رجال المكارم ومكارم الرجال
حسين الصدر
-1-
في كتب التاريخ والادب حكاياتٌ وقصص لرجالٍ نبلاء يمكن أنْ نسميهم برجال المكارم، يبادرون – وبكل أريحيّة – الى إغاثة الملهوفين وإعانة أصحاب الحاجة ولا ينتظرون منهم شيئاً على الاطلاق وانما هم يُزينُونَ بذلك صفحات أعمالهم لِتُثقّلَ حسناتُهم كفةَ الميزان .
-2-
ورجال المكارم محبوبون، تُثني عليهم الألسنة، وتتحدث بنبلهم وشهامتهم المجالس والمحافل .
-3 –
وهم موجودون في كل عصر من الزمان وفي كل بقعةٍ من بقاع الأرض ، ولا يصح على الاطلاق نفي النزعة الخيرة الكامنة في نفوس النبلاء والأطياب .
إنّ الانانية والزهد بالمعروف عند الكثرة الكاثرة من الناس لا يُسوّغان الحُكم السلبي على جميع الناس ، فالى جانب الأكثرية أقليّة متميزة باخلاقيتها العالية ومواقفها السامية .
-4-
ومن جميل الحكايات في هذا الباب ما رَوَاهُ أبو حسان الزّيادي قال :
« مُطرنا مطراً شديداً فأقمتُ في المسجد للصلاة ، فاذا انا بشخص حيالي اذا أطرقتُ نظر اليّ ، واذا رفعتُ رأسي أطرق ،
فعل هذا مرات ،
فدعوتُ به وقلتُ ما شأنك ؟
فقال ملهوفاً :
أنا رجل متجمل ،
جاء هذا المطر فسقط بيتي ،
ولا واللهِ ما أقدر على بنيانه ،
قال :
فأقبلت أفكر مَنْ له ؟
فخطر ببالي غسّان بن عيّاد
فركبتُ اليه معه وذكرتُ له شأنه فقال :
دخلتني رقة ،
هاهنا عشرة آلاف درهم قد كنت أريد تفرقتها ، فأنا أدفعها إليه ..»
تاريخ بغداد / 7 / 371 – 372
أرأيتَ كيف سعى أبو حسان الزّيادي لإنقاذ الرجل الذي كان قد أسقط المطر بيته ؟
انّ الدال على الخير كفاعله، ومن جميل الخصال ومكارم الاخلاق العناية والاهتمام بالفقراء والمستضعفين، والسعي لقضاء حاجاتهم، ثم إنّ مسارعة (غسّان بن عبّاد ) لدفع المبلغ الوافي لسد حاجة الرجل اللهفان هي الأخرى مكرمة ملحوظة جديرة بالثناء والتقدير .
لقد دفع اليه المال وهو لا يعرفه ...
وقد تفاعل لرقته مع الحدث، وقام بِسدِ الحاجة دون ابطاء او تأخير .
وبمثل هذه الروح روح المحبة والتعاون والتكافل والتراحم بيننا يمكن أنْ نُعّمِق السلم المجتمعي، ونتجنب الكثير من الاضطرابات والاهتزازات
وهنا يكمن الدرس .