سبينوزا بين الإيمان والإلحاد 3
حارث سلمان حساني
يتفق الباحثون والعلماء والمتخصصون منذ ان استخدم الانسان عقله في الاستدلال لاشياء تبدو له انها تحتاج الى توضيح او معرفة اصولها ان ( الفلسفة نشاط عقلي مفتوح ) وتعريف جوهري لها لا يقتصر على عصر دون اخر او على موضوع دون غيره .. هذا النشاط المعرفي قد يقود البعض الى الاعتقاد بوجود اله وخالق مما يعزز الايمان عكس اخر يعدونه غير مؤمن او ملحدا او يشكك وبرفض الامور الغيبية فيكون ماديا في تفكيره او ينسبها الى الطبيعة . وسبينوزا وهو بحث هذه المقالات عد الطبيعة والخالق واحدا سماه الجوهر. وما دامت الفلسفة هي تفعيل العقل والبحث عن اجابات لاشياء كثيرة في الكون فانها لا تقتصر على خالقه فقط فلماذا يحصرون الفلسفة بهذا الموضوع وهي كأي حقل من حقول المعرفة لا ينحصر نشاطها به فقط بل في كل نشاط عقلي ومعرفي. ومن هنا فقد اختلف الباحثون في قراءة افكار فلاسفة ومفكرين ومبدعين وهم في الحقيقة لم يقدموا قراءة صحيحة تناسب فكره بل قراءة شخصية او وجهة نظر ذاتية قد لا تكون قراءة صحيحة او تعد تعسفية لانها تفتقر الى الدقة وتعكس وجهة نظر مسبقة للباحث .. ولذلك نجد قراءات عديدة مختلفة لشخصية واحدة تختلف من عصر لاخر.
نشاط عقلي
ومن هنا فان الموقف الصحيح عن اي شخصية يجب ان ناخذه مما قاله الشخص نفسه .. ان كان مؤمنا او ملحدا ... وهو ما عبر عنه سقراط بمقولته الشهيرة (تكلم حتى اراك) او كما يقول الفيلسوف الهولندي سبينوزا ان ( ما يقوله بولس عن بطرس، يخبرنا عن بولس أكثر مما يخبرنا عن بطرس) ويعني بذلك أنه لو لم تكن لبولس مصلحة في ذكر قصة بطرس لما ذكرها ، وذكره للقصة يكفي لأن تعرف ما في دواخله.. وهذا ما ينطبق على سبينوزا ايضا فاختلفوا فيه بين ( ايمانه وكفره ) ومن هنا نشأت الاختلافات حول الشخصيات وايمانها او كفرها واتهام لهذا بالكفر والزندقة واخر بالايمان. وما دامت الفلسفة باتفاق الاراء هي نشاط عقلي فلم تحصر بمجال واحد هو المعتقدات الدينية والتي لا تنحصر في بحث الشخصية باطار الكفر والايمان فحسب بل البحث في منطقة حيادية بينهما ومن هنا يبقى الموضوع مفتوحا وغير محسوم وعرضة للاضافات كما حصل مع سبينوزا منذ عصره والى الان.
الفلسفة ليست دينا ولا عقيدة وستظل مفتوحة على كل الاشياء ومنها الكون والوجود.
الفلسفة تثير اسئلة وتجيب عليها .. بعضها تظل مفتوحة وتتلقى اجاباتها في عصر اخر ..ويبقى العقل هو نشاطها .. والعقل نفسه هو الاداة في التفكير وتقديم البراهين والمحاججة لازالة الشبهات . العقل نفسه الاداة في الفلسفة الاسلامية وايراد الادلة واثبات وجود الله ومنه نشأ علم الكلام. كخلاصه فان القانون الالهي عند سبينوزا يتطلع الى الخير الاسمى اما القانون الوضعي فهو يتطلع الى الامن والسلام والحرية داخل الدولة… فلما كان حب الله هو السعادة القصوى... فالمحب لله هو العارف حقا بالقانون الالهي وهو قانون المتصوفة.
ودون جنف فان استقراء سبينوزا لثلاثية الاله ,النبوه والوحي تؤكد ايمانه بقدسية الاله الذي اوصل قوانينه عبر الوحي الى انبياء من خلال تراث يختلف بين الوان مختلفه في ازمنه مختلفه شريطة تغليب العقل وتوهين اللاوعي في ديناميكية هذه القوانين والوصول الى قمة السعاده الا وهي المعرفه بانواعها الاربعه , ومع كل تحفظاته في رسم تلك القياده فانها تعرضت الى انتقادات كثيره وكبيره أشرت في حينها صراعات معه والتي سرعان ما انجلت وتحققت ثوراة علميه قفزت بالكون والطبيعه مثلها كمثل النسبيه عند انشتاين الذي آمن بنفس اله سبينوزا.