حوار – كاظم بهية
تعد الفنانة التشكيلية حليمة الفراتي واحدة من الأسماء في الساحة الفنية المغربية، حيث استطاعت أن تمزج بين الأصالة والحداثة في أعمالها، ما منحها شهرة واسعة. في حديثها عن بدايتها، قالت لـ الزمان: “بدأت مشواري الفني كهاوية، ثم عملت على تطوير موهبتي حتى تمكنت من اقتحام المجال الفني بثقة. بفضل العزيمة والممارسة المستمرة، استطعت أن أحقق مكانة متميزة، حيث أصبح اسمي معروفًا في الأوساط الفنية، مستندة إلى التحكم في التقنية والإبداع في التعبير الفني.”
وحول علاقتها بالألوان وتجربتها اللونية، أكدت الفراتي شغفها الكبير بفن الفسيفساء، قائلة: “أنا شغوفة جدًا بهذا الفن، فهو يعيدني إلى أجواء الدار العتيقة، حيث تزين الفسيفساء السطوح والجدران، حاملة عبق التاريخ من قرطاج إلى أثينا. في الماضي، كانت الفسيفساء وسيلة لتجسيد الأبطال والأساطير، لكنها تحولت اليوم إلى هندسة حية تحتفي بأناقة الأشكال. أنا أستوحي أعمالي من هذا الموروث، حيث أرى في كل تفصيل من “دار عتيقة” سجلًا فنيًا يعكس تاريخ المغرب الجمالي العريق.”
أما عن أسلوبها الفني والمنهج الذي تتبعه، فقالت: “على الرغم من تعدد أساليبي، تبقى الزخارف التقليدية والألوان الزاهية جزءًا أساسيًا من بصمتي الفنية. الزليج (الفسيفساء)، القفطان، المزهريات، والأواني الفخارية هي عناصر متكررة في أعمالي، حيث أحرص على إبراز قيمتها التراثية وتسليط الضوء على غنى الفلكلور المغربي. هذا الأسلوب يتطلب الكثير من الدقة والمهارة في التوظيف التقني، مما يجعل لوحاتي تحمل أبعادًا تفاعلية تتجاوز كونها مجرد أعمال تشكيلية إلى تجربة حسية مستوحاة من الواقع.”
وعن دور الفنان في المجتمع والرسالة التي تسعى إلى إيصالها، أوضحت الفراتي: “الفن هو وسيلة لفهم المجتمع والثقافة، سواء كانت ثقافتنا أو ثقافات الآخرين. إنه محفز فكري يسهم في تطوير الحضارة من خلال إثارة التساؤلات والتأمل والمناقشة. الفنان الحقيقي لا يكتفي بعكس الواقع، بل يساهم في تغييره وتحفيز العقول على التفكير بطرق جديدة.”
أما عن رؤيتها لواقع الفن التشكيلي المغربي، فقالت: “شهدت الفنون التشكيلية في المغرب تطورًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة، حتى باتت تتمتع بسمعة مرموقة عالميًا. هذا النمو يعكس شغف المغاربة بالفن، سواء كانوا فنانين أو محبين لهذا المجال، كما أن الفنون التشكيلية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المشهد الثقافي المغربي.”
واختتمت حديثها قائلة: “أسعى إلى المضي قدمًا بخطى ثابتة في عالم الرسم، ليكون الفن وسيلة للتعبير عن الهوية المغربية والاحتفاء بجماليات التراث المحلي الأصيل. هدفي أن أساهم في إيصال جمال الثقافة المغربية إلى العالم من خلال أعمالي التشكيلية.”