التحتية العالمية. وكذلك شركات أمريكية أخرى: مثل Nvidia، Cisco، Oracle، Amazon Web Services، وMicrosoft، والتي ستساهم في توفير التكنولوجيا المتقدمة والدعم الفني للمشروع. ووفقا لتقديرات لينارت هايم المحلل لدى مؤسسة “راند”، فإن المشروع هو أضخم بنية ذكاء اصطناعي في العالم حتى الآن. حيث سيغطي على مساحة 10 أميال مربعة، وبقدرة تشغيلية تصل إلى 5 غيغاواط من الطاقة - وهي طاقة كافية لدعم حوالي 2.5 مليون شريحة B200 الرائدة من إنفيديا، ونشر هايم إحصائية أوضحت ان مشروع “ستارغيت” الضخم الذي أعلنته Open AI مؤخرا في أمريكا كأكبر مركز بيانات في العالم داخل الولايات المتحدة سيأتي بسعة 4.5 غيغاواط ويستوعب 2.25 مليون شريحة مقارنة بالمدينة الإماراتية. مما يجعلها من بين أكبر مراكز البيانات في العالم. وهذا سيوفر منصة إقليمية تتيح لشركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى تقديم خدمات منخفضة التأخير لما يقرب من نصف سكان العالم الذين يعيشون ضمن نطاق 3,200 كيلومتر (2,000 ميل) من دولة الإمارات. وبعد استكماله، سيعتمد المجمع على الطاقة النووية والشمسية والغازية لتقليل الانبعاثات الكربونية، وسيضم أيضًا حديقة علمية تُعنى بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبحسب تحليل لمؤسسة “ماكينزي”، فإن الطلب العالمي على سعة مراكز البيانات قد يرتفع بمعدل سنوي يتراوح بين 19% و22% بين عامي 2023 و2030 ليصل إلى طلب سنوي يتراوح بين 171 و219 غيغاواط. وهناك سيناريو أقل احتمالاً، وإن كان لا يزال ممكناً، يتوقع ارتفاع الطلب بنسبة 27% ليصل إلى 298 غيغاواط، مما يزيد من احتمال حدوث عجز كبير في العرض. ولتجنب هذا العجز، يجب بناء ما لا يقل عن ضعف سعة مركز البيانات التي بُنيت منذ عام 2000 في أقل من ربع المدة. وفيما يتعلق بالطاقة تتوقع شركة غولدمان ساكس للأبحاث أن يزداد الطلب العالمي على الطاقة من مراكز البيانات بنسبة 50% بحلول عام 2027، وبنسبة تصل إلى 165% بحلول نهاية العقد (مقارنةً بعام 2023)، وفقًا لما كتبه جيمس شنايدر، كبير محللي أبحاث الأسهم في قطاع الاتصالات والبنية التحتية الرقمية وخدمات تكنولوجيا المعلومات في الولايات المتحدة.
الذكاء الاصطناعي يدعم الاقتصاد
وحيث تقدر التكلفة الاجمالية غير الرسمية لإنشاء المشروع بنحو 100 مليار دولار امريكي، فان دولة الامارات العربية المتحدة جاءت ضمن قائمة أكثر 10 دول استثمارا في تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث اشارت بيانات حديثة الى ان سوق الذكاء الاصطناعي في دولة الامارات ويصل الى نحو 5.22 مليار دولار في 2024. من جانبها تتوقع شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط أن يسهم الذكاء الاصطناعي بمبلغ 96 مليار دولار في اقتصاد الامارات بحلول 2030 أي ما يعادل 14% من الناتج المحلي، كما من المتوقع أن تُسهم المدينة لوحدها بما يقارب 5% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بحلول عام 2035، وفق تقديرات أولية بجانب أن المدينة ستحفّز الطلب على الخدمات المصرفية الذكية، والبنية التحتية الرقمية، والخدمات اللوجستية، مما يخلق تأثيرًا مضاعفًا في الاقتصاد الوطني.
وعند العودة الى بحث مؤسسة “ماكينزي” فإنه بحلول عام 2030، من المتوقع أن تحتاج مراكز البيانات إلى 6.7 تريليون دولار أمريكي حول العالم لمواكبة الطلب على قوة الحوسبة. ومن المتوقع أن تتطلب مراكز البيانات المجهزة للتعامل مع أحمال معالجة الذكاء الاصطناعي 5.2 تريليون دولار أمريكي من النفقات الرأسمالية، بينما من المتوقع أن تتطلب مراكز البيانات التي تُشغّل تطبيقات تكنولوجيا المعلومات التقليدية 1.5 تريليون دولار أمريكي من النفقات الرأسمالية. وإجمالاً، يُقدر هذا بنحو 7 تريليونات دولار أمريكي من النفقات الرأسمالية المطلوبة بحلول عام 2030، وهو رقم مذهل بكل المقاييس. ويشير هذا بوضوح إلى أن الإمارات تحركت مبكرا ووفرت جزءا من الاستثمارات المطلوبة للحفاظ على موقع رائد في مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي. هذه البيانات وغيرها تظهر ان الذكاء الاصطناعي ليس مجرد قطاع تقني بل هو قطاع اقتصادي واستثمارات هائلة تعود بعوائد تنعكس على البنية التحتية والابتكار والمعرفة والى تنمية المواهب ورفع مستوى رأس المال البشري.
التعليم في قلب المشروع
هذه الاستثمارات الضخمة والمشاريع الطموحة أطلقت بجانبها مبادرات تنمية رأس المال البشري المواكب لهذه الطفرات وليقود هذه المشاريع الكبرى، حيث ان إضافة حقيبة وزارة الذكاء الاصطناعي لم تكن المبادرة الوحيدة بل تم تأسيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي كأول جامعة متخصصة في مجال أبحاث الذكاء الاصطناعي في العالم. فالتعليم الجامعي أحد الأعمدة المفصلية لإنجاح المشروع، لا سيما أن توظيف أكثر من 45 ألف متخصص في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والهندسة الرقمية لا يمكن أن يتم دون منظومة تعليمية وطنية قادرة على إنتاج وتطوير هذه الكفاءات. كما أن التحدي القادم يتمثل في مواءمة المناهج وتوسيع الطاقة الاستيعابية ورفع نوعية المخرجات. اذ تشير التقديرات العالمية إلى أن الطلب على المتخصصين في الذكاء الاصطناعي سيبلغ نحو 10 ملايين وظيفة جديدة بحلول 2030، في حين يعاني سوق العمل في الشرق الأوسط من فجوة مهارية تتجاوز 60% في المجالات الرقمية المتقدمة. وفي هذا السياق، فإن الإمارات مطالبة ليس فقط بتخريج عدد كافٍ من الكفاءات، بل بتأهيلهم وفق معايير عالمية من خلال الدمج بين التعليم الأكاديمي والتدريب التطبيقي عبر شراكات ذكية مع شركات رائدة مثل Google وNVIDIA وOpenAI. ولا يقف الأمر عند الجامعات، بل يمتد إلى مدارس التعليم العام عبر إدماج مناهج الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التفكير الحاسوبي، وإنشاء مسارات تقنية منذ المراحل المبكرة، بما يضمن إعداد جيل معرفي مؤهل للاندماج في بيئة العمل الذكية هذه، كما يتطلب المشروع إنشاء مراكز احتضان بحثي وتدريب مهني متقدم داخل المدينة نفسها، ما يسمح بتحقيق دورة متكاملة من التعليم والتوظيف والإنتاج المعرفي.
في التجارب العالمية الأخرى مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة بينت أن نجاح المدن الذكية يعتمد بنسبة كبيرة على استباقية نظم التعليم. وإذا ما نجحت الإمارات في تحويل جامعاتها إلى مراكز لتوليد الكفاءات، بدلاً من الاكتفاء بوصفها جهات مانحة للشهادات، فإن المدينة الجديدة لن تكون مجرد واجهة عمرانية، بل مركزًا معرفيًا عالميًا يصدر الحلول، ويستقطب العقول. لذلك فإن التحديات التي قد تبرز بصورة مباشرة في الموارد البشرية الممكنة هي: أولا القدرة على استقطاب الكفاءات العالمية في ظل منافسة شرسة مع دول مثل كندا وألمانيا وسنغافورة، التي تقدم بيئات عمل جذابة للمبرمجين والمبتكرين. ثانيًا، مسألة تكاليف التشغيل والتوطين التقني، حيث أن الاعتماد المفرط على الأجانب قد يحد من الأثر الاقتصادي المحلي إذا لم تُربط الوظائف بمسارات تدريب وتأهيل وطنية.
نتحرك اليوم لنبقى غدا....
وبناء على هذه التحولات الضخمة التي تفرضها مشاريع الذكاء الاصطناعي حول العالم، فإن صانع القرار في الحكومات، أو الشركات، أو صناديق الاستثمار، يحتاج إلى توجيه خطواته ضمن مسارات مدروسة، واقعية، وقابلة للتنفيذ. الحكومات بكافة مؤسساتها مطالبة أولا بإنشاء وحدة ذكاء اصطناعي متخصصة داخل بنيتها، تكون من أولى مهامها تقييم الفرص، ومراقبة الاتجاهات، وبناء شراكات تقنية. هذه الوحدة يمكن أن تكون مرتبطة مباشرة بالإدارة العليا، لأنها لم تعد مجرد جانب تقني بل محرك للأرباح وتوجيه رأس المال. ثم تتجه الحكومات الى توجيه الاستثمارات نحو البنية التحتية الرقمية الداعمة، والتي تشمل: مراكز بيانات، شبكات الجيل الخامس، الحوسبة السحابية. وكذلك حتى الشركات الخاصة او العامة يمكنها أن تبدأ بامتلاك أو تأجير مساحات تخزين بيانات وتحليل أعمال باستخدام الذكاء الاصطناعي. التوصية الثالثة: إطلاق صناديق استثمارية متخصصة AI – Focused Funds، تعمل بالشراكة مع صناديق خليجية أو دولية، للاستثمار في مشاريع حلول ذكاء اصطناعي تطبيقية. وتتجه مثلا نحو قطاع الرعاية الصحية والتعليم الذكي والحوكمة الرقمية. رابعا: إعادة هيكلة منظومة التعليم والتدريب داخل الجامعات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، من خلال برامج تتبنى أدوات الذكاء الاصطناعي وتؤهل الطلاب والموظفين والعاملين على التعامل معها. ودعم الابتكار الداخلي وتحفيز الموظفين على تقديم حلول ذكية لمشاكل العمل. وفي المقابل نوصي وبشدة بالدخول في تحالفات ابتكار مع المدن الذكية (مثل مدينة الإمارات)، ونيوم وغيرهما، وذلك من خلال إرسال وفود دراسة واستكشاف. فتح مكاتب تمثيل أو شراكة في المدينة. التبكير جدا بتوقيع مذكرات تفاهم مع شركاء التكنولوجيا هناك. والمقترح السادس هو بتبني سياسات استشراف مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن خطط الدولة والقطاع الخاص عبر بناء سيناريوهات من مثل ماذا لو أصبح الذكاء الاصطناعي هو المحرك الرئيسي لسوق العمل، والتشغيل، والإنتاج؟ كيف يمكن التحول التدريجي دون صدمة؟ وسابعا: تحفيز الشركات الناشئة محليًا للعمل على حلول مرتبطة باحتياجات الانتقال الذكي، مثل: الأمن السيبراني، الترجمة الذكية، الزراعة المؤتمتة، إدارة الطاقة بالذكاء الاصطناعي. هذه التوصيات وغيرها، من الأهمية بمكان تحويلها الى إجراءات ذكية واقعية وخطط عمل لها أولوية قصوى للوصول الى المستقبل باستعداد شبه تام.
الخلاصة
أن المدينة الجديدة ليست فقط مشروعًا تنمويًا، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدول على استباق المستقبل وصناعته. الإمارات اليوم تدخل مجال الذكاء الاصطناعي من الباب الكبير، لكنها تعرف أن الرهان لا يكفي وحده، وأن العمل على بناء الإنسان، والمعرفة، والتحالفات الذكية، هو ما سيحدد إن كانت هذه المدينة حلمًا مبهرًا… أم واقعًا يغير وجه المنطقة والعالم. كما ان مشروع نيوم في المملكة العربية السعودية يعد المشروع المنافس وبقود، ما يخلق دينامية تنافسية إيجابية إذا أحسن إدارتها، وفرصة تنمية مذهلة للدول المحيطة في الاندماج مع التنمية الكبرى التي تشهدها هذه المشاريع والتي ستكون الوجهة الأولى لأصحاب الكفاءات من الشباب.
وللحديث بقية...