هل تحاول إسرائيل بعدوانها على لبنان الوصول إلى الليطاني ؟
نجلاء قادر
ربما يتبادر لذهن المتابع للاحداث تلك الاسئلة
فالعدوان الإسرائيلي على لبنان يرتبط بعدة أهداف استراتيجية، من بينها السيطرة على موارد المياه، وهذا ما يجعل نهر الليطاني موضوعاً مهماً. تاريخياً، كانت إسرائيل تسعى للاستفادة من مياه نهر الليطاني لأسباب اقتصادية وأمنية، خاصة أن المياه تعد مورداً حيوياً ومحدوداً في المنطقة.
في الاجتياحات الإسرائيلية للبنان، سواء في عام 1978 أو عام 1982، كان هناك اهتمام إسرائيلي واضح بالسيطرة على مناطق جنوب لبنان، حيث يجري نهر الليطاني. يُعتقد أن هناك نية إسرائيلية للاستفادة من مياه النهر، إلا أن ذلك لم يتحقق بشكل كامل بسبب المقاومة اللبنانية والضغوط الدولية.
انتهاك سيادة
ولا تزال إسرائيل تعتبر أن وجودها الأمني في المناطق القريبة من الليطاني مهم لتحقيق الأمن المائي، لكن السيطرة المباشرة على النهر لم تعد ممكنة، خاصة في ظل وجود قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) والموقف اللبناني الرافض لأي انتهاك للسيادة.
وان السعي الإسرائيلي للسيطرة على نهر الليطاني كان جزءًا من استراتيجيتها خلال العقود الماضية، لكن لا يمكن القول إن الحروب الإسرائيلية الأخيرة كانت فقط من أجل الليطاني. الصراع مع لبنان له أبعاد أكثر تعقيدًا تشمل قضايا الأمن، النفوذ الإقليمي، ومواجهة قوى المقاومة اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله.
إسرائيل تدرك أهمية الليطاني كمصدر مائي، لكنها تواجه قيودًا كبيرة في السعي للسيطرة المباشرة عليه بسبب الأوضاع الجيوسياسية والمقاومة اللبنانية والتواجد الدولي في جنوب لبنان. لذلك، لا يمكن اعتبار أن استمرار العدوان أو التوترات يعود بشكل أساسي لموضوع الليطاني وحده، بل هناك أهداف أمنية وعسكرية أخرى تسعى إسرائيل لتحقيقها، مثل احتواء نفوذ حزب الله والحد من قدراته العسكرية.
كما ان تصفية قادة المقاومة عزز المواجهة ومجابهة الكيان الصهيوني لتحرير فلسطين فلانستطيع الجزم بانه نصر صهيوني
فالقضية الفلسطينية ليست مرتبطة بأفراد بعينهم، بل هي حركة شعبية ووجودية تترسخ في وجدان الشعوب العربية والإسلامية. ورغم الضغوط والتحديات، لا تزال الفصائل المقاومة تجد الدعم الشعبي والتمويل والقدرة على إعادة تنظيم نفسها، مما يجعلها تستمر في المقاومة والنضال من أجل التحرير واستعادة الحقوق.
والقيادات التي تتم تصفيتها تُخلفها قيادات أخرى، وغالباً ما تكون لديهم نفس الالتزام والإصرار، الأمر الذي يعكس مدى تجذر القضية في نفوس المقاومين وأهمية التحرير بالنسبة لهم.
غقود ماضية
ورغم الضربات الموجعة التي تلقتها إسرائيل من المقاومة الفلسطينية واللبنانية على مدى العقود الماضية، من الصعب التكهن بنهاية وشيكة للوجود الصهيوني. الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي معقد ومتجذر وله أبعاد سياسية، عسكرية، واقتصادية، بالإضافة إلى الدعم الدولي الذي تتلقاه إسرائيل من قوى كبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
لكن في المقابل، يمكن القول إن المقاومة أثرت وبشكل كبير على الأوضاع الداخلية في إسرائيل، سواء من خلال تآكل الشعور بالأمن لدى المستوطنين، أو من خلال الأعباء الاقتصادية والعسكرية التي تتحملها نتيجة الحروب المستمرة. هذا الاستنزاف أثر على إسرائيل، وظهرت تحديات داخلية كالانقسامات السياسية والاجتماعية.
اذ ان المقاومة استطاعت أن تُحدث تغييرات مهمة في مسار الصراع، من حيث إعادة تأكيد حق الفلسطينيين في المقاومة، وفرض وجودها كقوة يجب على إسرائيل أن تأخذها بعين الاعتبار. لكن زوال الوجود الصهيوني يتطلب تغييرات استراتيجية أوسع، قد تشمل تحولات في موازين القوى الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى دور الشعوب والأنظمة العربية في هذا الصراع.