سور أسير
حسين آل شبانه
عجز سور الصين عن حماية البلد من الأعداء، برغم كونه واحدة من عجائب الدنيا السبع؛ لأنه محصن كحجارة صماء، لكن الروح النابضة في الحجر، هي الإنسان، وعندما تمكن الأعداء من إستمالة حرس البوابات؛ إخترقوا الأحجار الصماء وركّعوا منعتها.. أسر الأعداء قوة السور وتحول عنصر أرجحية لهم بدلاً من حماية أهله؛ لأن الصينيين نصّبوا على منافذ السور جيشاً لم يبنَ عقائدياً؛ فإتجاب للرشوة فاتحاً أبواب الوطن للأعداء!
تجربة طلائع
والإتعاظ بخسارات الماضي وإقتداء مناهج نجاحاته، صفة حيوية في الإنسان ذي الوعي المرن؛ لذا نستعير من حقبة السبعينيات في العراق، تجربة الطلائع والفتوة ومراكز الشباب التي تخرج فيها علماء أكاديميون وأدباء وفنانون وإعلاميون وقادة عسكريون، أتت أُكُلَها من الثمانينيات الى الآن، حيث تبلورت أسماء ومشاريع مهمة في ميادين الحياة.. داخل وخارج العراق، إنطلاقاً من بلد أحسن تنشئة أبنائه على روح المواطنة التي وظفت مواهبهم في خدمة العراق؛ ذلك لأن مناهج العمل الميداني في سبعينيات العراق، بعد تأميم النفط 1 حزيران 1971إرتكزت على قاعدة إقتصادية راسخة وأمان مطلق وتعليم مثالي شهدت به المحافل العالمية المعنية...
ومن ثوابت علم الإجتماع أن إدارة المجتمعات تجري بمجسين متوازيين.. الرفاه الإقتصادي والثقافة الرصينة.. وهذا تحقق في السبعينيات تماماً.
ولعبور الأزمة الفوقية في أخلاق النخبة المتسلطة على عراق 2003 تنشر الفساد وتحجم النزاهة، لا بد من إقصائهم وإحلال شخصيات تربوية وإقتصادية وسياسية وخدمية وثقافية ورياضية وفنية، بإحدى طريقتين.. الثورة التقليدية كما يحصل في تقويض الأنظمة الفاسدة وإحلال أفسد منها، أو بتدويل المشكلة والمجيء بشخصيات دولية ترشحهم الأمم المتحدة، التي تحول العراق من حكم نيابي ورئيس وزراء وكابينة أولى إشتراطات الإستيزار فيها، أنه يكون المرشح ذا سوابق غير شريفة، الى حكم رئاسي يتسنمه شخص «حديدة عن الطنطل» ويقبض مفسدون عالميون على شؤون بلاد «ما تصير لها جارة» لأن «كيف تكونوا يولى عليكم» ومنظومة السلطة في العراق الراهن، خلاصة شر الشخصية القميئة، أما النزيهون المتمتعون بأخلاق الفرسان؛ فأقصاهم الفاسدون بإرادة إيرانية وإسرائيلية وأمريكية نسقت شرها.. مستطيراً.. في العراق.
منهج ادائي
كي ننسف ما ورد من سطور مضت في هذا المقال، الحل هو الجمع بين أكثر من منهج أدائي، بإستعارة منظومة السبعينيات، مع حساب فارق التطور الألكتروني والرؤى القيمية وترسبات الإعتقال والسجون وغياهب الحياة البعراقية المضطرمة منذ إنقلاب 1958 العاصف دماً وإنهياراً دستورياً والحروب والحصار.. العقوبات الدولية والإحتلال والفساد. في السبعينيات تماهى الشعب مع الحكومة، كعنصرين من الأساسيات الثلاثة لتحقق نصاب الدولة.. الشعب والسيادة والأرض، من خلال إطلاق فرص العمل مشرعة أمام الجميع.. كل حسب مؤهلاته.. لا غبن، برعاية تشكيلات الطلائع والفتوة وإحتضان مراكز الشباب، أسفرت عن شعب متفتح ومسؤول يجيد قيادة الذات وبناء الإنسان وفق معايير تعليمية إنفرطت الآن الى أن «دكت بالكاع» والطلبة يفترشون الأرض.. كل يجيء بـ «مندر» من بيتهم يجلس عليه والمعلم يشرح من دون سبورة.. وسائل الإيضاح بين يديه: رحمة الله أو نقمة الشيطان لا فرق في عراق تماهت فيه الأضداد!فلنستعير مناهج ناجعة (أي مجربة ونجحت) لتطبيقها بوحدات ومفاهيم ومستجدات الراهن والتداخلات المحدقة به.