الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
(أعدقاء) عالمنا الإفتراضي

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

(أعدقاء) عالمنا الإفتراضي

محمد صاحب سلطان

 

مسؤولية كبيرة يشعر بها الكاتب الصادق مع نفسه، عندما يتناول شأنآ عاما، فهو يدرك ان للكلمة فعل الرصاصة المنطلقة، إن لم تصب هدفها، ترتد عليه وعلى الوسط الذي يتعامل معه، لذا فإن الاستسهال في استخدامها، يؤذي بشكل مخيف، ومن هنا نرى إن المتعاملين مع إفرازات الإعلام الرقمي الحديث وسهولة الكتابة فيه، من دون قيد إعتباري وخلقي، مجرد طرق على حروف لا كابح لها ومن دون تمحيص بمعانيها، تفرز ردود أفعال متناقضة، غالباً لا تصل إلى هدفها بشكل واضح، بل تخلق ضبابية تعمي القلوب قبل الابصار، فتثير التناحر والتشرذم، وتخرج عن إطار اللياقة واحترام الرأي الآخر، بل وتزيد الاحتقان والبغضاء بين الأصدقاء وحتى الاهل والمعارف وأصحاب البيت الواحد، صراعات يغلب عليها الجو العاطفي المشحون بيوميات الحدث، فتكون الردود والتعليقات بنت لحظتها، تتدخل فيها الحالة المزاجية للفرد المتعامل معها، حتى بات بعضنا يرى في ساعة التواصل وكأنها ساعة تقاتل، ومن مساحة للترفيه والتعليم وزيادة المعرفة، إلى ساحة ميدان، تتقلب فيها المواجع وتتكاثر فيها الأحزان!، فلا أحد يرضى على أحد، ما دام لا يتوافق مع رأيه، حتى بات شعار (إن لم تكن معي فأنت ضدي) هو السائد، فتخرج منها والرأس يغزوه الصداع بفكر يخرج من بوابة النكد!، ولو أجرينا جردة حساب للاصدقاء الذين نتعامل معهم عبر وسائط التواصل في الشبكة العنكبوتية، كم صديقا خسرنا، وكم صديقا حظرنا؟، بعضهم جمعتنا واياهم عشرة عمر وأعوام مشتركة في المدرسة والجامعة والعمل، خسرناهم جراء تعليق عابر لا يستحق الرد، وربما لو إلتقيناهم لتحدثنا بأكثر منه، لكن إطلاع المجموع على رأي مخالف، يدخل في بوابة التشهير وتصبح الإساءة على رؤوس الاشهاد، الذين لا يكتفون بالتفرج بل المشاركة في تأجيج الموقف، مثل منفاخ نار بيد صبي، فتتطاير شظاياه في كل حدب وصوب، بل وتنشأ على ظلال الخلاف الشخصي، خلافات جديدة بين من نطلق عليهم بالمعقبين.. فكم من موضوع طرح في صفحات شخصية، فيه رأي أو وجهة نظر، حصد تعقيبات أخرجته عن إطاره وفحواه، ودخلت في مسارات ودهاليز مظلمة لمواضيع أخر، تحرج صاحب الرأي الأصلي، وتحاول أن تجعله كماشة نار أو جدار صد، إن سكت يقاطعه البعض وإن رد معترضا، خسر الصداقة القديمة وكسب العداء الجديد! ،فيصبح في حيرة من أمره، لا يحلها سوى زر المسح أو إلغاء الصفحة مضطرا، للتخلص من وجع الصداقة المزيفة، وكي يحافظ على ما تبقى له من صداقات لا تهزها رياح العالم الإفتراضي، الذي وقع في شرك حباله مثل (خنفسانة) في جزة صوف ، تدور حول نفسها من دون طريق للنجاة!

وعودة على بدء، يواجهنا اليوم تساؤل مشروع، لمن نوجه رسائلنا ؟، وكيف نحقق مبتغاها؟، أليس لأناس إفترضنا صداقتهم عن إختيار مسبق، يفترض فيها أن تسود الحميمية وحسن المعشر، جوهرآ لعلاقة إنسانية أساسها تبادل المعرفة والمعلومة الصادقة، أم إن الأمر تتحكم فيه -فقط-الاصابع والاصوات والردود  الصورية، بحركات إيمائية غالبها خارج المألوف المجتمعي، هذا التحكم الغريزي الذي لا علاقة فيه للعقل الراجح، فتصبح تلك (الرسائل) مجرد هلوسات وفبركات وتغريدات لا يجمعها رابط، من باب خالف تعرف، أخطرها، من تحمل سموما طائفية، وتوجهات هادمة للبنية المجتمعية برياح كريهة تزكم الأنوف، تسعى لتفتيت منظومة القيم والسلوك، فينساق الفرد لغرائزه دون عقله، ترى من يقف وراء تلك الاساءات ولمن تخدم؟، أكيد يقف ورائهاالمستخدم الذي يتعاقب على إيذاء الآخرين، سواء أكان عن طريق توجيه الاهانات أو التهديدات، ونشر المعلومات الشخصية من دون إذن، أو بعض الجهات التي تراقب وتترصد المعارضين أو المنافسين لها، من خلال  تجنيد جيوش ما يطلق عليه (الذباب الإلكتروني)، الذي يدس نفسه في كل موقع سواء أكان فيه عسل أم بقايا قمامة!، وتلك هي المعضلة، جنبنا الله وإياكم من طنينها!!.

 


مشاهدات 84
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/07/05 - 1:52 AM
آخر تحديث 2025/07/05 - 8:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 187 الشهر 2450 الكلي 11156062
الوقت الآن
السبت 2025/7/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير