فاتح عبد السلام
هناك أصوات سياسية داخلية تطلق مصطلح “الضغوط” على المطالب الامريكية بفك الارتباط العراقي بملفات حسّاسة مع إيران. والمسألة في المنظار الأمريكي ترتبط بقضايا مصالح خاصة واستراتيجية، تخص سياسة أمريكية محددة إزاء ايران، ولا يمكن لدول أخرى ان تتدخل فيها فوق الطاولة أو تحتها، والا دفعت الثمن، وصورة العراق في العين الامريكية ليست جميلة ولعلها مبعث قلق بالرغم من التطمينات الكثيرة التي ساقتها الحكومة والقوى المعنية لتوكيد استقلالية البلد خارج دائرة أجندة ” المحور” الذي تقوده ايران، لكن ذلك الامر كان في حاجة الى خطوات عملية واجرائية ملموسة تقنع الأمريكيين ولا تتركهم امام غموض مخيب للآمال يدفعهم الى اتخاذ قرارات ستعود بالويل ليس على قوى سياسية حاكمة لكن على مستقبل اقتصاد العراق وعلاقاته الدولية ، والبلد لم يعرف العافية أصلا خلال عقدين من الزمان، كانت كافية لنقله الى بلد متطور لو توافرت له إرادة وطنية لم تلعب بها رياح الخارج وفساد الداخل وغياب الهوية .
هناك عراقيون غاضبون، وهم بالملايين، يقولون لتنزل العقوبات الامريكية لعلها تزيل الطبقات الفاسدة التي قادت البلد الى التردي المستمر سنة بعد أخرى. وبعض العراقيين يتصور انّ العقوبات ستلغي العمولات التي يتقاضاها مسؤولون من مشاريع ومقاولات الدولة، وبعضها لا يزال حبراً على ورق، والعمولة تنزل بالجيب قبل التنفيذ.
في حين انّ اية عقوبة أمريكية اذا جرى فرضها على العراق ستحطم اقتصاده للابد، لأنّ بنية البلد الاستهلاكية الممزوجة بأخطبوط الفاسدين لن تتيح فرصة للنجاة ابداً، كما انّ الحكومات والقوى الحاكمة مهما بدت قوية فهي زائلة وانّ العقوبات سيحملها البلد على كاهله جيلا بعد جيل، ورأينا سوريا الان تكافح لإزالة عقوبات دولية سبق ان فرضت على نظام زائل وزالت مسبباتها، كما انّ عقوبات البند السابع لا تزال تلاحق العراق منذ عقود.
العقوبات لو وقعت على العراق، لن تكون أداة للتغيير السياسي، وانّما ستكون سبيلا لتكريس نظام ضعيف هش غير مؤثر في محيطه الإقليمي وعاجز عن أداء الاستحقاقات الداخلية.