فاتح عبد السلام
هناك دول باتت السياحة فيها ذات صفة طبية، اذ تقصد وفود السياح بلدا هنا وهناك بكثافة للإفادة من الخدمات الطبية والجراحية المتاحة بسهولة ومن دون مواعيد طويلة وتعقيدات ولعل الأردن مثال عربي، في تلك الزيارات السياحة الطبية الكثيفة من العرب لاسيما من دول الخليج وشمال افريقيا أيضا.
وفي السعودية والعراق مواسم دينية معروفة، من الممكن ان نطلق على تلك المواسم السياحة الدينية، اذ يكون الى جانب أداء طقوس دينية معينة القيام بزيارة أماكن اثرية وتاريخية وترفيهية ايضاً.
لكن مفهوم السياحة في العراق خارج الذي ذكرناه لايزال متخلفا وغير مواكب لحركة السياحة في العالم ، اذ تجهل الجهات المختصة التي يبدو انها غائبة وغير معنية بالتطور المطلوب، كل الصيغ الواجب ابتكارها من اجل توسيع نطاق مفهوم السياحة وجذب السياح الأجانب الى البلد الذي يعد من اقدم بلدان العالم، وفيه سحر الحضارات القديمة بما يفوق في جوانب عدة حضارة الفراعنة التي تفيد مصر منها كثيراً على أوسع نطاق سياحي عالمي.
في العراق إمكانية كبيرة لإقامة سياحة صيد من الممكن ان تتوافد قوافل السياح من دول عدة لاسيما في الخليج، بما يوفر دخلا وطنيا جديدا من العملات الصعبة. لكن هذه الامكانية لا تزال اقل من النظرية حتى ولا يفكر بها أحد فضلا عن العمل لتنفيذها.
غياب وجود وزارة للسياحة، يقودها من يفهم بتجارب السياحة في العالم والحريص على جلب الدخل الجديد للبلد، هو السبب الرئيس في ضياع هذا القطاع من أيدينا.
المسألة ليست متعلقة بوزير الثقافة والسياحة والاثار الحالي الذي يبدو انه من الذين ” يحسبون كل صيحة عليهم” ، ولا يتفاعلون إيجابا مع المقترحات التي وردت في “توقيعاتي” السابقة، وهذا متوقع عندي كثيراً فـ”أسعار” الوزراء واحدة في الانفتاح على المجدي والمفيد خارج التوافقات والسقوف الحزبية الخفيضة، وانما بالنهج الواجب اتباعه من اجل عراق حضاري جديد، يشرع في مرحلة جديدة من الحياة بعد عقود من الحروب والفوضى والغفلة والإهمال.
السياحة لا تعني منح التراخيص لمطاعم ونواد وترخيصها، هناك رؤية أوسع يمكن من خلالها الاطلال على المشهد المستحق لقيام نهضة في قطاع السياحة تناسب اسم العراق ، تكون فيها وزارة السياحة المفترض ولادتها النواة في الإدارة الفنية، بالاشتراك مع وزارات أخرى لا غنى عنها مثل وزارة الداخلية ووزارة الخارجية وموسسات إعلامية.
واقع السياحة محزن ومبكٍ، ولا تشعر بهذه المرارة الا عندما تتحدث مع شركة سياحية في لندن أو باريس أو نيويورك او دولة عربية، ويستغربون من انك تريد عنوة ان تقرن بين العراق والسياحة، ذلك أمر مؤلم ، ولكن ما لجرح بميت ايلام .
رئيس التحرير-الطبعة الدولية