ماكرون يدعو إلى تشكيل الحكومة الجديدة بعد إنتهاء هدنة الأولمبياد

باريس - سعد المسعودي

أنتهت هدنة الالعاب الأولمبية  التي  طالب بها الرئيس الفرنسي ايمانويل  ماكرون  ودعا رؤساء الكتل النيابية والأحزاب السياسية الممثلة في  البرلمان لإجراء «مشاورات « الجمعة 23 آب/أغسطس بغية  تشكيل حكومة , وأوضح بيان قصر الأليزية  أن «تعيين رئيس الوزراء سيتم في ضوء هذه المشاورات وما سيتم الأتفاق عليه  مع جميع الأطراف ,في حين لم يتم الإفصاح إلى حد الساعة عن اي معلومات حول هوية الشخص الذي سيخلف  رئيس الوزراء الحالي والمنتهية ولايته «غابرييل أتال, وقد  مر شهر على استقالة حكومتة  وما زال الرئيس الفرنسي  ماكرون يتريث في تشكيل حكومته المقبلة، متذرعا بعدم وجود أغلبية واضحة في البرلمان الذي يشهد انقساما بين كتلة يسارية كبيرة، وقوى من التجمع الوطني وحلفائه، وكتلة محسوبة على المعسكر الرئاسي الماكروني , إضافة إلى انشغال  فرنسا بدورة الألعاب الأولمبية.

وفي تعليق له، أكد  القصر الرئاسي في الإليزيه أن «الانتخابات التشريعية الأخيرة أظهرت رغبة الفرنسيين في التغيير وفي تحقيق توافق واسع» وأضاف أن «جميع القادة السياسيين يتحملون مسؤولية العمل على تحقيق هذه الرغبة, وأن الفرنسيين عبّروا خلال الانتخابات التشريعية المبكرة في تموز/يوليو الماضي عن «رغبة في التغيير وفي تجمع واسع»، مبدية أملها مع هذه المشاورات في «المضي قدما نحو تشكيل أوسع غالبية ممكنة وأكثرها استقرارا في خدمة البلاد».

من جهتها، تضغط  الكتلة اليسارية الموحدة في اطار الجبهة الشعبية الجديدة  على ماكرون لتعيين   المسؤولة البارزة «لوسي كاستيه « في منصب رئيس الوزراء  ،كما تخطط الكتل الأربعة المكونة للجبهة «الاشتراكيون، فرنسا الآبية، الشيوعيون وحزب الخضر» للتوجه معا إلى اجتماع يوم  23 أغسطس/آب مع « لوسي كاستيه»  بحسب ما صرح به مانويل بومبارد منسق حزب فرنسا الأبية, مستندا في ذلك إلى غالبيته النسبية التي تعد 193 نائبا.

              موعد نهائي

في المقابل، سبق لرئيس الكتلة الماكرونية في مجلس الشيوخ «فرانسوا باتريا « أن توقع أن يتم تعيين رئيس الوزراء الجديد إما في بداية سبتمبر/أيلول المقبل أو في نهاية أغسطس/آب الجاري .

وأشار إلى أن «هناك موعدا نهائيا لا مفر منه في 15 سبتمبر/أيلول، حيث يتعين تقديم ميزانية الدولة للسنة، ولذلك يجب أن يتم تشكيل الحكومة قبل ذلك».

وسبق للرئيس ماكرون قد أشار في 23 يوليو/تموز، قبيل انطلاق الألعاب الأولمبية، إلى أن التعيين قد يحدث في «منتصف أغسطس» بعد انتهاء «الهدنة» التي فرضته دورة الالعاب الالومبية الباريسية .

*ماذا يعني  لرئيسة الوزراء  المقبلة  أن تكون متزوجة من أمرأة؟

في مقابلة نشرتها اسبوعية  مجلة «باري ماتش»، كشفت مرشحة «الجبهة الشعبية الجديدة» لمنصب رئاسة الوزراء الفرنسية لوسي كاستيتس، عن ميولها الجنسية، وصرحت بأنها متزوجة من امرأة.

منذ هذا الإفصاح، أكد أشخاص عدة (خصوصا الناخبين اليمينيين) أن هذه المعلومة يجب أن تظل «خاصة»، الأمر الذي يبرر طرح السؤال التالي: هل أصبح الإفصاح عن الميول الجنسية عندما يكون المرء شخصية سياسية «حدثا غير مهم؟».

بعيداً عن كونه «حدث غير مهم»، بحسب تعبير برتران ديلانويه عمدة باريس سابقا، والذي أفصح عن ميوله الجنسية منذ أكثر من 20 عاما، يبدو أن هذا لا يزال حدثا مهما حتى اليوم.

ولكن لماذا لا يزال من الصعب الإفصاح عن الميول الجنسية في السياسة؟ لا يجب التسرع، يقول محللون.. استغرق الأمر 25 عاما منذ أول إفصاح لرجل سياسي، ديلانويه نفسه، عن ميوله الجنسية. واليوم هناك غابريال أتال، أول رئيس وزراء مثلي الجنس بشكل علني. والآن إذا وصلت لوسي كاستيتس إلى هذا المنصب، فستكون أول امرأة رئيسة للوزراء ومثلية. لذا، نعم، «يجب أن نواصل هذا الطريق نحو التطبيع الذي نتطلع إليه حتى يصبح بالفعل حدثا غير مهم. لكن هذا يظل هدفا أكثر منه حقيقة»، يقول توماس فامبوي مدير تحرير مجلة «20 دقيقة» مهما يكن من أمر، سيظل الإفصاح عن الميول الجنسية للعاملين في السياسة حدثًا مهمًا.

ميول جنسية

*لماذا من المهم الإفصاح عن الميول الجنسية كسياسية؟

الأمر مهم لعدة أسباب» يجيب فامبوي  أولاً، في حالة لوسي كاستيتس هذا الكشف له ثقله. فهذا يُظهر أننا نعيش في مجتمع يمكن فيه الإفصاح عن الميول الجنسية دون أن يدمر ذلك مسيرة الشخص المهنية. هذا ما أثبته برتراند ديلانويه في ذلك الوقت. كان يخشى أن تكون ميوله الجنسية عائقًا أمام انتخابه ومسيرته السياسية. غير أن كل شيء مرّ بسلاسة ولكن هذا لا يعني أن البساط مفروش بالورود أمام من يرغب في الإفصاح عن ميوله. هناك شيء ما يجب إثباته في كل مرة.. في كل مرحلة».

«أضف إلى ذلك»، يتابع فامبوي، «حقيقة وجود أشخاص في هذا المستوى من المسؤولية وهم مثليون بشكل علني، هو أيضًا رسالة موجهة إلى الجمهور العريض كباراً وصغارا».

يذكر مدير تحرير مجلة «20 دقيقة» إليزابيث بورن، عندما كانت رئيسة للوزراء، واعتبرت أن وصولها كامرأة إلى هذا المنصب هو رسالة قوية موجهة إلى جميع الفتيات الصغيرات. الأمر نفسه ينطبق على لوسي كاستيتس، إذ يقول خبراء علم اجتماع «أن تعلن عن مثليتك في مجتمع يتم فيه التمييز ضد المثليين مقارنة بمجتمع يمكن فيه أن تكون رئيسًا أو رئيسة للوزراء ومثليا، فهذا يترك تأثيراً على مجتمع بأسره».

من هي رئيسة وزراء فرنسا المقبلة لوسي كاستيتس؟

لوسي كاستيتس من مواليد مارس (آذار) من عام 1987، ولدت في مدينة كون الواقعة شمال غربي فرنسا، تخرّجت في «سيانس بو» المدرسة الوطنية للإدارة في باريس، وهي نفس المدرسة المرموقة التي تخرج منها ماكرون وكوادر الدولة الفرنسية .وهي موظفة غير معروفة وتعمل كاستيتس موظّفة في  باريس مديرةً للتمويل والمشتريات وهي خبيرة أقتصادية ، وخبيرة في مكافحة التهرب الضريبي والجرائم المالية.

وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2022، لفتت الانتباه خلال مناظرة تلفزيونية مع ستانيسلاس غيريني، السياسي الذي شغل منصب وزير الخدمات العامة في حكومة إليزابيث بورن»رئيسة الوزراء السابقة»  إذ انتقدت استخدام إدارة ماكرون لشركات الاستشارات. وقالت المرشّحة الشابة إن إحدى أولوياتها القصوى ستكون إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي دفع به ماكرون في عام 2023، ما أثار احتجاجات واسعة النطاق واستياءً، فضلاً عن إصلاح ضريبي كبير، حتى يدفع جميع الفرنسيين نصيبهم العادل.

يُشار إلى أن الإجماع على ترشيح كاستيتس قد يضع حداً للصراعات الداخلية في التجمع المنقسم بين الاشتراكيين والخضر والحزب الشيوعي وحزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي، في انتظار تخطّي العقبات القائمة، قبل أن يتسنّى تنصيب كاستيتس على رأس حكومة يسارية جديدة محتملة بعد دورة الألعاب الأولمبية فيما سيبقى رئيس الوزراء غابرييل أتال ووزراؤه في مناصبهم بصفة مؤقتةلحين اختيار رئيس او رئيسة وزراء جديد.