حوار –- كاظم بهية
أكد الفنان التشكيلي الأردني نصر الزعبي حضوره الدائم في المشهد التشكيلي، مشيراً إلى أنه فنان بالفطرة، لكنه عمل على تطوير مهاراته الفنية والفكرية بشكل علمي. وقال في حديثه لـ(الزمان): “بدأت الرسم منذ العام 1982، وعملت في دائرة الآثار العامة الأردنية كمفتش آثار وأمين متحف منذ عام 1995 وحتى 2017، ثم تفرغت تماماً للرسم في مرسمي الخاص بمدينة الرمثا”.
وعن كيفية تطوير موهبته ليصبح فناناً تشكيلياً، أوضح الزعبي: “درست علم المتاحف متأخراً، وأرى أن هناك رابطاً مشتركاً بين الفنون التشكيلية وعلم المتاحف، من حيث طريقة عرض المضمون بأسلوب جمالي جذاب، والتركيز على المحتوى والقيم المراد إيصالها للمتلقي”. وفيما يتعلق بانتماء أعماله لعدة مدارس تشكيلية، قال: “لا أدري بعد، وحقيقةً ليس هذا ما يشغلني، فأنا أؤمن بأن الفن عملية بحث وتجريب. وأخشى إن ركزت على أسلوب واحد أن أقع في فخ التكرار وإعادة تدوير ذاتي. لكن يمكن القول إنني أميل إلى الألوان القوية والتباين اللوني، مع مراعاة الانسجام والتناغم واختزال عدد العناصر. قد تلاحظ في أعمالي الحالية أنها تركز على الخلفية التجريدية مع إدخال عنصر رئيسي واحد في العمل بأسلوب (abstract-figurative)، بحيث تعكس الخلفية أجواء اللوحة، بينما يحمل العنصر الرئيسي الفكرة أو الرسالة”.
وعن العوالم التي شكلت حضورها في أعماله، أكد الزعبي: “المحفزات كثيرة، لكن يمكن ملاحظة أنني أركز على المرأة، والتراث الأردني، والقضايا الوطنية والعربية والإنسانية”.
وفيما يخص اتهام بعض الفنانين بتقديم أعمال لا يفهمها أغلب الناس، أوضح قائلاً: “للانصاف، بعض الفنانين قد يدخل الفلسفة والخيال في أعماله دون قصد تحدي المتلقي، لكن غياب الثقافة البصرية في مجتمعاتنا العربية هو الذي خلق هذه الفجوة. أما البعض الآخر، فأعتقد أنه يختبئ خلف الرمزية العشوائية أو التجريدية غير الناضجة لإخفاء سطحية فكره، ثم يُلقي باللوم على جهل المتلقي”.
أما عن تأثره بالفنانين العالميين والعرب، فقد أكد الزعبي: “بصراحة، لم أتعلم مباشرةً على يد أي فنان، لكنني ممتن لكل عمل إبداعي شاهدته وتعلمت منه شيئاً. اطلعت على المدارس الفنية وسير حياة الفنانين والتقنيات الفنية وتاريخ الفن والنقد الفني. أما من ناحية الإعجاب، ففي الوطن العربي العديد من الفنانين الذين لا يمكن حصرهم، لكنني أود أن أشيد بالفنانات العربيات اللواتي نفتخر بمستواهن الفني. وتاريخياً، أقول إن الفنانين العراقيين – وليس مجاملة – هم رواد الحركة التشكيلية في الوطن العربي، وكان لهم دور كبير في تأسيس وتطوير الفن التشكيلي بكل فروعه”.
وحول عزوف الجمهور عن معارض الفن التشكيلي، بيّن الزعبي: “الأوضاع السياسية والاقتصادية تلعب دوراً كبيراً في ازدهار أو تراجع الثقافة. وفي ظل الظروف الحالية، أصبح الفن نوعاً من الترف الفكري لإنسان محروم من احتياجاته الأساسية”.
أما عن علاقته بالألوان، لكونها العنصر الأساسي في اللوحة، فقال: “أنا من المؤمنين بأن تأثير اللون أقوى من تأثير الشكل، لأن الشكل يخلق متعة بصرية سريعة، بينما اللون يخلق متعة ذهنية ذات تأثير تأملي، تحفز المتلقي على التمعن والتفكير. كما أؤمن بأن اللون قادر على نقل اللامحسوس، في حين أن الشكل قاصر عن ذلك. وبرغم التجريد الذي طرأ على الشكل، إلا أن اللون يمتلك طاقة اختزالية أقوى وأجمل”.