الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الاختفاء القسري في سياق الهجرة والعودة

بواسطة azzaman

الاختفاء القسري في سياق الهجرة والعودة

محمد تركي العبيدي

 

تظل  الجهود التي تبذلها اللجنة الدولية للإختفاء القسري في العراق منصة مهمة لدعم  العديد من الناشطين ومنظمات المجتمع المدني العراقية  التي دأبت على توثيق ومتابعة مخاطر الإختفاء القسري ونتائجه الكارثية منذ اندلاع العنف في العراق بعد (2003) وتصاعده إبان الصراع الطائفي في الأعوام (2006-2008) وما تبع ذلك من تواجد مجموعات مسلحة عديدة على الأرض العراقية كالقاعدة وداعش وغيرها التي استطاع العراقيون التخلص منها بتضحيات جسيمة كان ثمنها الآلاف من المختفين والشهداء.

لكننا  ما يهمنا هنا  أن نسلط الضوء على الإختفاء القسري في سياق الهجرة والعودة  من أجل حماية اللاجئين وعودتهم عودة طوعية كريمة آمنة منظمة ومنتظمة.

إلى ذلك، وقبل أكثر من سنة تقريباً دق خبراء الأمم المتحدة المعنيون بمكافحة الاختفاء القسري ناقوس الخطر لتنبيه الدول بشكل جديد من اشكال الفقدان والاختفاء القسري في سياق الهجرة والعودة، مذكرين الدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ولحماية هذه الفئة التي تدفعها النزاعات المسلحة او الاضطهاد او التمييز او الكوارث الطبيعية او التدهور البيئي او التغير المناخي او الأوضاع الاقتصادية الصعبة او ارتفاع معدلات الجريمة، للهجرة نحو المجهول. وقد كان للعراق وسوريا نصيبا كبيرا من تلك الفئات خلال السنوات الأخيرة وفقد العشرات منهم في سياق الهجرة او العودة الامنة واصبح عدد منهم ضحايا لعصابات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر وسجلت المنظمات غير الحكومية العديد من تلك الحالات.

لقد وثقت لجان الأمم المتحدة وخبرائها  أوضاع مزرية للمهاجرين في مختلف دول العالم وظروف إقامة غير قانونية وغياب للوثائق مما وضع هذه الفئة في وضع جعلهم عرضة لمختلف الانتهاكات ومنها الاتجار بالبشر والاتجار بالأعضاء البشرية او الاختفاء القسري كمرحلة تحضيرية لاستغلال الضحايا والاتجار بهم سواء بتدخل من الموظفين الحكوميين او بعلم منهم او من قبل الكيانات من غير الدول. وتشمل أهداف الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، الذي اعتُمد في عام (2018)، معالجة أوجه الضعف المرتبطة بالهجرة والحد منها، وإنقاذ الأرواح وبذل جهود منسقة بشأن المهاجرين المفقودين، ومكافحة الاتجار بالأشخاص في سياق الهجرة الدولية (الأهداف 7 و 8 و 10). وقد تناول الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي هذه القضية لأول مرة في عام (2017)، في تقريره عن الاختفاء القسري في سياق الهجرة، ولكن الوضع لم يتحسن منذ ذلك الحين. غير أنه لا يوجد بيانات دقيقة عن عدد ضحايا الاختفاء من بين المهاجرين المفقودين، وإذا توافرت هذه البيانات، عادةً ما تكون غير دقيقة، وهذا يعود الى أسباب عديدة أهمها ضعف التعاون الدولي.

وتطرق التعليق العام رقم (1) لسنة (2023) الصادر عن اللجنة الى مسألة مهمة الا وهي عدم جواز الحجز السري للمهاجرين واذا ما تطلب الامر احتجاز أي مهاجر فيجب احتجازه في مراكز احتجاز معلومة وخاضعة للزيارة فضلاً عن إمكانية تقديم المحتجزين لطلباتهم المتعلقة بأوضاعهم القانونية، ولمنع اية معلومات مظللة طلب التعليق العام من الدول، جمع البيانات المتعلق بالمهاجرين المفقودين وتبادلها مع الدول المعنية، وينبغي أن تتخذ الدول الأطراف تدابير فعالة لضمان حماية الأطفال المهاجرين غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم الذين يقيمون في مراكز الاستقبال، أو غيرها من أماكن الإيواء حتى لا يقعوا ضحايا لانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك حالات الاختفاء او الاتجار بالبشر، والأطفال الذين يولدون على طرق الهجرة أو في أماكن سلب الحرية معرضون لخطر إضافي يتمثل في الترحيل غير المشروع، ولذلك من الأهمية بمكان ضمان تسجيلهم عند الولادة.

وتذكّر اللجنة الدول باحترام مبدأ عدم الاعادة القسرية و أن تشمل هذه العملية تقييماً لما إذا كان هناك خطر نقل الشخص إلى بلد ثالث حيث قد يتعرض للاختفاء القسري . ويجب عدم استخدام قوائم "البلدان الآمنة" بديلاً لتقييم المخاطر على أساس كل حالة. كما تشكل عمليات الاعادة الجماعية انتهاكاً صارخاً للإتفاقية، وتطلب اللجنة من الدول الإيفاء بالالتزام بالبحث عن الأشخاص المفقودين ومنع اية فرصة للاتجار بهم والكشف عن مصيرهم وتعويض الضحايا في حالة تعرضهم للاختفاء القسري او الاتجار بالبشر المرافق للاختفاء القسري. 

ويشكل التعليق العام الذي أصدرته لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري إشارة واضحة لتذكير الدول بتنفيذ متطلبات القانون الدولي لحقوق الانسان، وتنبيها لمخاطر الهجرة والعودة في نفس الوقت، في ظل تنامي أعداد الضحايا من مختلف الجنسيات في رحلات الموت والفقدان فضلا عن عصابات الجريمة المنظمة والمهربين.

ان موضوعة الاختفاء القسري التي تستمد حضورها من  وقائع الهجرة والعودة واحدة من المخاطر الجسيمة التي تتعرض لها  الحقوق الانسانية  ، واذا كان لابد من معالجة جذرية في التصدي والانتصار لحقوق المغيبين في هذا الميدان فان الامر يقتضي بالضرورة الاساسية المزيد من اطر التعاون بين جميع الجهات المعنية بهذا الشأن ، وإلا تبقى الاجراءات رهينة التقطيع  والاهمال في مناوبة تفتقر الى الجدية الانسانية والاخلاقية .


مشاهدات 55
الكاتب محمد تركي العبيدي
أضيف 2025/02/22 - 4:40 PM
آخر تحديث 2025/02/23 - 6:40 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 128 الشهر 12379 الكلي 10407750
الوقت الآن
الأحد 2025/2/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير