فم مفتوح .. فم مغلق
ماذا وجدت في صحيفة (الاهرام)؟
زيد الحلي
زرتُ صحيفة (الأهرام) القاهرية مرتين؛ الأولى عام 1975، حين كان رئيس تحريرها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، والثانية عام 1989، وكان يرأس تحريرها آنذاك الصحفي المعروف إبراهيم نافع، أشهر نقيب للصحفيين في مصر، طيّب الله ثراهما.
ومن المعروف أن صحيفة (الأهرام) تأسست عام 1875 على يد شقيقين لبنانيين، هما بشارة وسليم تقلا، وصدر عددها الأول في 5 آب 1876. وتُعدّ اليوم من أبرز المعالم المعمارية والسياحية في القاهرة، ووجهةً مهمة للزائرين من الأدباء والصحفيين العرب والأجانب، لما تضمه من أسماء إعلامية وأدبية معروفة، إلى جانب مركزها البحثي الذي يحتوي على أرشيف هام. تمتد الصحيفة على مساحة قدرها 30,000 متر مربع، ويضم مبناها المذهل 12 طابقًا.
ورغم مرور سنوات طويلة على زيارتي للصحيفة، فإن عبارةً وجدتها معلّقة بإطار بارز على جدران غرف التحرير ظلت عالقة في ذاكرتي، وهي: «الصدق ثم الصدق»، التي تعكس مبدأً أساسيًا في ضرورة الالتزام بالصدق عند كتابة الأخبار والتقارير الصحفية والمقالات. فالإعلام الصادق هو الذي يمتلك همة عالية، وعزيمة قوية، وتأثيرًا اجتماعيًا عميقًا.
كنتُ دائمًا أشير إلى أهمية تجسيد هذه العبارة في العمل الصحفي، خاصة خلال محاضراتي ولقاءاتي مع طلاب الإعلام في الجامعات، عند استضافتي للحديث عن الصحافة وأخلاقياتها. وآخر مرة تناولتُ هذا الموضوع كانت خلال مشاركتي في دورة تحرير الأخبار الإلكترونية التي نظّمتها أكاديمية المركز الخبري بإشراف د. جعفر الونان، والتي حققت نجاحًا مهنيًا لافتًا.
إن تفوّق الأكاذيب على الحقيقة، وتوغّلها في الأخبار المنشورة بالصحف أو الفضائيات، يُعدّ خطيئة كبرى بحق المجتمع، الذي يجد نفسه في رحلة بحث مضنية عن الحقيقة وسط كمّ هائل من الأخبار المتناقضة أو الكاذبة المستندة إلى الشائعات.
الإعلامي الحقيقي لا يخشى رفع صوته بالحقيقة، ولا يهادن في كشف الظلم والكذب والطمع، لأن الصدق أمانة، والتدليس خيانة للنفس والضمير.
كم يؤلمني عندما أسمع عبر التلفاز أو أقرأ في الصحف أن جهةً معينة أو مسؤولًا ما ينفي خبرًا أو تقريرًا صحفيًا، فهذا يعني أن ثقة المجتمع بالإعلام ستظل في موضع الشك.وصدق أفلاطون حين قال:
«الكذب ليس فقط شرًا في حد ذاته، لكنه يصيب الأرواح بالعدوى، فتصبح مليئة بالشر والخداع أيضًا.»
Z_alhilly@yahoo.com