الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حسين محمد هادي الصدر شاعراً وأديباً

بواسطة azzaman

حسين محمد هادي الصدر شاعراً وأديباً

حمد بن ناصر الدخيل

 

إنك إن تقرأ شعرَ حسين الصدر أو نثره تلمس أفراحَه وأحزانَه وآمالَه وأشجانَه؛ تشفُ عنها سطورُ مقالاتهِ، وإيماءات أبياته، وأزعمُ أن المتأمل في شعره ونثره قادرٌ على استنباط مقاربةٍ سِيريّةٍ لـ(حسين الصدر)، ولـ(بغداد)؛ المدينة، والناس، والثقافة، والفن؛ والتنمية، ويرجعُ هذا المِزاجُ النادرُ إلى مطاوعةِ اللغة لقلمه، ورهافة الشاعر في أسلوب الناثر، وإلى الحقبة الزمنية التي عاشها حسين السيد محمد هادي الصدر متأقلماً مع كل مكان حل فيه.

عمل ديني

فهو متقلبٌ في المنافي وليس مثلنا مندمج في مكان واحد لم نبرحه طوال حياتنا.أمضى عمره في معترك العمل الديني؛ عالماً، ومرشداً، وعاشَ عقوداً في أتونِ المعارضة السياسيّة؛ مجاهداً ورمزاً، وكاتباً صحفياً، ومحرراً ثقافيًا لأهم صحيفة سياسيّة صدرت عن المعارضة العراقيّة في لندن، وحاضراً في المشهد الثقافي؛ شاعراً، وناثراً، ومنظراً للثقافة والأدب، ومن أعضاء ندوة عُكاظ الأدبية الكاظمية التي أشار لها في بعض مقالاته، ووجهاً وجيهاً لدى القيادات في العراق، وشاعراً وخطيباً مفوّهَاً في المحافل الرسمية والأهلية، ولهذا كُلِّه، ولِسماتٍ شخصيّة عديدة حباه الله إياها وبها، فإننا نعقد عليه خناصِرَنا إذا عددنا الشعراء، أو الأدباء، أو المؤثرين في الشأن الثقافي، أو الوطنيين العارفين بالصيرورة الاجتماعية والحضارية والتنموية والتاريخية للعراق، وهو يتشكل ويتحول ضمن تحولات عمّت أرجاء المنطقة العربية. ومما يُمَيِّزُ حُسين السيد محمد هادي الصدر -وما أكثر ما يُمَيِّزُه- إنسانيته الوارفة، ووفاؤه للمكانِ وأهله، وتراثه، وذاكرته، وآثاره، ورؤيته الواعية للمشهد الثقافي، واستقلاله، وتعاليه على خصومات الفرقاء؛ فلم ينزلق وراء شعارات زائفة، ولا انتمى لتيار، ولا تشرنَقَ في شِلة.حسين السيد محمد هادي الصدر حَكّاءٌ من طراز رفيع، فلا يصدر جزء من أجزاء موسوعته الكبيرة إلا وفيها عبر وصور وحكايات ومشاهدات، وتداعيات الذكريات، أما إذا كان في مجلس انْسَرَبَ الحديث إليه، والتَفَتَتْ إليه الوجوه، والتفّت حوله القلوب، وأصاخت لحديثه الأسماع وهو يتخلّصُ من رواية لرواية، ومن طرفة إلى مأساة، برهافةٍ بالغة، وجاذبية طاغية، ودقة متناهية.

شاب صغير

والحكائية سمةٌ ظاهرة في عموم أسلوبه، فلطالما نَفَذَ إلى غرض المقالة أو القصيدة عبر الحكاية، بل إنك حين تصافح ديوانه: (بقايا ديوان) الذي يعكف على إعداده الشاب الصغير في عمره والشيخ الكبير في تجربته كرار الكعبي البغدادي، يستقبلك في مطلع كل قصيدة أو هوامشها فيروي لك مناسبة كتابة الأبيات، وبأسى حكاية دواوينه التي ضاعت وصودرت مع مكتبته.وقصائد حسين الصدر أما نابتة على ضفاف حكاية، أو متبرعمة على أغصانها حكاية، وخذ مثلاً على ذلك قصائده: (العنكبوت والعوسج، الغراب واللقلق، إيران، عطاء الجواد)، بل حتى بعض دواوينه وليدة مناسبات وحكايات خاصة ولا أدل على ذلك من: (أسبوع شعري) والذي نظم في أسبوع، و(عمار في باقة من الأشعار) الذي كتبه عن ابن أخيه و(فيض المشاعر إلى الحبيبي المسافر) والذي خصصه لرثاء أحد رفاقه والمعنيين بلملمة تراثه. وأحسب أن التاريخ الثقافي والاجتماعي والحضاري لـ(بغداد) أقربُ ما يكون ملامسة لحقيقة المدينة، والناس والحياة والتنمية، إذا تضمنته سيرة ذاتية لشخصية بغدادية، بمواصفات (حسين الصدر)، فقد اجتمعت له عواملُ نجاحِ كتابة السيرة الذاتية، التي ستتكامل مع سيرة بغداد؛ دون كبير عناء، فحسين الصدر وبغداد وجها عُملة واحدة؛ عاشا زمن التحول، والديناميكية الاجتماعية والحضارية والتنموية، ولا عجب أن تشرئب أعناقنا أملاً في قراءة سيرة هذا العلم البغدادي، فليس بينه وبين ذلك إلا أن يملأ قلمه بحبر حنينه، ويسكب ذاكرته على الورق. ولهذا يكبر الأمل في أن ينسج حسين السيد محمد هادي الصدر من سيرته الكاظميّة البغداديّة قطيفةً بألوان زهور بغداد. ثم يكبر الأمل لأنه يستقي ماء حياته من حنين (حسين الصدر) لذكرياته، ووفائه لذاكرته، ومن سطوة الحب البادي في بوحه لمدينته الكاظمية. ويتسع الحب باتساع الوطن الكبير؛ فالوفي لمدينته وفي لوطنه، ووفي لدينه، وما المدن سوى فسيفساء بها تكتمل لوحة الوطن الزاهية. وبهذا الانتماء الصادق للوطن والمدينة والبيت القديم، وبهذا القلب الخافق بالحب والوفاء والحنين، يستقوي أملنا؛ أن نقرأ يوماً سيرة الشعر والشاعر والنثر والناثر، والمدينة وبغداد، والناس والوطن ورحلة الجهاد والتقلب في المنافي، في سيرة حياة شاعرنا الكبير حسين السيد محمد هادي الصدر.


مشاهدات 290
الكاتب حمد بن ناصر الدخيل
أضيف 2025/02/15 - 12:39 AM
آخر تحديث 2025/02/22 - 9:54 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 290 الشهر 11926 الكلي 10407297
الوقت الآن
السبت 2025/2/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير