الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
اتفاق بغداد وأربيل.. تفاهمات جديدة أم هدنة مؤقتة؟

بواسطة azzaman

اتفاق بغداد وأربيل.. تفاهمات جديدة أم هدنة مؤقتة؟

وفاء الفتلاوي

 

في تطور إيجابي يعكس الجهود المستمرة لتعزيز التعاون بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، تم التوصل إلى اتفاق تاريخي بين الطرفين حول قضيتين حاسمتين اولها دفع رواتب موظفي إقليم كردستان واستئناف تصدير النفط عبر خط أنابيب جيهان، وهذا الاتفاق يمثل علامة فارقة في العلاقات بين بغداد وأربيل، ويعكس إرادة سياسية قوية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في العراق ككل.

حيث على مدى السنوات الماضية، شهدت العلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان توترات متكررة، خاصة فيما يتعلق بتقاسم الموارد النفطية وإدارة عائداتها، وإقليم كردستان، الذي يتمتع بحكم ذاتي، كان يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط لتمويل رواتب موظفيه والخدمات العامة، ومع ذلك أدت الخلافات حول توزيع العائدات النفطية إلى تأخيرات متكررة في دفع الرواتب، مما أثر سلبا على حياة آلاف الموظفين وعائلاتهم.

من ناحية أخرى، توقف تصدير النفط عبر خط أنابيب جيهان، الذي يعد شريانا حيويا لاقتصاد إقليم كردستان، بسبب نزاعات قانونية وفنية بين بغداد وأربيل تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة لكلا الطرفين، وأثر على الاقتصاد العراقي بشكل عام، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها العراق بسبب انخفاض أسعار النفط عالميا والتحديات الخارجية والداخلية.

الاتفاق الجديد، الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات مكثفة بين ممثلي الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، يتضمن بندين رئيسيين، دفع رواتب موظفي إقليم كردستان اذ اتفق الطرفان على آلية واضحة لضمان دفع رواتب الموظفين الاقليم بشكل منتظم، وبموجب الاتفاق، ستقوم الحكومة الاتحادية بتحويل الأموال اللازمة لدفع الرواتب بشكل دوري، مع ضمان شفافية في إدارة هذه الأموال.

وهذا القرار يأتي استجابة للمطالب المتكررة من قبل موظفي الإقليم الذين عانوا من تأخيرات طويلة في صرف رواتبهم بسبب توتر العلاقات وفقدان الثقة بين الطرفين، كما تم الاتفاق على استئناف تصدير النفط من حقول إقليم كردستان عبر خط أنابيب جيهان إلى الأسواق العالمية، وذلك من خلال شركة "سومو" التابعة للحكومة الاتحادية، ووفقا للاتفاق، ستذهب عائدات النفط مباشرة إلى خزينة الحكومة الاتحادية، مما يعزز الإيرادات العامة للعراق ويدعم قدرته على تمويل مشاريع التنمية وتحسين البنية التحتية، بالإضافة إلى توفير الموارد اللازمة لدفع مستحقات الإقليم وفق الآليات المتفق عليها.

ولقي الاتفاق ترحيبا واسعا من قبل الأطراف السياسية والاقتصادية في العراق، كما أشاد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالاتفاق، ووصفه بأنه "خطوة مهمة نحو تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي"، من جانبه، أكد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني أن الاتفاق يعكس روح التعاون بين بغداد وأربيل، وأنه سيساهم في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين في الإقليم كما يعزز الثقة بين بغداد أربيل.

ايضاً رحبت الجهات الدولية بالاتفاق، معتبرة إياه تطورا إيجابيا في مسيرة العراق نحو الاستقرار، حيث أعربت الأمم المتحدة عن أملها في أن يسهم هذا الاتفاق في تعزيز الثقة بين بغداد وأربيل، وأن يكون أساسا لحل الخلافات الأخرى بين الطرفين.

ورغم الإيجابيات التي يحملها هذا الاتفاق، إلا أن هناك تحديات كبيرة قد تواجه تنفيذه، في ظل الانقسامات الداخلية في الإقليم، والضغوط السياسية من القوى المختلفة، قد تؤثر على قدرة أربيل على الالتزام بالاتفاق بشكل كامل، وأول هذه التحديات هو ضمان الالتزام الكامل من قبل الطرفين بالبنود المتفق عليها، خاصة في ظل تاريخ من الخلافات المتكررة، بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى تعزيز آليات الرقابة والشفافية لضمان إدارة عائدات النفط بشكل عادل وفعال.

كما أن الوضع الأمني في المنطقة قد يؤثر على استقرار الاتفاق، خاصة في ظل وجود تنظيمات إرهابية ونزاعات محلية؛ لذلك فإن تعزيز التعاون الأمني بين بغداد وأربيل سيكون عاملا حاسما في ضمان نجاح هذا الاتفاق، فإذا تم تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، فإنه سيكون له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد العراقي بشكل عام.

ان هذا الاتفاق قد يمهد الطريق لحل الخلافات الأخرى بين بغداد وأربيل، مثل قضايا الحدود والمشاركة في صنع القرار، إذا تم بناء الثقة بين الطرفين، فمن المؤكد سيعزز الوحدة الوطنية ويضع العراق على مسار التنمية المستدامة.

ختاماً اتفاق بغداد وأربيل على دفع الرواتب واستئناف تصدير النفط عبر خط جيهان يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي في العراق، رغم التحديات التي قد تواجه تنفيذ هذا الاتفاق؛ إلا أنه يعكس إرادة سياسية قوية لتحقيق المصالحة والتعاون بين الطرفين، إذا تم الالتزام الكامل بالاتفاق، فإنه سيكون نقطة تحول في العلاقات بين بغداد وأربيل، وسيساهم في تحقيق الاستقرار والازدهار للعراق ككل.

تتصاعد المخاوف من عدم التزام أربيل بالاتفاق المبرم مع بغداد، وسط تاريخ من التفاهمات التي غالبا ما تصطدم بتحديات التنفيذ، ورغم التفاؤل الحذر الذي رافق الإعلان عن الاتفاق الأخير، فإن الشكوك لا تزال تحيط بمدى التزام حكومة إقليم كردستان بتطبيق بنوده، خصوصا في ظل التجارب السابقة التي شهدت توترات متكررة بين الطرفين بشأن الملفات المالية والنفطية والإدارية.

وختاماً يبرز تساؤل رئيسي: هل سيكون الاتفاق الحالي نقطة تحول حقيقية في العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، أم أنه مجرد هدنة مؤقتة ستتلاشى عند أول اختبار جدي؟..


مشاهدات 126
الكاتب وفاء الفتلاوي
أضيف 2025/02/09 - 4:43 PM
آخر تحديث 2025/02/10 - 7:30 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 426 الشهر 5380 الكلي 10400751
الوقت الآن
الإثنين 2025/2/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير