الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مصارحة الشعب المفقودة

بواسطة azzaman

مصارحة الشعب المفقودة

عبد المنعم الاعسم

 

الاشارات وفيرة للمخاطر المحدقة بالعراق، وهذه المرة اخطر من كلّ ما مرّ به منذ 2003 حتى ليبدو ان المستقبل خرج من ايادي العراقيين الى طاولات اللاعبين الكبار واشرس اعداء البلاد والطامعين بها، كما يبدو ان اصحاب الشأن والماسكين بدفة السياسة هم وحدهم لا يعبأون بهذه الاخطار، وغير مبالين بنتائجها، ويذهب الكثير من المواطنين الى ان رؤوس المرحلة الذين اوصلوها الى هذا الضعف والهزال والعزلة أمّنوا مستقبلهم وملاذاتهم ووسائل هروبهم منذ أمد بعيد

ان مفترق الطرق، في المدلول السياسي والتاريخي، هو منطقة توازن حساسة وخطيرة لا تتحمل الخطا أو العناد او المراهنة على الحظ. كل الاحتمالات واردة.

في الاحوال العسكرية تبرز لذوي النظر نقاط مجابهة قد تندفع نحو مواقع سيادية (الحدود. انتاج النفط. التعايش الديني.) جنبا الى جنب مع اليات استيعاب النصر والهزيمة.

 وفي الصراع السياسي، كما يجري لدينا ونحن ندخل اخطر تحدّ يتجسد مفترق الطرق في تخبط الاجراءات والمواقف والمضي في إضعاف سلطة الدولة لصالح سلطة السلاح والكيفيات التشريعية والتنفيذية والقانونية، ويتفرع «المفترق» الى احتقانات ورائحة بارود في بيت الاكثرية (الكتلة الاكبر) وفي بيوت اخرى ، وحتى في داخل كل فصيل وحزب وتجمع وعشيرة، فتتراجع هوامش التسويات الى ادنى مساحة لها، فيما تتأزم خطوط الاتصال والصفقات والتعهدات العلنية والسرية بين الزعامات وجماعات النفوذ والمقامات.

السؤال الاستباقي هو: من الذي اوصل العراق الى هذا الحال؟  السؤال(في التحليل الموضوعي) مهم وإشكالي، وينطوي على محاسبات ومراجعات، لكن قبل ذلك يلزم تأشير الخطايا والاخطاء الكثيرة التي ارتكبت ودفعت الملايين العراقية ثمنها الباهض من مواكب القتلى والنزوح والاحتراب والمجاعة والخوف، في وقت ينأى الذي ارتكبوا كل تلك الموبقات عن الاعتراف بما ارتكبوه.

عندما وقف موسوليني في شرفته ورأى روما في مفترق طرق، وعلى شفير الهزيمة التفت الى الكاردينال شوستر يسترشد فيه الى الخطوة القادمة، قال له الرجل الحكيم: “حان الوقت للاعتراف بخطاياك” ومما له مغزى ان طلب الاعتراف هذا جاء متأخرا، فقد كانت روما تعبر مفترق الطرق الى الهزيمة فألسنة النار

ومن غير مبالغة فقد ادخلت المحاصصة الطائفية والاثنية العراق في ما يشبه سلسلة من افلام الرعب، الارهاب المرعب. انتشار الاسلحة والراجمات في الاحياء والشوارع . الفساد والسطو على الثروة الوطنية التعدي على الحقوق والحريات وحق التعبير والمواطنة فضلا عن الاحتقان الطائفي، وبدلا من مصارحة الشعب عما يهدد بلاده فان الرسالة اليومية التي يبعث بها اصحاب السلطة الى الملايين التي تعاني: كل شيء تحت السيطرة.. فيما السيطرة بيد مَن لا سيطرة لهم.

 

 

 


مشاهدات 179
الكاتب عبد المنعم الاعسم
أضيف 2024/12/17 - 4:43 PM
آخر تحديث 2024/12/19 - 8:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 177 الشهر 7988 الكلي 10064083
الوقت الآن
الخميس 2024/12/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير