الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رسالة حاج إلى ذوي الحجّات المتعدّدة

بواسطة azzaman

رسالة حاج إلى ذوي الحجّات المتعدّدة

 

حاكم محسن محمد الربيعي

 

ضمن التواصل الاجتماعي على اجهزة الموبايل وما يسمى الو اتساب وصلتني رساله من اخي اد عباس الحميري , وهو رجل شغل منصب عميد ضمن مؤسسات التعليم العالي لعدة سنوات وقد اثبت كفاءة ادارية وعلمية خلال فترة اشغاله للمنصب وكان كبيرا بحق في اسلوب ادارة المؤسسات العلمية التي ادارها من خلال استيعاب واحتواء الناس العاملين بمعيته وهم من ثقافات بيئية عراقية فرعية مختلفة  كان البعض منهم يتصرف بأسلوب لا ينسجم  ومبادئ وقواعد السلوك الاداري  الذي  يجب ان  يحترم , موضوع الرسالة بعد هذه المقدمة الضرورية ,وضرورتها تكمن في ان هناك ناس تبحث  عن العدالة  في التعامل مع الناس في كل شيء في المجتمع الواحد وملخص الرسالة , رجلان حجا بيت الله الحرام وأثناء العودة الى ديارهم جلسا في صالة الانتظار بمطار جدة الدولي فتحدث رجل الى الاخر وقال الرجل  أنا أعمل مقاولا ، وقد أنعم الله علي بالحج هذا العام للمرة العاشرة ,فأومأ الرجل الأخر وكان أسمه سعيد برأسه وقال حجا مبرورا ، وسعيا مشكورا ، وذنبا مغفورا وابتسم الرجل وقال أجمعين ,وأنت هل حججت قبل ذلك ؟أجاب سعيد بعد تردد والله يا أخي لحجتي هذه قصة طويلة ولا أريد أن أوجع رأسك بها, ضحك الرجل  وقال  بالله عليك أخبرني ، فكما ترى نحن لانفعل شيئا سوى الانتظار ,ابتسم سعيد وقال نعم الانتظار, وهو ما تبدأ به قصتي فقد انتظرت سنين طويلة حتى حججت فبعد ثلاثين عاما من العمل معالج فيزيائي في مستشفى خاص استطعت أن أجمع كلفة الحج ، وفي نفس اليوم الذي ذهبت لأخذ حسابي من المستشفى صادفت إحدى الأمهات التي أعالج ابنها المشلول وقد كسا وجهها الهم والغم وقالت لي  أستودعك الله يا أخ سعيد فهذه آخر زيارة لنا لهذا المستشفى استغربت كلامها وحسبت أنها غير راضية عن علاجي لابنها وتفكر في نقله لمكان آخر فقالت لي , لا يا أخ سعيد ، يشهد الله إنك كنت لابني أحن من الأب وقد ساعده علاجك كثيرا بعد أن كنا قد فقدنا الأمل به ومشت حزينة!!! استغرب الرجل وقاطع سعيد قائلا غريبة طيب إذا كانت راضية عن أدائك ، وابنها يتحسن فلم تركت العلاج ؟أجابه سعيد هذا ما فكرت به وشغل بالي فذهبت إلى الإدارة وسألت فتبين أن والد الصبي فقد وظيفته ولم يعد يتحمل نفقة العلاج حزن الرجل وقال لاحول ولا قوة إلا بالله , مسكينة هذه المرأة وكيف تصرفت ؟ أجاب سعيد ذهبت إلى المدير ورجوته أن يستمر بعلاج الصبي على نفقة المستشفى ولكنه رفض رفضا قاطعا وقال لي , هذه مؤسسة خاصة وليست جمعية خيرية ,خرجت من عند المدير حزينا مكسور الخاطر على المرأة وفجأة وضعت يدي على جيبي الذي فيه نقود الحج , فتسمرت في مكاني لحظة ثم رفعت رأسي الى السماء وخاطبت ربي  قائلا , اللهم أنت  تعلم بمكنون نفسي وتعلم انه لا شيء أحب الى قلبي من حج بيتك وزيارة مسجد نبيك , وقد سعيت لذلك  طوال عمري ولكني أثرت هذه المسكينة و ابنها على نفسي فلا تحرمني فضلك وذهبت إلى المحاسب ودفعت كل ما معي له عن أجرة علاج الصبي لستة أشهر مقدما ، وتوسلت إليه أن يقول للمرأة بأن المستشفى لديها ميزانية خاصة للحالات المشابهة , الرجل دمعت عيناه وقال متأثر بارك الله فيك وفي أمثالك, ثم قال  إذا كنت قد تبرعت بمالك كله فكيف حججت إذن ؟فأجاب  رجعت يومها إلى بيتي حزينا على ضياع فرصة عمري في الحج ، ولكن الفرح ملأ قلبي لأني فرجت كربة المرأة وابنها ، فنمت ليلتها ودمعتي على خدي فرأيت في المنام أنني أطوف حول الكعبة، والناس يسلمون علي ويقولون لي  حجا مبرورا يا حاج سعيد فقد حججت في السماء قبل أن تحج على الأرض , دعواتك لنا يا حاج سعيد , فاستيقظت من النوم وأنا أشعر بسعادة غير طبيعية ، فحمدت الله على كل شيء ورضيت بأمره . وما إن نهضت من النوم حتى رن الهاتف ،وإذا به مدير المستشفى الذي قال لي  أنجدني فصاحب المستشفى يريد الذهاب إلى الحج هذا العام وهو لا يذهب دون معالجه الخاص ولكن زوجة معالجه في أيام حملها الأخيرة ولا يستطيع تركها، فهلا أسديتني خدمة , ورافقته في حجه  فسجدت لله شكرا  وكما ترى فقد رزقني الله حج بيته دون أدفع شيئا ، والحمد لله وفوق ذلك فقد أصر الرجل على إعطائي مكافأة مجزية لرضاه عن خدمتي له ، وحكيت له عن قصة المرأة المسكينة فأمر بأن يعالج ابنها في المستشفى على نفقته الخاصة وأن يكون في المستشفى صندوق خاص لعلاج الفقراء ، وفوق ذلك فقد عين زوجها بوظيفة في إحدى شركاته  ورجع إلي مالي الذي دفعته , أرأيت فضل ربي أعظم من فضلي....؟,  نهض الرجل وقبل سعيد على جبينه قائلا والله لم أشعر في حياتي بالخجل مثلما أشعر الآن فقد كنت أحج المرة تلو الأخرى وأحسب نفسي قد أنجزت شيئا عظيما ، وأن مكانتي عند الله ترتفع بعد كل حجة ولكني ادركت الآن أن حجك بألف حجة من أمثالي ؛ فقد ذهبت أنا إلى بيت الله ، أما أنت فقد دعاك الله إلى بيته ومضى وهو يردد تقبل الله منا ومنكم سبحانك إني كنت من الظالمين ,العبرة في هذه الرسالة هي ليست عرض موضوع معين أو الاساءة الى زيد أو عمر لكن الحكمة ان الحج الى بيت الله الحرام هو ليس  بعديد المرات بل هو بصدق النية والتقرب الى الله بحق وحقيق , وبالتالي الى اولئك الذين يذهبون الى الحج سنويا الا يكفي  عديد المرات من أجل اتاحة الفرصة لمن لم يحصلوا على فرصة الحج , ثم انتبهوا الى ما يجب عمله من أعمال خيرية مثل هذا الرجل , فالبلد فيه المرضى وفيه الفقراء الذين هم بحاجة الى المساعدة والعون المالي والغذائي , اللهم اشهد أني بلغت .

 

 

 

 


مشاهدات 297
أضيف 2022/07/16 - 12:03 AM
آخر تحديث 2024/06/23 - 2:14 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 226 الشهر 226 الكلي 9362298
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير