عنزة ولو طارت
فاتح عبد السلام
هناك مثل تقوله الشعوب بصيغ مختلفة، ولكن أجمل صيغة له هي:» عنزة ولو طارت». وهذا المثل ينطبق على الانتخابات البرلمانية في العراق كونها ذات حصص مستقرة ومرسومة، لا تتجاوز ضفة على ضفة ولا يعبر جسر من فوق جسر وكل في مساره ماض. لكن هناك تنافس داخلي بين المكونات من اجل تصدر المشهد وتحقيق الزعامة. اذ مهما حدث من نيل أصوات مرتفعة او منخفضة فإنّ الخارطة السياسية لا تتغير مطلقاً، ولذلك أسباب كثيرة، لم يعد الكلام مجديا في الخوض فيها. كيفما ستكون النتائج البرلمانية فإنك يمكن ان تقول انها ذات العنزة، حتى لو خيّل لأحدنا انها تطير.
والأخطر من ذلك هو ما تفرزه تلك الانتخابات بمواصفاتها الثابتة غير القابلة للتغيير من تشكيلات وزارية وحكومية مكتسبة لنفس صفات تلك العنزة اذا طارت أو لم تطر؟
ماهو الحل في هذه الحالة؟ ولماذا نسأل هذا السؤال أصلاً، وكأن أحدا في العملية السياسية معني بإيجاد حل او انه يرى في الأساس وجود مشكلة من هذا النوع، فالمقسوم المعلوم هي أساس الربح والخسارة، ولا علاقة لأصوات الناخبين بالمعايير.
مادامت الحالة السياسية ثلاثية الاضطلاع والابعاد مستقرة ومستمرة في البلاد ، فإنّ الاتجاه لتأسيس مجلس اعيان مخول الصلاحيات هو مسار نوعي قد يحرك المياه الراكدة ، أو المضي مع الرأي الذي يقول اننا لسنا في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا او السويد أو المانيا ، وانّ «ديمقراطيتنا» التي لا نعرفها الا كل اربع سنوات مرة واحدة عبر الترشيح والتصويت، انّما هي ديمقراطية مصنعة لعبور مرحلة دولية اكثر منها محلية وهي مقحمة على واقع سياسي غير ديمقراطي اصلاً، لذلك يمكن ان تكون قابلة لكي تتحول أسلوباً محلياً في الحياة السياسية التقاسمية، من دون أن نبالغ كثيراً و يضحك أحدنا على نفسه ، ومن دون ان تضحك الدول علينا أيضاً وهي ترى الحقيقة كل مرة، وأن نتجه الى اجتماع المكونات الثلاث وتقديم كل طرف اعداداً من النواب يشغلون حصته الثابتة والمستقرة أبد الآبدين، وإن وُجدت خلافات بسيطة حول مقعدين أو ثلاثة فيمكن تسويتها بالتراضي والتوافق والمنح . وبذلك نوفر للبلاد نصف مليار دولار واكثر مصاريف اجراء الانتخابات ونغلق باباً من أبواب الشبهات والفساد، كما نوفر نوعية مختارة وجيدة ومسؤولة من الكفاءات المرشحة لشغل المقعد من دون أن يصاب البلد كله بالخجل من بعض الوجوه التي ترافق المسيرة النيابية كل دورة.
fatihabdulsalam@hotmail.com
رئيس التحرير-الطبعة الدولية