الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العطش في العراق

بواسطة azzaman

العطش في العراق

فيصل عبد الحسن

 

كلما ازداد هجير الصيف، وازدادت الحرارة توسعت الأراضي الصحراوية في العراق مساحة، وكثرت حاجة العراقي للمياه، وبرزت مشكلات عديدة للدولة العراقية في إدارة ملف المياه، وأغلب القائمين على هذا الملف للأسف بلا خبرة، ولا معرفة بحيثياته لأن معظمهم جاءوا إلى مناصبهم من خلال المحاصصة، التي لا تهتم كثيراً بأسناد مناصب الدولة المهمة إلى هذا وذاك من دون اهتمام بالخبرة والمعرفة الميدانية والتاريخانية في المنصب، فتوجد مناصب في الدولة لا يمكن التنسيب إليها من هب ودب وكلما تغير نظام للدولة بٱخر؛  لدواع وطنية جليلة؛ لا تهم الجيل الحالي فقط بل وحتى الأجيال القادمة من العراقيين، الذين لا محالة سيعانون من العطش، فهذا الملف يعني بالدرجة الأساس على معالجة شحة المياه، وترشيد استخدامها، ووضع الاتفاقيات الملزمة مع الدول المجاورة للحصول على الكمية الكافية من المياه، وفق القوانين الدولية، التي تنظم تقاسم المياه بين دول المنبع ودول المصب، التي تجري فيها الأنهار، وبما يكفي احتياجات الشعوب المحيطة بالأنهار منبعاً ومصباً، لزراعتهم، ومعيشتهم، فالماء سلعة استهلاكية خطيرة، وكلما كان الطلب عليها كثيراً، كلما ازداد ثمنها، وتأتي الزيادة في طلبها بازدياد عدد السكان، وتحضر حياتهم، فكلما ازداد المجتمع حضارة كلما ازداد استهلاكه للماء، ولنا فيما نعانيه في العراق من مخاوف كثيرة كل سنة في فصل الصيف في الحصول على حصة كافيه من المياه القادمة من تركيا، لرفد دجلة والفرات بعد مروره بالجارة سوريا، دروس ودروس!!

 شط العرب

مما يجعل مَنْ يهمهم الأمر في وضع الخطط المائية للعراق بالتحسب من كل ذلك، لئلا يؤثر عدم كفاية حصتنا المائية القادمة من تركيا، فيتسبب ذلك بتقليل المياه المغذية لدجلة والفرات، ويؤثر بالتالي على مستويات  تدفق المياه عند ملتقى النهرين قرب مدينة القرنة، فيتسبب ذلك في تدفق مياه الخليج العربي المالحة قادمة من الجنوب، وصاعدة في مجرى شط العرب صعوداً، حسب قانون الأواني المستطرقة المعروف، وبما يهدد مياه شط العرب ويجعلها مالحة، وغير صالحة حتى للاستحمام الآدمي أو للاستخدام في الزراعة.

وتتسبب تلك المياه المالحة أيضا في تغيير مكونات التربة المحيطة بالنهر، مما يهدد بزيادة مساحة الأراضي الصحراوية، وإبادة الحزام الأخضر المحيط بالضفتين للنهرين لمسافات طويلة، مما يساهم في زيادة ظاهرة الأجواء المغبرة في المدن، وزيادة حوادث السيارات في الطرق الخارجية، وأكساء التربة الصالحة للزراعة بطبقة من الأملاح والرمال الصحراوية غير الصالحة للزراعة وهذا يعني عدم صلاحيتها للزراعة.

سوريا الجديدة

موارد المياه كما تصنف إلى: مياه أمطار، مياه جوفية، وأنهار ومستنقعات، ومحيطات وبحار، ويمكن أن تحسب كميات كل نوع من هذه المصادر، فلذلك فكل بلد عربي قادر على تقدير كميات ما لديه من ثروة المياه، وعلى أساس تلك الحسابات يمكن أن توضع الخطط في وزارات الري والتخطيط، لحسابات ما يكفي للزراعة والاستهلاك الحضري، وما يمكن توفيره للسنوات التالية، وهل هناك تقصير سنوي في هذه الثروة لرفد خطط التوسع في الزراعة والصناعة، وحياة الإنسان المدينية.

وتؤكد دراسات كثيرة حول المياه في الوطن العربي، أن الوطن العربي والذي تنبع 86 بالمائة من مياهه من دول غير عربية قد حقق في منتصف الثمانينات من القرن الماضي تغطية للطلب على المياه، ولكن الدراسات تؤكد أيضاً أن الوطن العربي بعد عام 2035 سيواجه عجزاً في كميات المياه المطلوبة يصل إلى: مائة بليون متر مكعب، فكم ستكون حصة العراق من هذا العجز المائي؟!! وربما هذه الدراسة، وغيرها من الدراسات المائية حركت دولاً أفريقية تقع إلى الجنوب من مصر لوضع خططها لبناء سدود جنوب مصر قريبة من منابع نهر النيل، وإعادة جدولة حصصها من مياه حوض النيل، وكذلك فعلت تركيا وإيران ببناء السدود، وتم تغيير مجرى العديد من الروافد التي تجري في أراضيها بعيداً عن الأراضي العراقية للحفاظ على أكبر قدر من حصتيهما المائية، ولا ندري في العهد الجديد في سوريا كيف ستتعامل هذه الدولة مع ملف المياه القادمة إلى نهر الفرات الذي يمر بها، ولست من المتفائلين في ظهور اللاعب الجديد في سوريا بالنسبة لهذا الملف، فهو يريد إثبات وجوده في تنمية سوريا اقتصادياً، مما يتطلب منه أن يوفر حصصاً أكبر من مياه الفرات.

الحلول

ومن الحلول الممكنة لتفادي أزمة مائية قادمة في العراق، التوسع في استخدام التقنيات الحديثة لتحلية المياه، ومعالجة المياه الثقيلة في كل مدينة والاستفادة من المياه الناتجة منها في زيادة المساحات المزروعة، وتنقية مياه البزل لإعادة استخدامها، بكفاءة عالية، والعمل بالتقنيات الحديثة للتغذية الصناعية للمياه الجوفية، واستخدام الري التنقيطي في الزراعة لتقليل نسبة الفاقد من المياه، وإجراء البحوث المستقبلية من قبل هيئة حكومية مسؤولة تزود وزارة المياه والري بتوصياتها، واقتراحاتها، واستحداث تخصصات في العلوم المائية في الجامعات العراقية لتخريج جيل جديد من التقنيين والمهندسين الأكفاء لإدارة هذه الثروة بكفاءة عالية، وفق أحدث الأسس العلمية، فالعطش في العراق قادم قادم ويقرع ناقوس الخطر، فهل من مذكر؟!!

  كاتب مقيم في المغرب

 


مشاهدات 70
الكاتب فيصل عبد الحسن
أضيف 2025/02/22 - 4:39 PM
آخر تحديث 2025/02/23 - 6:34 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 126 الشهر 12377 الكلي 10407748
الوقت الآن
الأحد 2025/2/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير