ذاكرة لبنان التراثية (4)
مباني بيروت التراثية بين الإهمال والهدم
غفران حداد
تعد بيروت اقدم مدن لبنان من حيث النشأة الى نحو 5000 سنة ما جعلها غنية بموروث عمراني زاخر بلغ اوجه في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني الذي جعلها من اجمل المدن في غرب حوض البحر الابيض المتوسط ولكن عبر التاريخ وما تعرضت اليه بيروت من الزلازل التي دمرت ابنيتها خاصة خلال الحقبة البيزنطية فلم يتبقى من تاريخها العمراني الا القليل واليوم كيف ما تلفت السائح في العاصمة بيروت وبقية المدن سيشاهد الكثير من الأبنية التراثية والقصور العتيقة التي تحمل قيمة تراثية وارث معماري قديم اصبحت مهجورة وطي النسيان واهمال هذه الأبنية كون مالكيها تعود لاكثر من وريث او على ورثه الورثة مما ينشأ نزاعات على امتلاكها فتغدو كالوقف
بيت الورد
من الأبنية التراثية التي عانت من الاهمال مبنى بيت الورد الذي سقط السقف فيه مؤخرا، عقار يحمل رقم 726 في فرن الحايك (الاشرافية) المبنى يعود الى نهاية قرن التاسع عشر ومدرج على لائحة الجرد العام ضمن تصنيف التراث عام 1998 وقد رفضت وزارة الثقافة اللبنانية منح المالك اذنا بالهدم كون المبنى يعتبر من آخر خمس بيوت في بيروت من هذا النوع والذي يعود للحقبة العثمانية وقد تقلص عدد الأبنية المصنفة تراثيا من 1016 تقريبا في تسعينات القرن الماضي الى نحو 521 مبنى تراثيا بينها 200 مبنى تقريبا لم يتم المساس بها اما البقية فهي عرضة للزوال
ومن المنازل التراثية التي دمرت من قبل مالكيه كان منزل بعلبك التقليدي الذي يقع في حارة المسيحيين في بعلبك يتكون من ثلاث طوابق مع قناطر وثلاث قاعات وشرفات مقنطره نموذجية وقد دمر في شهر ايلول 2024 من قبل مالكه وقد نشر محافظ بعلبك ووزير الثقافة خبر هدم المبنى واصدرا مذكرة اعتقال للمالك والزامه قانونيا بإعادة بناء المنزل.
القلعة الشهابية
ومن الابنية التراثية التي اصبحت اليوم مهملة ومنسية» القلعه الشهابية» والتي تبرز للسائح قبل امتار من سوق بلدة حاصبيا جنوبي لبنان ارتفاع المبنى 20 متر فيما حدوده المحي تصل الى نحو 220 متر فيه العديد من القناطر والشبابيك الأثرية واليوم مدخل القلعة الرئيس الذي كان الفرسان قديما يدخلونه باحصنتهم مقفل خوفا من العابثين
ولحسن الحظ ان مالكين هذا القلعه يحاولون الحفاظ على هذا الارث المعماري الحضاري منهم الاميرة عدلة شهاب ابنه الامير مفيد شهاب الذي تجاوز عمره 90 عاما الى جانب اخوه اخران ما زالوا قاطنين في القلعة وهما الاميران منذر وعادل ويحفظ السجلات المدنية اللبنانية القابهم المتوارثة والقلعة تشهد شقوقا وتصدعات في الجدران ويتمنى المالكون من مديريه الاثار التابعه لوزارةالثقافه بحمايه هذا الإرث تاريخي والعمراني تاريخ القلعة .
يعود تاريخ القلعة الشهابية الى زمن الرومانيين لكن في الاصل كانت مركز لعباده اله الكنعانيين وكان فيها تمثال للإله (بعل جاد) مر بها الرومان ثم الصليبيون واخذها منها الشهابيون بعد معركة سوق الخان عام 1171 وتمركز الشهابيون فيها وفي عهد ابن العائلة الشهابية رئيس الجمهوريه فؤاد شهاب بين عامي 1958 و 1964 صنفتها مديرية الاثار التي استملكت سهما عن كل عقار مملوك من العائلات التي ورثت هذه السرايا قلعة الأثرية لكن لم يغير التصنيف شيئا من وضع القلعة المزري فبقيت مهملة ومنسية وهنالك الكثير من اقسام القلعة تتصدع و قد تنهار.
قصور قديمة
وقد راى العديد من خبراء ترميم العمارة التقليدية والقصور القديمة في لبنان في حاجة الى تشريعات وقوانين حماية تدفع المالكين الى الحفاظ على مبانيهم من خلال منحهم قروض ميسرة واعفاءات ضريبية وغيرها وقال المستشار في العمارة التراثية والترميم في وزارة الثقافه اللبنانية المهندس حبيب صادق بوقت سابق الى ان الوزارة بدأت اخيرا تتدخل للحفاظ على القصور والأبنية التراثية من خلال وضع الإشارة عليها ليكون على الجرد العام ومنع التصرف فيها من هدم او ترميم او تعديل الا من خلال العودة الى الوزارة وهذا يضبط نوعا ما الهدم العشوائي الذي يلحق بهذه القصور والمباني.