وبشر الظالمين بحكم الله
حمزة محمود شمخي
قد يتجاهل البعض منا بعلم او بدون علم او بسبب تاثير سلوكي مركب (قانون الكارما) الذي نعيش في فعالياته وتاثيراته يوميا.وهذا القانون مفهوم اخلاقي في المعتقدات الانسانية المتعددة(اساسه مبدأ السببية حيث التصرفات والأفعال الفردية تؤثر على مستقبل الفرد).
وينظر الى الكارما Karma من انه ليس قانون وضعي انما هو قانون للعدل إلاهي أساسه(الفعل ورد الفعل) ومختصره(كما تدين تدان).
وفلسفة ذلك الاعتقاد ان الله عزوجل لم يترك اي شيء في تنظيم حياة الناس وجعلها في اقدس تنظيم انساني واجتماعي وسلوكي،ولكن بعض الناس لايدركون مضامين ما ورد في كلام الله المحكم في القرأن الكريم الذي تناولت بعض اياته بشكل وافي ذلك .
ان الله بحكمه العادل سينزل عقابه لمن ظلم الناس بدون حق، دون ان ينساه وهذا توجيه عدلي إلهي للانسان في أن يتجنب الظلم والقسوة والسلوك السلبي الذي يعتاش عليه البعض نتيجة مركب نقص في شخصيتهم وسلوكهم وتاريخهم او لدوافع الانتقام نتيجة اضطراب سلوكي ،لان نتائجه ستعود عليهم بنتائج شديدة القسوة بارادة الله وفق محكمة العدل الإلهي التي ينظمها ان عاجلا ام آجلا، وهو توجيه للانسان في ان يسخر حياته للخير والمحبة والرحمة.
ان قانون العدل الإلهي يؤكد ان كل ظلم يصدر من اي انسان او شر سببه لاحد او قولا خدش فيه كرامة شخص او تزوير او تحايل لجأ اليه لتسبيب الظلم وتاكيده ، لابد وان يعود عليه بطاقة عقاب اكثر ثقلا وقسوة من ظلمه ان عاجلا او آجلا، فهي طاقة العقاب الكوني وفق محكمة العدل الإلهي التي يقرها ويحكم بها الله سبحانه وتعالى،وهي تبشير صادق ضد الظلم بذاته وصانعه ومؤيده.
وأبدأ مقالي بمقولة حكيمة بمعناها ودلالتها لاحد الحكماء تدخل في اطار الحوار الروحي بين الظالم والمظلوم وهي:
(قيل لاحدهم :لقد طال أمد الظلم.
قال: إذا لقد قصر عمر الظالم.)
وهذه المقوله حكمة عظيمة ومعبرة ومفسرة لعلاقة الظلم بصانعه وفق قانون العدل الإلهي.
وفلسفة هذا القانون ان الله عزوجل نظم حياة البشر في المجتمعات المدنية وجعلها في أقدس تنظيم إنساني واجتماعي وسلوكي،ولكن بعض الناس لايدركون مضامين القوانين الإلهية وعدالتها كما ورد في كلام الله المحكم في القرأن الكريم،الذي جعل محمور خطابه الانسان واهتمامه وعدالته ورحمته الروحانية ،اضافة الى الاحاديث النبوية الشريفة واقوال اهل البيت والحكماء التي ركزت على ذلك.
فقد ذمَّ اللهُ الظالم في اكثر من سورة قرآنية منها قوله تعالى:
{أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}سورة هود(18).
{إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍۢ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقًا} سورةالكهف(29).
ويعزز حكمه في سورة مريم(65){ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا }.
وفي سورة الزلزلة(8،7){فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
آيات كريمة مبهرة ومعبرة عن حكم الله وعدله وعدالته لمن ظلم ،وتحقيق التنظيم الاجتماعي والروحي بين الناس .
ولان الظلم وصانعه ملعون ومذموم وله ابعاد اجتماعية وسلوكية،فقد تناولتها بتأكيدها الكثير من الاحاديث القدسية في السيرة النبوية المطهرة مثل قول النبي (ص):
{ اتق دعوة المظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب}.
وحديث اخر{ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا).
ومن بعض اقوال الائمة الاطهار قول الامام الحسين(ع):
{إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا الا الله جل وعلا}.
ومضمون هذه الايات الكريمات واقوال من أكرمهم الله منزلة،ان الله بحكمه العادل سينزل عقابه لمن ظلم الناس وقطع ارزاقهم دون ان ينساه،وهذا توجيه عدلي إلهي للانسان في تجنب الظلم والقسوة والسلوك السلبي الذي يعتاش عليه البعض لاسباب اجتماعية وتربوية وسلوكية نتيجة مركب نقص في شخصيتهم وسلوكهم او لدوافع من الاستهداف الشخصي وغيرها،حيث ان نتائج ظلمهم وقسوتها ستعود عليهم بنتائج شديدة القسوة بارادة الله وفق محكمة العدل التي يعقدها ويحكم بها ان عاجلا ام آجلا.
ويفسر الكثير من الحكماء هذا التوجه الإلهي بتاكيد ان من (سنة الله تعالى في الظالمين الإملاء لهم، لئلا يظن من يستبطئ وقوع الوعيد أن تأخر العذاب والإهلاك دليل على عدم وقوعه.بل سيقع وسيكون شديدا، لأن الظالمين قد قامت الحجج عليهم، وانقطعت معاذيرهم)وفق محكمة العدل الإلهية.
ومفسري ايات القران يؤكدون بالدليل التحليلي إن اي شيء يحصل للانسان ما هو الا حدث مسبب،فمن مكنته سلطته في ظلم الاخرين وقطع أرزاقهم ظلما بدون سبب وانما لاهداف شخصية مقيته،واذا ما استعان بالتزوير والتحايل لتبرير ظلمه وقطع أرزاقهم،سوف يدور ويدور في الكون ويعود عليه باشد مما عمل وهي نتيجة سلبية ظالمة لصاحبها اضعاف ما ارتكبه من أذى.
ان قانون العقاب الإلهي يعتمد على التصرفات والنيات حيث(أن كل ما سيحدث في مستقبل الشخص،هو نتيجة لأفعاله وتصرفاته في الوقت الحاضر)،لذا فهو قانون إجتماعي يهدف إلى تجنب الظلم والشر والعدوانية خوفا من أن يعود عليهم تبعا لذلك.
إن موضوع الكارما ومضمونها ليست شىء( منفرد بذاته انما هي اسم لمبادىء كونية ترمز للعدل الإلهى، تفسر مرور الأحداث بتوازنها الدقيق) ويمكن القول أن(الكارما هى القدر)حيث ان لكل انسان(طاقة أثيرية مسؤولة عن كافة قدراته وابداعاته وارتقائه ، وتتأثر نقاوة وصفاوة الطاقة بالتوازي مع نقاء الأفكار والأفعال والنوايا).
ان التوجيه الإلهي للانسان هو ان يدرك ويتعامل بالكارما الايجابية والابتعاد عن ظلم الاخرين والكراهية التي تعد أخطر مرض يتعرض له الانسان.
أهل الحق ومن ظلم بالباطل لا تيأسوا من رحمة الله أبدا ومن أبواب الرحمة التي يفتحها مهما طالت جولة الظالم ،فأنهيار الظالم وظلمه يكون سريعا وخاطفا كنزول المطر. وسوف يصيب الظالم في الجسد والمال إن آجلا أم عاجلا.
وبشر الظالمين،ان ظلمكم لايدوم وان الله قد يمهل في عقابه ولكن لا يهمل،ويمنح الحجة تلو الحجة، والفرصة تلو الفرصة لكي يحيد الظالم عن ظلم الناس.
قال لامه(أعطني نصيحة،قالت إياك ان يشتكيك أحد الى الله).