لمن تقرع الاجراس؟
بطل من هذا الزمان
هاشم حسن التميمي
يكاد المرء وسط هذا الضحيج الانتخابي الذي ابتلع الترليونات ان يفقد بوصلة اتجاهاته ،بل صواب عقله وقراره لكن ثمة بصيص من امل وسط طوفان القطيع الانتخابي فتظهر قلة لا يزيد عددها على اصابع الكف الواحدة تستحق ان تقول لها نعم وتقول كلا لحشد المناصب والمكاسب.
ليس من طبعنا ان نتوقف عند شخص ما للاشادة فيه وتقييم ما قام فيه ولكن حين تتحول بعض الحالات الفردية لنهج وسلوك نتمنى انتشارة وتكريسه عند الاغلبية يستوجب الامر مهنيا ووطنيا واخلاقيا ومن اجل التاريخ والانصاف التوقف وتسليط الضوء على هذا السلوك الذي تجاوز الصفات الشخصية ليعبر عن اداء يفترض ان يتمتع فيه كل مسؤول للخدمة العامة وكل اعلامي غيور على وطنه ومهنته وكل نائب في مجلس النواب يفترض انه يمثل ضمير الشعب وتطلعاته ويصبح عين رصد ورقابة تلاحق الفساد في مكامنه وزواياه بدون خوف وتردد وينقض عليهم في عقر دارهم مثلما بنقض النسر العتيد على فريسته، هكذا كان النائب المستقل امير المعموري طيلة فترة عمله في الدورة الانتخابية الحاليه مكرسا ليله ونهاره لخدمة مسيرة الاصلاح…، لم التقه ولم اتعرف عليه شخصيا لكنني كنت اتابع نشاطاته واشهد امام الله انها اتسمت بالبعد الموضوعي والاستقصائي الميداني العميق فلكل مدان وثيقة ووقائع يقرها التحقيق الجنائي ويعول عليها قاضي النزاهة الشجاع المحايد، وهذا العمل الاستقصائي الذي افتقدناه في عمل اجهزتنا الامنية والرقابية وحتى الصحافة التي انشغلت بالتفاهة وبالاخبار التي تروج لتربح ولا تنتقد وتخسر حظوة ومكافات وامتيازات اصحاب المعالي. الا قلة قليلة تمسكت باخلاق ومعايير المهنة فاستحقوا الاحترام والتقدير .
اشهد ان المعموري كان صادقا وموضوعيا في رصده وتحليله فقد ترفع عن التشهير الشخصي ودوافع التسقيط وعجزت الاجهزة المعنية متابعة خطواته السريعة لاسناده بالحماية والقرار القضائي والحكومي وحتى النيابي الا ماندر، ومن ذلك فضيحة ملف الحصة التموينية وعقدنا المشبوه الذي يختلس مئات المليارات شهريا من قوت المواطن فضلا عن التفريط باراضي واصول وزارة التجارة وعلى الرغم من ذلك واصل المعموري المشوار ليكشف المستور في كل الوزارات والرئاسات وقدم التضحيات وتحمل شتى انواع الضغوطات والتهديدات ورفض كل المغريات والمساومات ،ولم يتحدث عنها تعففا وانتظر ادوار الاجهزة المتعددة لتوجيه ضربة بيد من حديد ونار لرموز الفساد كما توعدهم اصحاب المعالي ولم يفعلوها وحين فعلها هذا النائب الشجاع… امتدت يد العفو والسماح بل الحنان والاحتضان لحرامية ومزوري القرن فوفروا لهم الملاذ الامن والتاهيل الكامل بدلا من القصاص العادل وهذا ماتفعله ديمقراطيتنا المزيفة وعرسها الانتخابي فهو كما يقول المثل الشعبي ( عرس واويه وحرامية..!)
نعم يستحق المعموري احترام الشعب وارفع انواع الاوسمة لما فعله بينما المئات من اقرانه النواب يقبضون ويتفرجون ويتصيدون للامتيازات غير المشروعة بل المختلسة من افواه فقراء الوطن… وينفقونها على العاهرات والبلوكرات والليالي الحمر ..والدليل ان هذا النائب المثالي اعاد لخزينة الدولة قرابة المليار تمثل مخصصات سكن واجور حراس لكل نائب وجدها مبالغ فيها واعترض على الراتب والمخصصات لكن الجهات المعنية كانت مستغربة بل و منساقة ومؤيدة لنهب النواب للمال العام.
وليس غريبا ان يمتنع هذا النائب الحريص والشريف بعد كل ما انجزه في محاربة الفساد وما لمسه من تامر وتواطؤ على بيع الوطن وثرواته ومقدراته وتاريخه العريق ان يمتنع ويرفض الترشيح مجددا والتعفف عن الانسياق في المهرجان الانتخابي المزيف فبالتاكيد ان ضميره يشعر بالاغتراب وسط هذا الخراب ويعتذر للانخراط بقطيع الامتيازات والنفاق….ويحق للمعموري وامثاله الشعور بالمرارة لتراخي بل تراضي احهزة العدالة والحكومة مع المجرمين واخشى ان يمتد الشعور بالاحباط عند كل المخلصين من امكانية التغيير لمسايرة الجماهير ونقص وعيها وغسيل عقولها بماء الطائفية والعشائرية فنراهم يتسابقون الان لاكل الثريد وكانهم مثل المحاصرين في غزة والفاشر واطلاق الزغاريد في العرس الانتخابي لابن العم والمستثمر الهمام وبنات السياكون والبوتكس والشفاه المنفخوة ومن تسيد المجالس بالعمامة واشترى المشيخة باللواكةوالتقط الصور مع من صدق نفسه انه رجل دولة وزعيم… وهو يعلم انه مجردواحهات لاصحاب النفوذ في الداخل والخارج وان بيدق الشطرنح اكثر قدرة واقتدار ا من دمى المحاصصة والرعاية الدولية والاقليمية..!طوبا للمعموري وامثاله ان عثرنا عليهم وسط هذا الركام الديمقراطي المزيف وبهذه العروض البهلوانية بالبالونات والطيارات المسيرة واللوحات الاعلانية التي شوهت الشوارع واثارت غضب الناس ، ولسان حالهم يقول من اين لكم هذا يا ابناء ( ونترك الوصف لمظفر النواب والشاعر الراحل موفق محمد).