أهمية الحل السلمي للنزاعات الدولية

فكري عزيز السورچي

يعتبر الحل السلمي للنزاعات الدولية احدى وسيلتي ضمان السلام العالمي ومنهجاً لتحقيقه الى جانب نظام الامن الجماعي، حيث يقوم على ترضية مفادها ان الحرب التي هي طريقة معتمدة من طرق الدول لحل خلافاتها المتبادلة ستفقد مبرر استعمالها وحتى وجودها، إن هي أي الدول لجأت إلى وسائل وطرق أخرى سلمية للحسم في خلافاتها.

والواقع ان هذه الطريقة للفصل في الخلافات الدولية ليست من ابتكار التنظيم الدولي المعاصر، بل عرفتها المجتمعات البشرية منذ القدم، ففي زمن المدن الاغريقية سجلت اتفاقية تقتضي بأنه في حالة نشوب اي نزاع حول الحدود او شيء آخر فيفصل في النزاع قضائياً، لكن إذا نشب خصام بين مدينة وأخرى من المدن المتحالفة متعهدان برفع الامر إلى احدى المدن التي يرى كل الطرفين انها غير متحيزة.وفي أوربا الحديثة نجد ان الدول التي وقعت على ميثاق باريس لسنة 1856 عبرت عن رغبتها في : ((ان الدول التي قد ينجم بينها سوء تفاهم خطير يجب عليها قبل الاحتكام إلى السلاح أن تلجأ بالقدر الذي تسمح به الظروف الى المساعي الحميدة لدولة صديقة.وهو ما قصدته أيضاً اتفاقية لاهاي لسنة 1907 في مادتها الأولى التي طالبت بتأجيل القتال وفتح المجال للوساطة أو التحقيق على يد لجنة خاصة ان التوجه والتطور في اتجاه التكريس القانوني والالزامي لمبدأ الحل السلمي للخلافات الدولية لم يبلغ أوجه الا مع قيام منظمة الامم المتحدة التي جعل منه ميثاقها مبدأ أساسياً يفرض ضرورة العمل به والالتزام باحكامه على كافة اعضاء المجتمع الدولي، وهذا ما عكسه العديد من مقتضيات ميثاق الامم المتحدة بدءاً من المادة الأولى المخصصة لمقاصد الهيئة وأهدافها، مروراً بالمادة الثانية المتضمنة للمبادئ التي ينبغي ان تحكم العلاقات الدولية وانتهاءً بالفصل السادس الذي تكفل بأكمله ببيان طرق وآليات الحل السلمي للخلافات الدولية حيث قام الميثاق بتفصيل هذا المبدأ تفصيلاً دقيقاً دون غيره من المبادئ الأخرى كما خصص له كدلالة واضحة على أهميته فضلاً كاملاً، وهو الفصل السادس الذي نصت الفقرة الأولى من المادة (33) منه على أنه (يجب على اطراف أي نزاع من شأن استمراره ان يعرض حفظ السلم الامن الدوليين للخطر، وان يلتمسوا حله مبادئ ذي بدء بطريقة المفاوضات والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية.