الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العيد ربيع الأيام

بواسطة azzaman

العيد ربيع الأيام

غزاي درع الطائي

العيد يوم ولكنه ليس كسائر الأيام، فمنزلته بين الأيام كمنزلة الربيع بين الفصول، زينته التهليل والتكبير والتحميد، وسداه التواصل والتواد والتراحم، ولُحمته الاجتماع على الخير والسعي إليه تحت كل الظروف، العيد: وصل ما نقطع، وشدّ ما انحل أو تراخى، وترميم ما أكلت الأيام من جرفه بتضارباتها وتقلباتها، وهو فرصة لإنبات المودة بين الجميع وإذابة الخلافات ومحو الخصومات، وهو لقاء وليس جفاءً، العيد: أن نكون متماسكين، متوادّين، متراحمين، متمسكين بأعرافنا وقيمنا الأصيلة، معتصمين بحبل الله، متزاورين، ذاكرين غير ناسين، وقد قال رسولنا الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم): (الزيارة تُنبت المودة)، وقال الإمام علي (كرم الله وجهه): (زوروا في الله، وجالسوا في الله، وأعطوا في الله، وامنعوا في الله، وزايلوا أعداء الله، وواصلوا أولياء الله).    

العيد مناسبة سنوية لتجديد العلاقات الكريمة الطيبة بين الأهل والأقرباء والأصدقاء والمعارف ومع عامة الناس، وفرصة لتجديد التحاب والتوادد، وتعزيز الصلات بكل أنواعها، ولسقي حدائق المودة وبساتين الألفة وحقول التصالح بكل ما يجعلها زاهرة زاهية ، وتعزيز صلة الرحم، صلة الرحم هي صلة الرحمة، وعلينا أن لا نبخل على أحبائنا الذين في المقابر بزيارتهم فندعو لهم بالرحمة والمغفرة، ولا نقصر في ذكرهم ذكرا حسنا، العيد للجميع، للناس بكل مشاربهم وللحدائق بكل ألوانها وللبساتين بكل أشجارها وللحقول بكل سعتها وللطيور بكل أشكالها، العيد للجميع، إنه يوم للفقراء والمساكين واليتامى والأرامل والمحتاجين والمتعففين، يوم للصغار وهم منشغلون بملابسهم الجديدة ولعبهم المختلفة وألعابهم المتجددة، يوم للكبار وهو منشغلون بتجديد الأواصر وتعميق العلاقات وطي الصفحات المضطربة، العيد للجميع، وهو يوم للوطن، لوحدته ونصرته ومحبته، جعله الله قويا غنيا مرفها وبعيدا عن الفساد والإرهاب والمحن.

العيد ننتظره ونعيشه بجوارحنا، وهو المناسبة التي تجعلنا متشاركين في شعور واحد، ومرتبطين بعرى التعاضد والتعاون من غير تفريط  أو تهاون، وإنها لمناسبة لا يمكن تفويتها لتذكُّر أهلنا في غزة، الذين تهدمت منازلهم تحت القصف العدواني الذي لم يرحم أحدا، وأصبحوا نازحين تحت وطأة ظروف معيشية وصحية وبيئية عصيبة، واستُشهد منهم أكثر من 37 ألف شهيد، وجُرح منهم أكثر من 85 ألف جريح، فضلا عن الأعداد الغفيرة من المفقودين، ونسأل الله العلي القدير أن ينصرهم على أعدائهم ويقوي عزائمهم على الصبر والصمود والتحمل، 

يقول الأزهريّ في (تهذيب اللّغة) عن معنى العيد: (والعيد عند العرب: الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن)، ونسأل الله سبحانه أن يجعل عيدنا الوقت الذي يعود فيه الفرح ويفر منه الحزن، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين، وعلى من سار على هديه إلى يوم الدين.

 

 


مشاهدات 207
الكاتب غزاي درع الطائي
أضيف 2024/06/15 - 3:58 AM
آخر تحديث 2024/06/28 - 10:47 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 369 الشهر 11493 الكلي 9362030
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير