الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تحليل لوحة

بواسطة azzaman

تحليل لوحة

علي البدر

 

للأديبة والفنانة التشكيلية غرام الربيعي قدرةٌ لافتةٌ على استعمال الألوان والتشابكٌ الهندسيٌ في التفاصيل ، وتعتمد اللوحة على تكوين متوازن يجمع بين عناصر معمارية وزخرفية تعكس الطراز العربي والإسلامي. نلاحظ تكرار القباب والنوافذ والمداخل في أماكن متقابلة، مما يخلق نوعًا من التناغم البصري. الشكل العام يوحي بالمشهد المعماري للمدن التراثية، حيث تتشابك التفاصيل في أسلوب هندسي متداخل يوحي بالحياة والثراء الثقافي.

وعلى الرغم من غياب الشخصيات البشرية، نلاحظ العناصر الزخرفية والتصاميم الهندسية تلعب دورًا رئيسيًا في ملء الفراغات وإضافة الحركة إلى اللوحة. تم توزيع الرموز الشعبية، مثل «يد فاطمة والعين الزرقاء»، بشكل متوازن، مما يضفي على العمل طابعًا روحانيًا وحماية رمزية مستمدة من الثقافة العربية.

وبخصوص نوع الرسم والأسلوب الفني، أرى أن اللوحة تنتمي إلى المدرسة التعبيرية الزخرفية، حيث يتم توظيف الأشكال التقليدية بأسلوب معاصر وقد بدا واضحًا استخدام الفنانة التشكيلية للزخرفة الإسلامية، مثل «الأرابيسك « الذي يعبر عن فلسفة جمالية قائمة على التكرار والتشابك في نقوش هندسية متداخلة متناغمة وبمهارة، مع لمسةٍ من الحداثة في الخطوط والألوان مما يعكس روح الفن الإسلامي القائم على التوازن والتناغم.

لقد أظهرت الفنانة التشكيلية غرام الربيعي  قدرة على التلاعب بالألوان ومزجها في هكذا لوحة لونية غنية، جمعت بين الألوان الدافئة (البرتقالي، الأحمر، الذهبي) والألوان الباردة (الأخضر، الأزرق، الفيروزي)، مما يخلق تباينًا بصريًا جميلاً. كما يظهر إتقان واضح في مزج الألوان وتدرجها، مما يضفي إحساسًا بالعمق والأبعاد المتراكبة. أما استخدام اللون الذهبي كخطوط زخرفية فوق المساحات الملونة، فقد عزز من فخامة المشهد وعكس تأثير العمارة الإسلامية التقليدية.

ولن نحتاج لجهد من أجل اكتشاف التوازن والتناغم البصري الذي يظهر قدرة الفنانة على تحقيقهما من خلال التناغم بين التفاصيل الدقيقة والمساحات المفتوحة. الخطوط المنحنية مقابل المستقيمة تضيف ديناميكية للحركة داخل اللوحة، بينما الألوان المتداخلة تخلق نوعًا من الإيقاع البصري الذي يوجه العين بين أجزاء العمل المختلفة.

لقد وجدتُ أن اللوحةَ تُعَدُّ تجسيدًا رائعًا للهوية الثقافية بأسلوبٍ حديثٍ يجمع بين الأصالة والتجديد. إن استخدام اللون والتكوين المتوازن، مع الرموز الشعبية والتراثية، يمنحها طابعًا مميزًا يعكس روح الفن الشرقي الأصيل، بروحٍ معاصرةٍ متطورةٍ تجعلنا ننجذب إلى اللوحة وكأننا جزء منها. وبرأيي المتواضع، ان اللوحة لن تمتلك هكذا مميزات لولا قدرة الفنانة المتميزة غرام الربيعي ومهارتها اللافتة.

 

 

 


مشاهدات 141
الكاتب علي البدر
أضيف 2025/02/08 - 2:58 PM
آخر تحديث 2025/02/10 - 6:33 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 431 الشهر 5385 الكلي 10400756
الوقت الآن
الإثنين 2025/2/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير