المفردة بين الحداثة والاصل
عبد الكريم احمد الزيدي
الحداثة الشعرية او التجديد بمعناه ، لا يعني التخلي عن اصول الشعر ولغته وهذا للاسف مفهوم اصبح الكثير يتداوله ويعمل بِهِ وخاصة شعراء العصرنة والانقلاب كما يحلو لبعض الادباء تسميته واطلاق روح الحداثة فِيهِ بما يناسب البيئة والمجتمع وادوات تداوله بزعمهم ان العصر يتطلب الانتقال من القوالب الى واحات الانطلاق والتجديد .
ولعلي اختلف كثيرا في الرأي والقياس ، وارجع الى بديهية التنظير في هذا المعنى لاقول للمجددين او اصحاب هذا الفهم ان لغتنا العربية عزيزة المقام ولودة وذات باع في البيان والجزالة واللفظ .
كان لابد لهذه المقدمة البسيطة للتنويه عما اردنا ان ننبه كل الادباء بمختلف ثقافاتهم وميولهم ومشاربهم ، بان بساطة النتاج الادبي وسهولة فهمه ومعانيه لاتعني المغامرة بنشره الى عقول وقلوب كل المتذوقين والقراء على اختلاف وعيهم وفكرهم ومستواهم الثقافي .
وان هذا المفهوم قد يجرنا الى هوة تضيع فيها من لغتنا الكثير من المفردات والمعاني ويصبح تداول بسيطها حجة وذريعة للنشر والوصول بالمفهوم الى عموم المتلقين ، متناسين الحفاظ على جزالة اللفظ وقوة المعنى والدلالة في مفردات لغتنا الكريمة ببيان وضوحها وسلامة الفاظها .
وهنا لابد من التاكيد على اعادة التذكير بالمفردة العربية ذات القوة والجزالة والبيان التي بات الكثير من الادباء التخوف من استعمالها ، اما لجهل معناها او عدم تقبلها من المتلقي والمتذوق لندرة تداولها وظهورها في النتاج الادبي المعاصر .
ان هذه المبررات التي قد تاخذ بالكثير من مفردات لغتنا الام الى طي النسيان او التناسي برغم جزالتها وقوة معانيها وكمال مفهومها والسعي لمتداول المفردة التي تقابلها في حدود معناها الضيق فتلبي حاجة الكاتب قدر استيعاب القارئ او المتلقي لوصفها . فتضيع من الكاتب والاديب الكثير من المفردات المرادفة لها بحجة البساطة وتسهيل الفهم والادراك ، واني لأخشى على لغتنا العريقة ان تضيع وتنسى ما حفظته لَنا ذاكرة العرب ولغويها الاوائل من معاني وبيان هذه المفردات ولفظها.
وانا هنا ادعو واتمنى من ادبائنا وشعرائنا ان يلتمسوا العذر لانفسهم وللغتهم للأتيان بما طمسته نظريات الحداثة من مفردات ذات قيمة كبيرة في البيان والجزالة واللفظ وان يعيدوا للغتنا العربية مكنونها المعرفي والبصري وان يحافظوا على ارثها ولو بشق تمرة .