الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لقاء مع الاستاذ حميد الحريزي

بواسطة azzaman

لقاء مع الاستاذ حميد الحريزي

حاورته حبيبة المحرزي

 

قبل كل شيء أسرة مجلة إيقاع الأدب ترحب بالكاتب والروائي حميد الحريزي.

تقديم المحاورة :

لقد تعددت الأجناس الأدبية واختلفت تصنيفاتها نتيجة تغيّر المنظومة العقلية والمسارات الفكريّة التي أفرزت بدورها أنماطا سردية جديدة تستحيب لذائقة المتلقي المتطورة وفق النّسق الجديد المتسارع المحموم والذي مازال يفرض الاختزال والاختصار كسبيل للانتشار والوصول إلى أكثر عدد من القراء.

هذا التطور الذي غزا الادب والأبداع بكل تصنيفاته واجناسه كما يؤكّده الكاتب الاستاذ حميد الحريزي مبتكر الرّواية القصيرة جدا والتي أصدر منها عشرات المؤلفات وكتب فيها مقالات وكتبا توضح منهجه في هذا الجنس الأدبي ومبرراته.

1سؤال : عرّفنا بحميد الحريزي ؟

ـالولادة العراق- محافظة النجف

 ـالنشأة – الطفولة في ريف المشخاب  من عائلة فلاحية فقيرة، الصبا والشباب والكهولة في مدينة النجف، وسط عائلة فقيرةبسيطة، بالاضافة الى الدراسة اضطررت الى ممارسة مختلف الأعمال من أجل اعالة نفسي ومساعدة عائلتي.

ـالتحصيل العلمي  دبلوم فني تحليلات مرضية

ـالمؤلفات:  - مجموعة قصص قصيرة وقصيرة جدا بعنوان المصابيح العمياء، ثلاثية روائية بعنوان محطات 600 صفحة( العربانه ، كفاح، البياض الدامي)، البركان رواية قصيرة ،  سبع روايات قصيرة جدا ( ارض الزعفران، المقايضة، المجهول، مذكرات كلب،هذيان محموم ، خياط الخزف الصيني،القداحة الحمراء)صدرت في ثلاثة كتب

كشكول الحريزي ، قول في الثقافة والادب   ج1 نقد أدب، قول في الثقافة والأدب ج2 نقد أدبي، روايات زيد الشهيد – نقد أدبي، سيرة حياة وحب وكفاح البروفسور حكمت شبر، طتاب الدين والسياسة كتاب فكري.

مشاهدات مجنون في عصر العولمة – مجموعة شعرية

لايعني- مجموعة شعرية

(ن) سجاح محموعة شعرية.

من اقوال الحكيم الحافي – عراقكو مجموعة شعرية.

مسامير طين – مجموعة شعرية.

2.  هل ثمّة أسماء لأدباء أو شعراء اثّروا في حميد الحريزي المبدع وألقوا بظلالهم على شخصيته ككاتب ؟

نعم في الشعر بابلو نيرودا ، ولوركا ومظفر النواب ، ناطم حكمت

في الرواية  مكسيم غوركي ، جنكيز ايتماتوف، حنه مينا، جوزيه ساراماغوا

3. تقول في تبريرات ميلاد  الرواية القصيرة جدا "لم تأت الأجناس الأدبية منزّلة من السماء  ولم تولد مرة واحدة في حضن المبدع الإنسان ، إنما هي كانت منذ البدء مرادفة إلى الحساسيّات وهواجس الإنسان ضمن فترة زمنية معينة...

فكيف انتقل حميد الحريزي من الشعر والقصة والرّواية والنّقد إلى الرّواية القصيرة جدا ؟     

نعم انها هواجس انسانية لانسان مرهف الحس ، لم اكن اخطط في بداية الامر لكتابة رواية قصيرة جدا، فكانت الاولى ارض الزعفران  في عام 2009 ولم اعلمها  بقصيرة جدا ، ثم تلتها القداحة الحمراء ولم اعلمها برواية قصيرة جدا ، وبعد تفكر نقدي وجدتها ليست رواية قصيرة ولا رواية طويلة  بالطبع ،فعلمتها برواية فصيرة جدا  نظرت لها منذ 2015 ومن ثم بدأت اكتبها بتخطيط مسبق ضمن هذا النوع من انواع جنس الرواية .

4 تقول في أحد تصريحاتك :"الرواية كما هو معلوم هي ملحمة البورجوازية بامتياز. هي الطبقة التي عاشت في بحبوحة من الرفاهية والكسل والتمتع بوقت فائض .حيث تعتاش وتعتصر جهد وفكر ووقت الطبقات الكادحة من العمال والمهندسين المهرة .فهذا الوقت الفائض بحاجة إلى ما يشغله، فكانت الرواية إحدى هذه الوسائل .

السؤال البديهي علام استند الأستاذ حميد الحريزي ليختصر الرواية كما لو كانت وسيلة لترفيه طبقة معينة "البورجوازيين" واختزال الدور بعيدا عن خانة الادب ملغيا الدور الادبي والقيمة الإنسانية للرواية؟

نعم هي بالتأكيد كانت حاجة لطبقة ناهضة البرجوازية في كفاحها ضد الاقطاع ونفوذ الكنيسة ، وتطور الصناعة ، وكانت البرجوازية حينها تمثل طموحات كل المجتمع للانعتاق من نير الاقطاع والنفوذ الكنسي الديني  وبالتأكيد تتمثل طموحات مجتمع باكمله من برجوازيين وعمال وعبيد  ونساء ورجال ، ولكن احتصت بكتابتها وجسدت بشكل كبير مصالح هه الطبقة ومن ضمنها الطبقة الوسطى ولامست مشاعر واحاسيس بقية الطبقات والفئات الاجتماعية  الاخرى التي ماكانت تتوفر على وقت للقراءة والكتابة وهي تعيش ضنك العيش والفقر والحرمان والامية والجهل  ولم  تتمكن ان تعبر عن ذاتها  من قبل كتاب من طبقتها  او من المنحازين لتطلاعاتها الا بعد حين في عصر التنوير ، ولايمكن ابدا الغاء الدور الانساني الكبير للرواية في المجتمع وبدرجات متفاوته .

5.الا ترى أن ما تجنسونه رواية قصيرة جدا هو في الحقيقية "قصة قصيرة " أو ما يعبر عنها بالميكرو نوڤلا" أو هي بكل تقنياتها وأشكالها مثل "فرحة " لتشيخوف أو"  ثمن زوجة "لنجيب محفوظ أو وفاة موظف.او البدين والنحيف..أو قصص ألف ليلة وليلة؟ فما الفرق بينهما ؟

لا طبعا فللقصة  بمختلف انواعها اشتراطاتها الخاصة بها والمعروفة ، وللرواية اشتراطاتها التي تميزها عن القصة، ومهما اختلفت انواعها من حيث تعدد الشخصيات والحورات والزمن والتحولات ،  وهي طبعا اختلف عن المايكرو نوفلا التي  لاتزيد عن عدد من  السطور والكلمات كما تشير مفردة مايكرو – المكرسكوبية ، فالنملة مثلا صغيرة جدا ولكنها  ترى بالعين فهي ليست ما يكرو، ولكن البكتريا والهستولوتيكا   فهي مايكرو لانها لاترى الا بالمجهر ، وهذا توصيف تقريبي للفرق بين المايكر والقصيرة جدا ، والقصيرة ، فنجيب محفوظ وتيشحوف ،واوريل ، وهمنغواي وغيرهم كتبوا الرواية القصيرة short novella  ولم يكتبوا very short novella كما  كتبناها وعلمناها نحن من حيث عدد الصفحات ومن حيث عدد الكلمات ، وكثيرا ما يخلط الذكاء الاصطناعي والجيبيت بين الرواية القصيرة جدا باعتبارها قصة قصيرة جدا مما يستوجب الانتباه الى ذلك جيدا ، فحسب اطلاعي الشخصي لم اجد من طبع روايته وعلم على غلافها رواية قصيرة جدا ، ولا اقول ليس هناك من كتبها ضمن مواصفاتنا من حيث الطول والاسلوب ولكني اقول لم يعلمها ب  رواية قصيرة جدا ولا very short novellaمما یستوجب الدقة للباحث والناقد الموضوعي للتمييز بين هذه الانواع والتحقق مما يطرحه الذكاء الاصطناعي او الكوكول، فمثلا يقول ام  المسخ لكافكا هي رواية قصيرة جدا ، ولكن عند التحقق من عدد الصفحات وعدد الكلمات تظهر مطابقة للرواية القصيرة ، وكذلك لم يعلم كاتبها وحتى مترجمها غلافها برواية قصيرة جدا...فرواية small things like this  لكلير كيغان  الفائزة بجائوة نوبل فهي  رواية قصيرة وهي اقصر رواية مقدمة الى جائزة ، وهي ليست رواية قصيرة جدا حيث تتكون من 116-128 صفحة حسب الطبعة اي تتجاوز كلماتها ال 20000 كلمة  في اقل تقدير  مما يبطل دعوى من يرى انها رواية قصيرة جدا ، والروائية والرواية  وحتى المترجمة منها ومن نقدها لم يوصفها برواية قصيرة جدا،ومثلها رواية الزين بركات للغيطاني، اخراج قبة لنجيب محفوظ ، صاحب الظل الطوسل جان ويبستر .

ومما يجدر الاشارة اليه ان ليس هناك من نظر للرواية القصيرة جدا ، ولم يظهر ويطبع كتاب تنظيري للرواية القصيرة قبل كتابنا (الرواية القصيرة جدا – اضاءات نقدية) الصادر عن دار رؤى للطباعة والنشر عام 2025، وسبقه مقالنا في جريدة الزمان 2015. اما الاستاذ جميل حمداوي وغيره من النقاد فقد نظروا للقصة القصيرة جدا .

عفوا ربما اسهبت في هذا الامر للاهمية وبسبب ما لاحظته من خلط في المفاهيم والمصطلحات والايهامات من قبل الذكاء الاصطناعي التي يحتج بها احينا بعض المناهضين والمعارضين والغير المستوعبين للرواية القصيرة جدا باعتبارها ابتكار أدبي عربي بامتياز.

6 -الاستاذ الحريزي تدرجت بالمولود الرواية القصيرة جدا كنتيجة حتمية للتطور الإبداعي وفق الكم لا الكيف فقلت: "فهناك پالرواية الطويلة جدا والمؤلفة من عدة أجزاء والرواية المتوسطة والرواية القصيرة وهنا فلا غرابة ولا شذوذ أن يولد نوع من جنس روائي يحمل اسم الرواية القصيرة جدا .

فما هي تقنيات هذا الجنس الأدبي وما هي ضوابطه؟

نعم في مقدمة الضوايط

  1. ان تمتلك كل اشتراطات الرواية .
  2. تجويع اللفظ واشباع المعنى ( خير الكلام ماقل ودل) بمعنى التكثيف والاختزال الشديدين.
  3. ترك فراغات ضمن السرد يتم اشغالها من قبل المتلقي والذي اسميناه المؤلف الثاني للنص الروائي ، حيث لا داعي لتعريف ماهو معرف بالنسبة له كتوصيفات الاعلام في السياسة والادب ، والمظاهر العامة للشخصيات فلا يذكر الصفات المشتركة لكل البشر  كلون الشعر والعيون ، والطول والقصر000الخ فلا تذكر الا العلامات الفارقة، حتى بالنسبة للبيوت والساحات فلا داعي لذكر التفاصيل حيث اصبحت هذه التفاصيل معروفة ومختزنة في ذاكرة المتلقي في هذا الزمان زمن الفضائيات واليو تيوب والتواصل والسفر  بين القارات والدول فلا داعي لاعادة سردها ثانية لتستهلك وقته المحدود جدا في عصر السرعة والانشغالات اليومية المكتظة .
  4. فمن كل ذلك حددنا ان لاتزيد كلمات الرواية القصيرة جدا على 5000 كلمة او اكثر بقليل بحيث لا تلامس الرواية القصيرة 7000 كلمة فما فوق ، ولا تقل عن 3000 كلمة حتى لاتلامس المايكرو نوفلا ، وان  تترواح عدد الصفحات 20-50 صفحة او اكثر او اقل بقليل، ويمكن ادراج هذا النوع من انواع جنس الرواية ضمن الادب الوجيز .

7. ما هو هامش الحرية المتوفرة للكاتب للتصرف في هذا الجنس الأدبي حسب رايكم؟

كتابة هذا النوع من الرواية يتطلب كفاءة عالية من قبل المؤلف وان يستبطن مخزونا ثريا من ناحية اللغة ، وثقافة تتجاوز المتوسط ، وفهم المتلقي للعمل الروائي ، القدرة عى نبذ حالة وعادة الاسهاب في التوصيف والتعريف ... وله بعد ذلك حرية استخدام الرموز والتلميح قبل التصريح  بحرية كاملة دون الوقوع في فخ الغموض العبثي ، أن يقترب كثيرا من النص الشعري النثري ليغني الدلالات والمعنى ، يتحكم في حياكة الكلام وتلوين خيوط النسج دون بهرجة ودون نشاز ، ونظرا لحداثة هذا النوع فسنرى ابتداع صيغ واساليب ربما لم تخطر ببال الرواد ولكن سيبدعها كتاب ونقاد هذا النوع مستقبلا ، فهو نوع قابل للتطوير والتحوير ولم يبلغ درجة الكما بعد وكما يقال  اذا اكتمل الشيء مات .

8   كيف يخلق الاستاذ حميد الحريزي مواضيع رواياته القصيرة جدا ؟

لايمكننا ان نحدد اسلوب أو طريقة محددة لتخليق وتجسيد مواضيع الروايات عموما ومن ضمنها الرواية القصيرة جدا ، ولكنبالتكيد هناك مخطط مسبق مرن لمواضيع وشخصيات الرواية  بالتكيد ستدخل عليه تغييرات واضافة او شطب خلال ممارسة الكتابة ، مراعيا في ذلك اشتراطات الرواية القصيرة دا ومحدداتها ، وارتباطها بالجنس الام الرواية ، فيجب ان اكون الرواية القصيرة جدا وامضة وليست قابضة ، بعيدة عن التلقين كما في الرواية الطويلة  والرواية القصيرة، التي امتازت بالمنبرية  وفرض الصور والخيارات ، كما ان الرواية القصيرة جدا تستبعد  كثيرا حضور الراوي كلي العلم في السرد فلايمكن  ان نستبطن  دواخل نفس الانسان بكل تفاصيله وبدقة لنفرضها على مسيرة الحدث، بل نترك هامشا كافيا للمتلقي لاستبطان مداخيل النفس البشرية  والسير بالحدث ضمن مايراه وربما يعيد كتابة الرواية وتحولات الشخصية بطريقة تختلف عما افترضه المؤلف الاول .

ـما درجة الواقعية والتخييل فيها؟

بالتاكيد الواقعية حاضرة في الرواية القصيرة جدا كما في غيرها  فمهما كانت الاحداث غرائبية وسحرية وعجائبية فلا بد أن يكون لها جذر في الواقع الاجتماعي والثقافي لمجتمع معين وبيئة بشرية معينة  وفي زمان ومكان محدد.

ـهل للفلسفة مساحة في الرواية القصيرة جدا؟

نعم وبالتكيد وللفلسفة  دور مهم  في كتابة الرواية القصيرة  جدا  وتمكن الكاتب من الاختزال والتكثيف   فغالبا ما  تلمح الفلسفة ولاتصرح ، تغني المعنى وتجوع اللفظ ، ويمكن ملاحظة  هذا البعد الفلسفي الكبير في روايتي القصيرة جدا (هذيان محموم) التي حازت على اهتمام كبير من النقاد والادباء .

9 هل يرى الروائي حميد الحريزي  ان تجربته في الأجناس الأدبية الأخرى كالشعر والقصة والنقد لم تكن باتة في تحديد اختصاصه الادبي لذا لجأ للبحث عن سبل تعبيرية اخرى و خلق جنس الرواية القصيرة جدا؟

لا  ليس هذا بالضبط فكتابة الرواية القصيرة جدا ليس هو اللجوء الى جنس او نوع أدبي  يسد هشاشة أو فقر ـ او عدم الكفاءة في كتابة الاجناس الاخرى  وبوجه الخصوص  لجيلنا الخمسيني وهو جيل  مال الى الموسوعية  والتنوع ـ قبل هيمنة وسيطرت الاختصاص الدقيق ، وهذا ربما شتنا بعض الشيء  ولكنه  غطى مساحة كبيرة من هواجس النفس البشرية التواقة للتوع والتجديد ، تتحكم في ذلك ظروف ووعوامل تساعد على تقديم جنس معين او نوع معين من انواع الابداع الادبي ، فالنص الشعري يولد في لحضته ولايمكن تاجيل ولادته،  بينما النقد والقصة والرواية بحاجة الى الكثير من الجهد والوقت قد تستغرق  سنوات  لتكتمل، فبذلك لا ارى نفسي  مشتتا ولا ضائعا بين كل هذه الاجناس، ولكني مستجيبا لحوافز ومبررات كل جنس وكل نوع ، ولي ايضا كتابات غي قليلة في السياسة والفكر والفلسفة وعلم الاجتماع ولكل حيزه ووقته وحاجة روح الكاتب ومتطابات المجتمع اليه ، باعتبارنا نرى ان الادب والاديب حامل رسالة تنوير وتطوير حياة الفرد والمجتمع والسير بالعالم نحو الاجمل والافضل والاكمل...

11. في تقديمكم الذي تصدر "الروايات القصيرة جدا 5" والذي امتد على اكثر من سبع عشرة صفحة ذكرت إن العولمة هي المسؤولة عن ميلاد جنس ادبيّ "جديد" هو الرواية القصيرة جدا؟ وهو تقديم فيه تنظير وتأطير للمتلقي كي يقبل على هذا الجنس الأدبي الجديد عن قناعة ورضا ؟

فهل أن التنظير والسعي إلى تربية المتلقي وفق مبادئ وقناعات  الكاتب هو الهدف ام هي الحاجة الملحة لتغذية ذائقة الإنسان المعاصر ليواكب العصر.

نعم اني ارى عصر العولمة المذهل في سرعته وفي ميله الى تصغير وتطوير وتغير الحياة والاشياء المادية  والحياتية ، بحاجة الى ان تساير المتطلبات الادبية  والروحية الى ان تساير روح العصر وعدم ترك الانسان  في قبضة هذه المتطلبات المادية لتتصحر روحه ويعيش الغربة وفقدان الاحساس مما يفقده انسانيته ، فلو تفكر احدنا جهازه النقال الموبايل فسيجد كم اختزل هذا الجهاز من اجهزة ودمجها بعض ببعض فهو التليفون وهو المسجل وهو جهاز التلفاز والمذياع والكاميراووو. فهذا الاختزال يستوجب ما يقابله من الاختزال في اسلوب وطريقة الابداع وكيف انعكس بالفعل على تداخل الاجناس والانواع الادبية وميلها الى  الاختزال .

نرى كيف ابتع الانسان الاكلات السريعة(انت وماشي) ليسد حاجنه للغذاء المادي وفق زمنه المحدود وانشغالته الكثيرة، فالرواية القصيرة جدا وبقية الابداعات المختزلة  هي استجابة انسانية  روحية  للحفاظ على حالة التوازن للشخصية الانسانية  في عصر لاهث  نهم لتلقي المتطلبات المادية  على حساب المتطلبات الروحية ...

12 كيف يرى الاستاذ الحريزي مستقبل الرواية القصيرة جدا؟ هل ستكون مسيطرة ام أن القصة القصيرة تظل الأسبق والأكثر انتشارا؟

اني متفائل جدا بمستقبل الرواية القصيرة جدا  استجابة لمتطلبات العصر مستوعبة توعاته وغناه ماديا وتكنلوجيا ، ولاشك ان الرواية القصيرة جدا سيبقى لها الحضور ولكنها ليست بمستوى الرواية القصيرة جدا ، فالقصة القصيرة تختزل حدثا ومشهدا واحدا ، بينما الرواية تختزل العديد من الاحداث والظواهر  والتحولات في حيز مختصر ومعبر يساهم الفرد في ترسيمها وتدويرها وتفكرها .

13 ماراي مبدع الرواية القصيرة جدا في الآداب الأجنبية ومدى تأثره بها؟

العالم اليوم اصبح  كبيت واحد  وليس كقرية واحدة والتفاعل والتعامل مع كل متغيراته لابد منها ومن لا يستجيب لها مع  مناعة ضد التافه والمبتذل  منها لابد منه ، فالافلام القصيرة جدا  والشعر الحديث   والومضة الشعرية والقصصية كلها مقومات لاغناء الروح ومسايرة  تطورات العالم وعدم الانكفاء على الذات وعدم الشعور بالغربة والضياع في العالم .

 

14.ما راي الروائي حميد الحريزي في القصة القصيرة جدا والمنظومات السريعة الأجنبية كالهايكو والتانكا؟ وغيرها من هذه الأجناس السريعة جدا؟

ارى انها متطلبات العصر الحاضر وتعبر عن خصائص شعوب وبيئلت اجتماعية  تسعى للاحتفاظ بانسانيتها  والانفكاك والافلات من مخالب المتطلبات المادية والهوس المادي والاستهلاكي الذي يسعى الى تصحر الروح ...

 

15 في زمن فوضى النشر وما يوفره الذكاء الاصطناعي ومنصات البيع الالكتروني التي تدرج الكتب ضمن مبيعاتها دون شرط أو قيد .كيف يرى حميد الحريزي مستقبل الادب بالدّول العربية .؟؟

في الوقت الذي تكون لهذه التطورات التقنية من فؤاد كبيرة  ومرددوات ايجابية على حياة الانسان العامة واليومية واغناء ثقافته ،وهذا امر يتحكم به  الأنسان الموجه لهذه التقنيات وما يرسمه وفقا لمنهجه في الحياة ومصالحه ، هل يسعى لروح التعاون والتضامن بين البشر ، او لنشر روح العداء والتنافس الشرس ، ونشر ثقافة الاستهلاك وتغييب الوعي  للحفاظ على مكتسابته النفعية الضيقة ،ونشر ثقافة الرثاثة والانانية والتفاهة ، وهذا امر خطير يتطلب سلوكا عقلانينا متوازنا للقوى المتحكمة في هذه التقنيات ، وعلى الانسان كفرد ان يسلح ذاته ويوفر لها  عوامل الوقاية لمقاومة الانحدار الى عالم الشر والكراهية والافتراس ...

وما زال الادب هو الساعي لحياة  اجمل وافضل للأنسان فسيظل المقاوم الاصلب والاقدر على مواجهة كل مظاهر القبح والعنف والتجهيل والتضليل والتفاهة، وسرعان ما ينبذ مايعلق به من مظاهر التسطيح  والابتذال، ليسعى نحو ما يغني حياة الانسان بالحب والسلام والتعاون ، ولا يخرج الادب  في العالم العربي والدول العربية ، ووفقا لنوعية هذه الانظمة الحاكمة  فما يوجد في دول ذات انظمة ديكتاتورية استبدادية متخلفة  يضيق على الادب والمتج الابداعي محاولة توجيهه  بما يخدم ادامة هذه الانظمة وشموليتها وفقرها الروحي ، في حين الانظمة الديمقراطية تهتم بتحفيز وتطوير الادب الهادف  لنباؤ الانسان المنفتح المتج المتعاون .

ولابد من الاشارة الى أن الادب هو المستعصي على  هيمنة وسطرة وتحكم الانظمة الحاكمة مهما كانت سطوتها وهمجيتها ، فقد انتج الانسان ادابا وفنونا راقية في ظل انظمة طاغية وقاهرة ومستبدة  وفي العالم  شواهد كثيرة على ذلك .نأمل ان يكون للادب والثقافةدورا هاما لمقاومة واقع العالم العربي حيث التشتت والشرذمة وضيق افق الحكام ، ومواجهة المخاطر الكبيرة التي تواجهها شعوبا من قبل قوى التوحش والاستغلال والهيمنة والسيطرة المتحكمة في عالم اليوم .

 

16. هل يرغب الاستاذ حميد الحريزي في إضافة ربما لم ترد ضمن الاسئلة؟

* اود اشير هنا ان مايهمني  بالدرجة الاولي  هو تكريس وشرعنة ونمو ونضوج هذا الوليد الجديد (نوع الرواية القصيرة جدا) كنوع جديد من أنواع الرواية  زكمنجز ادبي عربي بامتياز ، ولايهمني من هو الرائد العربي الاول في هذا النوع وابتكاره ، فهذا امر ثانوي  يثبته الباحث عبر وثائق وأدلة  ومقاييسس  وضوابط معروفة ، يسرني كثرا  واكون في غاية السعادة لمن سبقني ولمن يتبعني ومن يساهم في تكريس وتطوير ونشر هذا النوع الروائي الجميل، لايهمني الفخر الريادي بقدر ما انا مسرور في بث روح الانتشار والنمو لهذا النوع الجديد ورسوخه في العراق والعالم العربي  متمنيا ان يرتقي ليأخذ مكانته في ساحة الأدب العالمي

املي ان يساهم كل ادباء ومثقفي العالم العربي الى المزيد من الثقة بالذات والقدرة على الابداع والتجديد واغناء ثقافتنا وثقافة العالم بما هو افضل واجمل ، وعدم  الانجرار الاعمى وراء ما ينتجه ويروج له الاخر دون تفكر وتمحص لكل ما يفرزه وينتجه العالم الاول في مختلف مناحي الحياة ومنها الثقافة والادب ، تعزيز علاقات التبادل الثقافي والادبي بين شعوبنا العربي تحديا لحاجز الحدود والقيود المفروضة من قبل الانظمةالحاكمة ...

ولكم مني كل الشكر والتقدير لفتح هذه النافذة المضيئة على عالمنا العربي لتداول الافكار والاراء وتبادل التجارب  بين الادباء والمثقفين وبين كل  شعوبنا المتطلعة الى شمس الحرية والرفاه والسلام .

 

 


مشاهدات 771
أضيف 2025/03/08 - 1:04 AM
آخر تحديث 2025/03/31 - 7:36 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 206 الشهر 19253 الكلي 10580202
الوقت الآن
الإثنين 2025/3/31 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير